روس تباحث مع موردخاي في ميامي ويلتقي عرفات اليوم في رام الله مبادرة واشنطن نسخة منقحة من أفكار نتانياهو

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأ منسق السلام الامريكي دنيس روس مهمته الشرق اوسطية مبكرا جدا امس بعقد اجتماع في ميامي مع وزير الحرب الاسرائيلي اسحق موردخاي الذي سعى للترويج لعرض الانسحاب من جنوب لبنان. وجاءت البداية المبكرة لجولة روس الذي سيلتقي الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات اليوم في رام الله متزامنة مع الكشف عن سيناريو امريكي جديد لحل القضية الفلسطينية نهائيا وتخفيف اسرائيل من تشددها فيما يتعلق بالانسحاب . وافادت الانباء ان هناك عرضا جديدا قدمه رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو إلى الرئيس الامريكي بيل كلينتون وصف بأنه حل وسط بشأن الانسحاب من الضفة. وقالت مصادر امريكية في واشنطن ان جوهر المبادرة الامريكية لا يعدو كونه تطويرا منقحا لافكار سبق لنتانياهو طرحها. من جهة اخرى يواصل مسؤولو الادارة الامريكية دراسة مقترحات قدمها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو للانسحاب من جزء من اراضي الضفة الغربية في محاولة لتحريك عملية السلام المتوقفة حاليا, وهو الانسحاب الذي يقل عما اقترحته ادارة الرئيس كلينتون في الماضي. وكان نتانياهو قد قدم عرضه في رسالة بعث بها إلى الرئيس الامريكي قبل ايام اعقبتها مكالمتان مطولتان بين كلينتون ونتانياهو يومي الخميس والسبت الماضيين, ومع ان المسؤولين الامريكيين لم يعلقوا بشكل رسمي على تلك المقترحات, فان الرئيس كلينتون على ما يبدو لمس نوعا من التحرك في هذا العرض الامر الذي دفعه إلى ارسال منسق عملية السلام دنيس روس ومساعده آرون ميللر إلى المنطقة بعد ان كان كلينتون يعارض اصلا مثل تلك الزيارة. وذكرت مصادر مطلعة ان اقتراح نتانياهو يتضمن انسحابا يقل عن 13.1% من اراضي الضفة الغربية, وهي النسبة التي اقترحتها (الخطة) الامريكية التي تردد الحديث عنها في الآونة الاخيرة, ولكنه يزيد عن نسبة 9% التي وافق عليها نتانياهو اصلا, وتشمل اقتراحات نتانياهو الانسحاب من اراض مترابطة, وهو ما كانت القيادة الفلسطينية تشدد دوما عليه. ورفض بروس رايديل, مسؤول قسم الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي الامريكي, الذي كان يتحدث في واشنطن صباح امس في محاضرة نظمتها الجمعية الوطنية للعرب الامريكيين, التعليق على تفاصيل اي خطة امريكية, لكنه ذكر ان الولايات المتحدة (وضعت افكارا على الطاولة) وان دنيس روس سيسعى خلال زيارته إلى وضع اللمسات الاخيرة عليها ومن ثم سيقدم تقريرا للرئيس كلينتون بشأن مواقف الاطراف المختلفة. وقال رايديل, الذي سينضم في وقت لاحق إلى روس في زيارته إلى المنطقة, ان الادارة الامريكية عرضت على الاطراف في يناير الماضي بعض الافكار المتعلقة بسبل تحريك عملية السلام, استنادا إلى اربعة اسس: مبدأ التوقف عن اتخاذ الاجراءات احادية الجانب, ومبدأ اعادة الانتشار من الاراضي الفلسطينية, والاجراءات الامنية, والتعجيل في محادثات الوضع النهائي, مضيفا ان الازمة الاخيرة مع العراق اخرت المضي في هذه المسألة, لكن الادارة ستستأنف جهودها الآن. وذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) الصادرة امس ان الادارة الامريكية كانت على وشك الاعلان خلال الايام القليلة المقبلة على خطة تفصيلية لتحريك عملية السلام المجمدة, تتضمن انسحابا من 1&13% من اراضي الضفة الغربية, وهي الخطة التي طورتها الادارة الامريكية وادخلت عليها عددا من التعديلات بعد سلسلة من المحادثات اجراها المسؤولون الامريكيون مع القيادتين الفلسطينية والاسرائيلية اخيرا. واشارت مصادر في واشنطن الى ان وزيرة الخارجية الامريكية كانت ستعلن عن تلك الخطة في خطاب جرى اعداده مسبقا, غير ان مسؤولي البيت الابيض ذكروا ان الرئيس كلينتون لم يعط الضوء الاخضر بعد لهذا الخطاب, مشددا على ان المقترحات الامريكية هي مجرد محاولة لتضييق شقة الخلاف بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي, ولم يكن القصد منها فرض مواعيد نهائية على اي من الطرفين. ونقلت الصحيفة عن مسؤول امريكي بارز قوله ان المقترحات الامريكية (يمكن ان تشكل اي شيء) بناء على اتفاق الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني, وان ادارة كلينتون تسعى الى ايجاد جسر لتضييق الفجوة في المواقف مضيفا ان الادارة لا يمكنها مواصلة تقديم المقترحات وادخال التعديلات عليها الى ما لا نهاية وان على الاطراف نفسها في نهاية المطاف (ان تقرر ما اذا كانت ستتقدم الى الامام) . هذا ويعتزم المنسق الامريكي روس لقاء نتانياهو في محاولة لمعرفة (كم من هذه (المقترحات) حقيقي) وكم منها مجرد اجتهادات, على حد وصف مسؤول امريكي بارز, كما سيحاول روس جس نبض القيادة الفلسطينية ازاء تعديلات نتانياهو الاخيرة. وذكرت (النيويورك تايمز) ان الرئيس كلينتون طلب من العاهل الاردني الملك حسين الذي زار واشنطن الاسبوع الماضي, محاولة اقناع نتانياهو بأن الوقت قد حان لاتخاذ (قرارات صعبة) , ومع ان المحللين في واشنطن يشددون على ان الرئيس الامريكي لا يرغب في الدخول في مصادمات علنية مع رئيس الوزراء الاسرائيلي, فانهم يرون ان هذه المحاولة في حال لم تؤت اي ثمار, ستضع مزيدا من الضغوط على كلينتون من اجل تقديم المقترحات الامريكية الى الطرفين اولا, ومن ثم الكشف عنها بشكل علني. وذكر السفير الاردني في واشنطن الدكتور مروان المعشر ان ادعاءات الحكومة الاسرائيلية بان واشنطن تحاول فرض حل نهائي عليها هي ادعاءات خاطئة وان المقترحات الامريكية (هي مجرد دليل لمحاولة انعاش المفاوضات) وهو الامر الذي تمس الحاجة اليه بشكل كبير والذي لم يتمكن الطرفان الاسرائيلي والفلسطيني من تحقيقه بنفسيهما. وقال المعشر ان على الحكومة الاسرائيلية ان تدرك ان تمسكها بالوضع القائم (يعرض النموذج الاردني للسلام والتعايش مع اسرائيل للخطر) وان هذا الامر (ليس في مصلحة اسرائيل) . ويذكر ان عددا من المسؤولين الاسرائيليين وبعض مؤيدي اسرائيل في الولايات المتحدة ناشدوا الادارة الامريكية واعضاء الكونجرس في الاونة الاخيرة (عدم استخدام اساليب الضغط في محاولة لاجبار اسرائيل على قبول (اي مقترحات قد تؤثر على امن اسرائيل, على حد وصف هوارد كوهر المدير التنفيذي للجنة العلاقات العامة الامريكية الاسرائيلية المعروفة اختصارا باسم (ايباك) والتي تعتبر من اقوى جماعات الضغط في الولايات المتحدة. وكان الرد العنيف لحكومة نتانياهو في اجتماعها الاحد الماضي على الاقتراحات الامريكية التي لم تقدم بعد لا علنا ولا سرا, قد اثار استهجان مسؤولي الادارة الامريكية, ووصف مراقبون دبلوماسيون مطلعون على رد نتانياهو على مقترحات بانه (جاء بعيدا عن كل الكياسة الدبلوماسية وشكل هجوما عنيفا على مقترحات متواضعة) وقال نتانياهو في رده ان (اسرائيل واسرائيل وحدها هي التي ستحدد احتياجاتها الامنية وحجم انسحابها) من الاراضي المحتلة. وتابع نتانياهو موجها كلامه الى مسؤولي ادارة الرئيس كلينتون (ان من الحكمة التذكر واعتقد ان الكثيرين في واشنطن يتذكرون ان القرارات الخاصة بأمن اسرائيل في نهاية الامر يجب ان تتخذها اسرائيل وحدها لاننا نحن الذين سنتعايش وهذه الترتيبات) . واضاف مثيرا التبرير الامني الاسرائيلي المعهود للاحتفاظ بقدر كبير من الاراضي الفلسطينية, ان كل 1% من اراضي الضفة الغربية يعادل حجم مدينة تل ابيب والاراضي المحاذية لمدننا الرئيسية تحدد ما اذا كان بوسعنا ان نضمن بفعالية ألا تتحول الاراضي الاضافية التى سننسحب منها الى قواعد ارهابية لحركة حماس) . واعتبر المراقبون والمسؤولون الامريكيون هذا الرد الاسرائيلي على المقترحات الامريكية بانه (غير مقبول ومثير للاستهجان) ويقول هؤلاء ان المقترحات الامريكية (ليست سوى نسخة منقحة عن المواقف التي اعلنها نتانياهو نفسه سابقا) وهي تلك التي اعلن فيها استعداده للانسحاب من نسبة قد تصل الى 10% من الضفة الغربية شريطة ان يكون الانسحاب تدريجيا ومقترنا باتخاذ الفلسطينيين اجراءات امنية معينة وربط ذلك ببدء مفاوضات الوضع النهائي حول مستقبل الاراضي الفلسطينية المحتلة.

Email