نافذة: محاولة تسويق فاشلة: بقلم: محمد الحسن احمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يدلي وزير الخارجية السوداني الجديد (القديم)الدكتور مصطفى اسماعيل من حين لاخر بتصريحات يعول فيها على انفراجات كبيرة في علاقات السودان الخارجية. ومن حق الرجل ان يحلم كما يريد لكن مما هو مردود عليه ان يبني توقعات الانفراج على (اقرار الدستور الجديد الذي يضمن حرية تأسيس الاحزاب والتعددية السياسية) . لكن الوزير الهمام وهو رئيس الدبلوماسية الخارجية, من المفترض ان يكون على دراية بأن الدستور الذي بشر بتسويقه (في الصحف الخارجية) قد اجهض قبل ان يسوق من خلال التعديلات التي ادخلت عليه بليل وانكشف امرها لما عرضت المسودة المبدلة على البرلمان, ولابد ان كل السفارات اخذت علما بما جرى ونقلت الى حكوماتها كل المواد التي عدلت تمكينا للنظام من مصادرة الحريات خاصة المادة التي تكفل التعددية الحزبية التي اجتهد الدكتور حسن الترابي في تبديلها بنص غامض ينص على (حرية التوالي) ما يعني التوافق الفكري مع النظام وليس حرية تكوين التنظيمات السياسية وفق مرئيات من يشكلونها. ولعله من المناسب ان نستند فيما نقول الى تصريحات اطلقها احد النواب المنتمين الى الاسلاميين وهو الدكتور عصام احمد البشير الذي قال في تصريحات نشرتها (الحياة الجمعة 9/3) (ان التعديلات التي ادخلتها رئاسة الجمهورية على الدستور قلصت كثيرا من سلطة الشعب) وقال وهو بالمناسبة عضو لجنة الدستور (اللجنة اوصت بانتخاب 90% من اعضاء الجهاز التشريعي مباشرة من الشعب و10% عبر انتخاب غير مباشر الا ان رئاسة الجمهورية عدلت النسبتين لينتخب 25% بصورة غير مباشرة مما يؤكد تقليص سلطة الشعب. واضاف (ان كثيرا من الاشارات يؤكد ان تعديلا قد طرأ على مسودة الدستور التي وضعتها اللجنة القومية للدستور خصوصا المواد المتعلقة بالحريات, وتقليص سلطات الشعب, اضافة الى تقليص سلطة الرقابة للجهاز التشريعي كما ان الرئاسة قللت حق الجهاز التشريعي في مراقبة الحكومة ومحاسبتها) وما لم يقله عضو البرلمان عضو اللجنة القومية للدستور هو ان مسودة الدستور التي مسخت كانت تعطي البرلمان حق اقالة رئيس الجمهورية وتعطي البرلمان حق اختيار رئيس الحكومة وكلها مواد حذفت. والاهم من ذلك كله ان المسودة المعدلة هي التي ستجاز في المجلس الوطني لان غالبيته مختارة من انصار النظام ولذلك فان الاصوات المعارضة لن يكون لها اي تأثير ولكن لا العالم سيخدع ولا الشعب ستنطلي عليه هذه الحيل, وكل ما في الامر ان الدستور شبع موتا, والنظام ارتد خوفا من مجرد الاشارات التي يمكن ان تفضي الى نوع من الحقوق الاساسية, وهي مسألة لا يقوى على احتمالها لانها قد تطيح به, ولذلك ارتد سريعا عن اكمال المسرحية. لقد المحنا في (نافذة) سابقة الى سيناريوهات قد يعدها النظام في ظل المسودة الاصلية للدستور ويؤسس في ظلها بعض الاحزاب المدجنة ويموه بها على العالم ويبدو اننا احسنا الظن في ذكاء بعض رموزه الا انهم اختصروا الطريق ورفضوا حتى المسودة التي اعدها من اختاروهم لوضع الدستور ولزموا خط الشمولية الواضح والسلطة كل السلطة لهم, ولا شيء اسمه تداول السلطة. ولن يعيروا اذنا حتى لمن يرتلون الاية الكريمة (وتلك الايام نداولها بين الناس) صدق الله العظيم. وفي كل الاحوال فان نكسة الدستور تندرج ضمن نكسات الحل السلمي للحرب الاهلية لان الاستمرار في مصادرة الحريات يعني الحيلولة دون حدوث اية انفراجات نحو الوصول الى اتفاق يحقق السلام في ظل دولة موحدة. صحافي سوداني مقيم بلندن*

Email