نافذة: الاتحاد الأوروبي... هل يثأر لاهانة كوك؟ بقلم - يسري حسين

ت + ت - الحجم الطبيعي

اهانت اسرائيل وزير الخارجية البريطاني روبن كوك واطلقت عليه حناجر المستوطنين المسعورة تندد به وتهاجم موقفه وتهدده علنا امام كاميرات التليفزيون العالمية. ورفض نتانياهو زعيم حكومة الاستيطان ان يلتقي كوك على حفل عشاء لتكريمه بمناسبة زيارته. ونسف رئيس الوزراء الاسرائيلي كل الاعراف الدبلوماسية بمقاطعة وزير الخارجية البريطاني. ورفض سياسة الاستيطان لأنها غير مشروعة وتعادي القانون الدولي وحاول اصطحاب مسؤول فلسطيني خلال الزيارة. واغضب كوك مؤسسة الاستيطان الاسرائيلية فاطلقت عليه الهجوم المكثف واتهمته بالانحياز الى العرب بمجرد انه ردد قرارات للامم المتحدة ترفض هذا الاستيطان وموجة التهويد الاسرائيلية للقدس. وقد رفض كوك الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل كما قال مسؤول يهودي. وقال انها تخص العرب ايضا. والسلوك الاسرائيلي يكشف مدى عداء حكومة الليكود للسلام التي تستند الى اوهام استيطانية واضحة تغازل التشدد وتتغذى دعمه لها في قلب السلطة, لذلك تمارس كافة الاعراف غير القانونية لارضاء موجة تعصب خطيرة تريد الاحتفاظ بالارض وتهويدها ونسف المقدسات الاسلامية واقامة عاصمة لاسرائيل على تراب القدس بلا سند شرعي. ولم يفعل كوك سوى التلويح براية الشرعية, وقال باسلوب مؤدب ومهذب انه لا يوافق على سياسة الاستيطان. وقد هاجت اسرائيل كلها ضد هذا الرجل الذي لم يهتز بالتظاهرات الغوغائية الوحشية. وهل يمكن تصور موقف كوك المحامي المهذب الذي تربى في برلمان ديمقراطي وهو يواجه مجموعة من بلطجية المستوطنين وهم في حالة سعار ووحشية؟! ولكن كوك لم يهتز ولم يهتم بالتصرفات العصبية لحكومة الاستيطان الاسرائيلية برئاسة نتنياهو الذي رفض توديعه في المطار طبقا لشروط الضيافة والدبلوماسية. وهذه الحكومة جاءت على اكتاف حركة استيطانية وحشية لذلك تتصرف وفقا لقواعد الرأي العام الذي تستند اليه. وكشفت زيارة كوك ايضا مدى وضع حكومة نتانياهو التي تريد تحدي العالم ومواجهته اذا حاول التدخل لفرض شرعية تقوم على القانون. لقد استخدم الاسرائيليون سياسة التخويف وبث الذعر وحاولوا ارهاب كوك داخل الاراضي العربية المحتلة لابعاده هو والاتحاد الاوروبي لمنع تدخل دولي في المواجهة الفلسطينية الاسرائيلية. وقد تصرف كوك بحكمة, فهو لا يمتلك نفسه وانما سياسة بلاده. وهو ايضا يعبر عن موقف الاتحاد الاوروبي الرافض للاستيطان والاحتلال. وقد دعم توني بلير رئيس الوزراء البريطاني وزير خارجيته الذي تعرض للاهانة, ولو كنت مكان بلير لالغيت رحلته الى اسرائيل الشهر المقبل. لقد ترك الامريكيون كوك يختبر المياه الاسرائيلية,. ويعطي رسالة عدم موافقة دولية على ما يجري اذ لا يمكن جعل الاستيطان سياسة مقبولة والعالم يتفرج. والحقيقة ان الاتحاد الاوروبي عليه الرد لدفع الاهانة التي تعرض لها. وبالمثل كانت الحكومة العنصرية في جنوب افريقيا تتحدى العالم, غير ان الشرعية الدولية استطاعت مواجهة هذا الصلف باسلوب المقاطعة. واذا كانت الولايات المتحدة مكبلة باللوبي اليهودي وغير قادرة على التحرك فإن اوروبا قادرة على الرد والمواجهة. وبريطانيا بالذات متحررة من النفوذ الصهيوني بسبب وجود ارث ديمقراطي لا يعطي لمجموعات الضغط فرصة التأثير على البرلمان. ان اسرائيل كشفت عن نية المواجهة مع العالم والشرعية واستقبالها لوزير الخارجية البريطاني بهذا الاسلوب يعبر عن توجه صدام واضح بسبب الاصرار على الاستيطان. والاتحاد الاوروبي عليه التفكير في آلية تعاقب اسرائيل, لانه لا يمكن السماح لها بالانفراد بسياسة استعمارية شيطانية في العالم وتهيمن على ارادة شعب آخر وتستولي على اراضيه. لقد اعطت اسرائيل رسالة واضحة بأنها لن تتخلى عن الاستيطان, وعلى الارض نفسها وفوق جبل ابوغنيم قال وزير الخارجية البريطاني ان المستوطنات غير شرعية ومرفوضة. ان اسرائيل كشفت عن وجهها الحقيقي التي نجحت في اخفائه لمدة نصف قرن, انها دولة متوحشين وارهابيين وهذا ما واجهه روبن كوك على ارض جبل ابوغنيم.

Email