قضية عربية: (تمرد معلن) , في جبهة الترابي ضد التعددية

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهدت الجبهة الاسلامية في السودان التي يقودها الزعيم المتنفذ حسن الترابي, ما وصف بأول تمرد معلن ضد اعادة التعددية السياسية التي يدور حولها جدال كثير داخل البرلمان والمنتديات السياسية. وقاد التمرد المفاجىء والي الخرطوم الدكتور مجذوب الخليفة ووزيرا الشؤون الاجتماعية (الاتحادي والولائي) الدكتوران الطيب محمد خير ومحمد مندور المهدي . وجمع هؤلاء يساندهم وزير الدولة للتخطيط اللواء عثمان ضحوي المئات من ائمة المساجد والدعاة في قاعة الصداقة بالخرطوم (لاستنفارهم ضد التعددية) , على حد تعبير الخليفة. ووجه الاجتماع الحاشد مذكرة نارية إلى الترابي واعضاء البرلمان (تبرئة للذمة) وتحذيرا من (الانحراف) بالدعوة إلى التعددية. وقال الخليفة ان الاجتماع والمذكرة تهدف إلى استئصال ما اسماه (دعاوى الفتنة والانحراف) معلنا رفضه التام والقاطع للتعددية بمسمياتها المختلفة سواء اكانت (تعددية) أو (توالي) أو (حرية التنظيم) . ومن جهة قال دكتور الطيب محمد خير امام الاجتماع انه لا تراجع عن طريق الله, مهددا برفع البندقية والسيف وحشد العلماء في سبيل الدين واضاف: اننا لن نعود إلى الوراء ولن ينال مننا الاعداء عسكريا أو اقتصاديا وان (من) يرفع يده لن تعود اليه, وقال دكتور معتصم عبدالرحيم الامين عام امانة المؤتمر الوطني الذي حضر الاجتماع ان الاجتماع يهدف لمناقشة قضية من اخطر القضايا والجهاد سنة ماضية ويجب ان يكون للائمة صوت مسموع في مسألة الدستور وان يوضحوا للمواطنين ان كلمة (الولاء) و(الولاية) و(التوالي) وردت في القرآن الكريم 232 مرة في 57 سورة, ولهذا لا يجب ان نترك مجالا لانتشار ما سماه (البغاث) في بلادنا وعليكم ان تسمعوا نواب البرلمان ما ينبغي لتأكيد الهوية الاسلامية في الدستور بعد ان عانت هذه الامة من التخريب. وقد حصلت (البيان) على المذكرة التي تم تقديمها الى الترابي رئيس البرلمان وينتظر ان تكون لها ردود فعل واسعة وسط الاسلاميين والآخرين وهي تحذر بان هناك وميض نار تحت الرماد وان النكوص عن الحرية (ردة) تستوجب المحاسبة. وفيما يلي نص المذكرة: السيد/ رئيس واعضاء المجلس الوطني ـ الموقر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اما بعد قال تعالى الذين ان مكناهم في الارض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور وقال تعالى وان حكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما أنزل الله اليك فان تولوا فاعلم انما يريد الله ان يصيبهم ببعض ذنوبهم وان كثيرا من الناس لفسقون. ان هذه الامة الصابرة المجاهدة المتوكلة على ربها قد آمنت بنهج الانقاذ الذي اعلنته فور تسليمها للسلطة بان الامر كله سيؤول الى الله وان الحكم سيكون بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومن هذا المنطلق فان الامة المسلمة قد قدمت كل ما تملك من مرتخص وغال لتمكين هذا الدين وشرع الله ورفع هذه الراية, حتى رأينا جميعا كيف ان ابناءنا يتدافعون نحو الجهاد وكأنهم في ليلة عرس وكيف انهم يفجرون الدبابات بوسائل بدائية تحفها يد الرحمن وتبارك في جهدها القليل كل ذلك لأن اشواقهم وارواحهم وقلوبهم تعلقت بهذا الكتاب وتهيأت لأن تحكم به ولا تحكم بسواه وانطلقت بتلك الشعارات (القرآن دستور الامة), (لا ولاء لغير الله) (شريعة او نموت... الاسلام قبل القوت) وفي سبيل ذلك الهدف الغالي تحملت هذه الامة كل الضنك والابتلاءات وهي موقنة بأن نصر الله آت وهو قريب من المحسنين ومرتبط ارتباطا وثيقا بتحكيم هذا الكتاب اذ يقول الله جل وعلا ولو ان اهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون. من هذا المنطلق فان علماء الامة والدعاة الذين يمتلكون قيادة الامة المستنيرة ظلوا يبشرون بهذا الخير القادم من كل المنابر وظلوا طيلة هذه الفترة يحرضون المؤمنين على القتال وقد استجابت هذه الامة لتلك النداءات استجابة لم يشهد التاريخ مثلها. ونحن معشر الائمة والعلماء والدعاة اذ نرفع هذه المذكرة تبرئة للذمة وتحملا للمسؤولية وتذكيرا للمسؤولين في كل المستويات بأن الانحراف عن هذه الراية والدعوة الى التعددية وطمس هوية الامة في الدستور وعدم تحديد هوية رئيس الجمهورية بعبارة واضحة في الدستور ــ حيث ان المسلمين هم الاغلبية المجاهدة التي تحمي هذا الدين وشوكته ــ يجعلنا نعتقد ان النكوص عن هذه الراية ردة تستوجب المحاسبة في الدنيا والآخرة ونحن نعبر عن رأي الغالبية العظمى لهذه الامة ولذا نناشدكم اتخاذ التدابير اللازمة لدرء الفتنة التي عبر عنها الشاعر: أرى تحت الرماد وميض نار يوشك ان يكون لها ضرام قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذو اليهود والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم ان الله لا يهدي القوم الظالمين. ومن يرتدد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم... ألا قد بلغنا اللهم فاشهد الائمة والدعاة والعلماء بولاية الخرطوم والي الخرطوم وزعيم (الصقور) بالجبهة الاسلامية لــ (البيان):الانقاذ لن تسلم السلطة (لوكلاء الشعب) الخرطوم ــ يوسف الشنبلي منذ اكتساحه قبل عامين انتخابات ولاية الخرطوم, فرض الدكتور مجذوب الخليفة والي ولاية الخرطوم, نفسه كرقم بارز في الساحة السودانية مستفيدا من انتمائه الاسلامي وقربه الشديد من رجل السودان القوي والمتنفذ حسن الترابي. وفيما بدأ (تعكزا) على ــ شيخه ــ الترابي, فاجأ الخليفة الخطيب المفوه ذو النظارة السميكة التي تشبه قاع زجاجه بيبسي الساحة السياسية بمواقفه الحادة والمتشددة تجاه عودة الحزبية, وكان الأعلى صوتا في هذا الخصوص والاكثر ضجيجا, ما أهله بجدارة لزعامة جناح (الصقور) في الجبهة الاسلامية. وخلال لقاء مع (البيان) في مكتبه بالخرطوم, كرر الخليفة مواقفه الحادة تجاه الاحزاب, بل وذهب ابعد من من ذلك, معتبرا ان عودة التعددية التي يدور جدال كثير بشأنها هذه الايام لاتعني البته ـ (الانتكاسة) الى الحزبية على حد تعبيره معلنا بوضوح ان الانقاذ لايمكن ان تسلم السلطة (لوكلاء الشعب) لكنه لم يحدد هؤلاء الوكلاء. وقال الخليفة ايضا اننا نبحث عن (وصفة) للحريات لا تقبل الذئب ولاتفني الغنم. وغمز الوالي خلال اللقاء من قناة زعماء الاحزاب السودانية, مركزا هجومه خصوصا مع قطبي المعارضة الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني الذين قال انه لا يحق لهما سؤالنا بعدما باعوا كل شيء. وقال الخليفة ايضا ان زعماء المعارضة يحتاجون الى دخول (مستشفى وطني سياسي) . وليس مؤتمر دستوري طالما دعا اليه المهدي. الوفاق الوطني - قضية الوفاق تراوح منذ طرحها قبل سنوات والان فان حكومة الانقاذ متهمة بعرقلتها؟ ــ أولا لاخلاف على الاجماع بوحدة الصف الوطني واصلاح ذات البين والوصول الى وفاق شامل يجمع كل ابناء الامة و(الانقاذ) منذ نجاح انقلابها الابيض بادرت بهذا الامر, حيث ارسى اول مؤتمراتها الجامعة اساسيات المصالحة ووصل الى الجذور الحقيقية لها التي تجمع كل اهل السودان, ووضح بعد اتصالات كثيرة بعد ذلك انه ليس هناك خلاف حول المبادىء الاساسية والمساعي الرامية لاحداث وفاق وطني ومصالحة شاملة ولكن هذا لايعني ان تتوقف المسيرة لرغبة جهة او فرد او حزب انتظارا للوفاق, ولكنها بدلا من ذلك بدأت في ارساء اطار الوفاق بانتخابات اللجان الشعبية والبرلمان التي جاءت بكل ألوان الطيف السياسي كما فتحت انتخابات رئاسة الجمهورية وقامت بتنزيل الحكم الاتحادي لكل اهل السودان والذي شمل توزيع السلطات وسارت قدما في اقرار دستور البلاد التي ينقاشها البرلمان حاليا, وفي كل هذه الخطوات كانت الثورة تدعو المعارضة للمشاركة ولكنها تتمنع. الحريات الاساسية - اعطيتم الجنوبيين كل مطالبهم وأكثر فلماذا حرمتم الشماليين من ذلك؟ ــ المؤتمر الجامع المشار اليه هو الذي أرسى مبادىء السلام في الجنوب, ومن هنا اتفاقية السلام مع بعض الفصائل التي كانت متمردة وتحقق السلام رغم التمرد الذي يقوده قرنق وتحالفه مع المعارضة مما يؤكد ان برنامجنا اصيل وغير مربوط بمساومات ومحاولات حول ثوابت الامة ولا اجد تعارضا بين هذه الثوابت والسياسات الكلية الاخرى مع مسألة الوفاق وقضية الحريات الاساسية وبسطها حسب ظروف المخاطر لتتواكب مع المتطلبات مع طرح ثابت يوضح كيفية التعبير عن هذه الحريات والحريات القادمة لا تعني بالضرورة القضاء على ما كان قبل الانقاذ كما لا تعنى الردة ولا التأمين على الاخطاء السابقة التي ادخلتنا في الطائفية والحزبية والعسكرية والمجتمع بمثقفيه مطالب بكسر هذا الحاجز, و(الانقاذ) لا يمكن ان ترجع مرة اخرى لنفس المربع لتسلم السلطة لوكلاء الشعب وتتخلى عن برنامجها, ولكن نبحث الوسائل التي تمكن من ممارسة هذا الحق وان نضمن تجسيد مفهوم الحرية دون انتكاسة او الرجوع للاخطاء التي عاشها السودان منذ الاستقلال, وبعد ذلك سيكون سهلا ايجاد الوسيلة للتعبير وتحقيق اكبر قدر من المشاركة في اطار شامل من الحرية يكفل حقوق كل المواطنين. (التطلع) السياسي - هل هذا يعني ان يتنازل الآخرون عن مبادئهم وبرامجهم واحزابهم وينخرطون في صف الانقاذ, اليس لديكم نية لتقديم تنازلات؟ ــ ومن قال ان هناك تباينا ففي الثوابت ليس هناك تباين والثوابت تعني الحريات وثوابت الوطن والمواطن وثوابت الدين ووحدة الوطن وثوابت عدم وجود نظام يفتت وحدة السودان حزبيا كان ام طائفيا او جهويا, او نظاما يقوم على احزاب تدار من الخارج ولا تملك قرارها وتتبع لدول خارجية برنامجا وتمويلا لما شهدت عليه التجربة الفائتة, كل هذا يؤكد ان الصورة القديمة لا يمكن اعادتها واقول ان الحرية لا تعني التعددية ولا تعني الديمقراطية ولكن لا خلاف مع ذلك حول قيام تنظيمات للمشاركة في (التطلع) السياسي, فالتعددية برأيي هي في الاصل آلية للتعبير عن المضمون الاصلي وهو الحرية والمشاركة والشورى والديمقراطية, ولقد أخطأ الناس عندما اعتبروها هي المقصودة وانحرف الناس بسطحية حتى في اجهزة الاعلام وراء هذا الخطأ حتى فهم الناس ان كل الغرض هو تأسيس منابر واحزاب ولذلك كان حرصنا على اسقاط المعاني الرئيسية على الشعب لافراز وتقديم الجديد من صور التعبير, والآن في السودان توجد مبادىء سياسية وفكرية فريدة من نوعها في الوطن العربي وتجارب مختلفة, واحسب ان الشعب السوداني شب عن طوق الطائفية والحزبية القديمة, وبعد ارتال الشهداء لا يمكن ان نرجع للوراء كما حدث في امريكا بعد حرب التحرير وعادت للقديم ولكن ابناء الشعب السوداني يشقون الطريق لانهاء نظام الفرعونية والعنصرية او الكسروية وحتى البابوية التي كانت محصورة في حزبي الامة والاتحادي الديمقراطي. حرمان أهل القبله - مع كل هذا ومع ان الجنوبيين لهم الآن الحق في تكوين احزابهم وتنظيماتهم السياسية لماذا يتم حرمان اهل القبله من هذا الحق مادام امرهم شورى بينهم؟ ــ الخطوات نحو اهل القبلة هي خطوات مؤمن عليها وهو واجب كل اهل السودان وليس مقصورا على فئة دون اخرى ولكنه ليس حكرا على الزعامات بل هو امر مطروح لكل ابناء الشعب ولذلك نرحب بالجميع, ندعوا المجتمع السوداني كهدف اولي للوحدة, وبعد ذلك تبقى قسمة الارقام بعد تحقيق هذا الهدف والانقاذ اعطت بارادة ورؤية واضحة بينما تعمل الاحزاب عليها وقد صرح كل من الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني ان ممثلهم ورئيسهم للوفد في مفاوضات ايجاد هو قرنق سياسيا وعسكريا فماذا ينتظرون بعد ذلك بعد ان باعوا دينهم وارادتهم وقيم الامة كلها واقول ان هذا السؤال انطرح من الوطنيين بالداخل فهو مقبول ولكن من باع كل شيء عم يسأل. - وانفجرت قنبلة في ودمدني ووردت تحذيرات بالهاتف عن قنابل اخرى بالخرطوم, الا ترى انها مسألة ساخنة للحكومة؟ ــ ان هم قالوا ذلك فيكفي انها دعاية لصالح الانقاذ ولأهل السودان وان كان المعارضون قد اعترفوا بادخال الارهاب والتخريب في السياسة السودانية ودب الخلاف حتى داخل الخرطوم قبل محاولة تفجير وزارة او مؤسسة ومع ذلك لم ينجحوا لانهم اقل شجاعة من ان يقوموا بمثل هذه المهام بثبات مثل العملية التي حدثت في مدني ومحاولة قتل الابرياء. ولكننا نعلم حقيقة قدرتهم وانهم يراهنون على نشاط الاريتريين في الشرق ولا قدرة لهم ولا عدة ولا عتاد, ونعلم ان الهجوم الذي وقع على الكرمك وقيسان في العام الماضي لم يستشاروا فيه لانه ليس لهم شوكة, ويريدون ان يحمدوا بما لم يفعلوا وان كانت هذه خيانة ليست محمدة لقد راهنوا على انتفاضة بالداخل فرد عليهم الشعب بمزيد من التماسك في الجبهة الداخلية تكفي المظاهرات المؤيدة للحكومة. زاد المجاهد والاستقرار الداخلي الحادث في السودان الآن وانعكس هذا المناخ على الاستثمار وتمثل في ازدياد عدد المستثمرين من الخارج وبمقارنة بالعهد الحزبي تأكد ان عددهم الآن اكبر لأن الاستقرار كان مفقودا في العهد الحزبي الذي عصفت به الاضرابات. كما ان بعض الاحداث مثل تشييع جنازة الفريق الزبير ورفاقه كانت وحدها استفتاء شعبيا على التمسك برجال الانقاذ وتمثل ذلك في الحشود العفوية وهو شيء لم يحدث اطلاقا من قبل وكان استفتاء تلقائيا وتعبيرا عن انعتاق الشعب من كل ارتباطاته القديمة. مصر والمعارضة - ومثلما تراوح جهود الوفاق مكانها فان المبادرات العربية وغيرها للمصالحة في السودان لا تجد طريقا سالكة؟ ــ اولا نحن نبارك كل المبادرات وقد باركت الحكومة بدون تحفظ وبسرعة المبادرة التي تقدم بها صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات وكذلك المبادرة الليبية والالمانية ثم جاءت على رأس هذه المبادرات المبادرة المصرية باعتبار العلاقة الخاصة بين مصر والسودان وادراك الابعاد الاستراتيجية حول وحدة السودان وأمنه باعتباره جزءا من امن مصر, وهي اشياء وعاها ابناء مصر ومفكروها وتجاهلتها الاحزاب التي لم تعد تهمها مصالح السودان. من ناحية اخرى فان القاهرة قامت بخطوة شجاعة تجاه حكومة الانقاذ والمعارضة معا, وذلك لادراكها للاخطار التي بدأت تحدق فعلا بوادي النيل وما يمكن ان تجره على المنطقة عموما, ولان الدور القيادي تاريخيا لمصر يحتم عليها خطوتها نحو السودان ومبادرتها الوفاقية, ولأنه ايضا لا يمكن لمصر ان تسكت على افراد او جماعات منسلخة عن وطنها بتهديده وفي اعتقادي ان مصر اذا لم تستجب المعارضة لصوتها ونصائحها فسيكون لها موقف من المعارضة وقريبا جدا. - تتشددون مع الاحزاب وتجرون اتصالات معها الا ترى هذا تناقضا؟ ــ قبل الانقاذ كنت حاكما مكلفا بالاقليم الشمالي في حكومة الوفاق الحزبية وبعد الانقاذ ظللت في العمل السياسي بالمجلس الوطني عبر دائرة القطاعات والمنظمات النقابية والجماهيرية, وقد امتد هذا العمل بعد مجيئي للعمل بولاية الخرطوم وكانت تلك اللقاءات مفيدة مع كل الوان الطيف السياسي بعضهم من القادة التقليديين والقدامى وبعضهم ممن ينتمون لهذه الاحزاب, وايضا ممن نسميهم قيادة لها رأي معارض, وحقيقة ما زلنا ندعوهم لتقدم الصفوف باعتبارهم قيادة شابة ووطنية لم تتلوث بالعمالة بالخارج والتواطوء مع المتمردين وأعداء الوطن, والاتصالات معهم مازالت مستمرة, وأحسب أنها موصولة ببعض قياداتهم بالخارج ونحن نسمع ذلك, وفي تقديرنا وقصدنا ان هذا سيقضي الى ان تنشأ قاعدة جديدة بدل القديمة التي كانت تأتي بالقيادات بالوراثة والتي لا مجال لمعظم المثقفين السودانيين فيها اذا لم يكونوا من اصحاب الدم الآري ليقودوا المجتمع. الاتصالات مستمرة لكن ذلك لا يمنع الانقاذ من الاستمرار في الوفاق لان الوفاق هو في حد ذاته هدف استراتيجي وليس تكتيكيا أو مرحليا مربوطا بدواعي الأمن ولان الحكومة تتعامل بالعفو عند المقدرة, والدعوة للمصالحة, ومن منطلق القوة لنسعى الى الوفاق والمصالحة, فقط المطلوب من اولئك الاستجابة للنداء وتغليب مصلحة الوطن وعليهم ان يعلموا ان عجلة التاريخ لا ترجع الى الوراء, ومن يتحدف ان لا مجال للمصالحة الا في إطار الشرعية القديمة وان ندعوا برلمان 1989 للانعقاد ثم نعيد رئيس الوزراء الى مكانه وننتخب اعضاء مجلس السيادة الخمسة ليكونوا على رأس الدولة, وثم نلغي اتفاقية الخرطوم السلام ونوقف تدفق آبار البترول الذي بدأ انتظارا لاتفاقيات جديدة, ثم نسلمهم السودان كما كان عليه, فانهم محتاجون لدخول مستشفى (وطني وسياسي) وليس مؤتمرا دستوريا كما يقولون, حتى يلتقوا مع الانقاذ في القرن الواحد والعشرين وليس بقايا القرن التاسع عشر والقرن العشرين. لا عودة للحزبية - لكن رغم كل اختلاف وجهات النظر يبدو ان البرلمان يتجه نحو قرار التعددية؟ ــ البرلمان لن يقر ولن يدخل في حديث عن تحقيق التعددية او عدمه, ووثيقة الدستور ليس فيها حديث عن التعددية ولكن تحدثت عن الحرية ومفهومها وحرية التعبير والتنظيم, والبرلمان سيعمل على إقرار هذه الوثيقة التي تنبثق من ارادتنا ومن ديننا, ثم يأتي القانون ليفصل كيفية هذه الممارسة, فالاصل الحرية ثم تأتي المواعين التي يمكن استخدامها للتعبير بصور متعددة تدخل فيها تنظيمات اجتماعية ونقابية وثقافية وغيرها, ويتم التعامل معها وفق برامج وضوابط مضمنة في الدستور, وهي حقيقة نقيض للأحزاب التي كانت قائمة في 1989 وللحزبية التقليدية القديمة, وان تكون الحرية هي الاصل في هذه التنظيمات هذه هي الافكار التي يتضمنها الدستور, واذا أردت ان الخص هذا فيمكن القول ان الدستور ينشىء مجتمعا سياسيا موحدا في ثوابته ويترك مجال الانطلاقة والتنوع لصاحب البرنامج الافضل. (عديل: الاحزاب لا تبحث عن اعتراف من النظام ، الهندي يطالب بحكومة (متفق عليها الخرطوم ــ البيان دعا الشريف زين العابدين الهندي العائد إلى الخرطوم من صفوف المعارضة إلى تكوين حكومة برئاسة الفريق عمر البشير ويكون برنامجها متفق عليه من جميع الاطراف السياسية. وقال الهندي ان الحكومة المقترحة يجب ان تستمر إلى حين اكمال فترة رئاسة البشير الذي قال انه حصل على هذا التفويض من الشعب في انتخابات عامة, بالاضافة إلى انه يمثل القوات المسلحة. وحدد الهندي برنامج عمل الحكومة المقترحة بتمهيد السبيل للانتقال إلى مرحلة التعددية وحرية التنظيم حيث تجري الانتخابات العامة بعد انتهاء فترة الرئاسة الحالية اي بعد ثلاث سنوات. من ناحية اخرى نفى الدكتور بكري عديل الوزير السابق في حكومة المهدي وعضو مكتب حزبه السياسي (الامة) ان تكون الاحزاب محظورة لتبحث لها عن اعتراف من النظام القائم, واكد عديل ان الاحزاب نشطه وتباشر اجتماعاتها, كما نفى انباء افادت بانه يقوم بحوار مع الحكومة, وقال ان هذا لن يتم الا في حالة اعتراف الحكومة بالاحزاب وفشل الجبهة الاسلامية في قيادة البلاد, واضاف في ندوة اقامها (كيان الانصار) بجامعة النيلين ان الديمقراطية عائدة لا محالة. كادر لنميري يحذر من وصول الحرب إلى المدن الخرطوم ــ البيان فيما يبدو انه عملا منظما من جانب انصار الرئيس السابق جعفر نميري لاخذ مكانهم في الساحة وسط ارهاصات بعودة التنظيمات السياسية, قام عثمان هاشم عبدالسلام وزير المالية في حكومة نميري بتوجيه رسالة مفتوحة إلى محمد عثمان الميرغني زعيم تجمع المعارضة وكافة القيادات المعارضة بالخارج, وإلى كافة الاطراف المعنية بأمر السودان يناشدهم فيها في استدراك عدم جر السودان إلى حرب اهلية شاملة, ويحذر من الوصول إلى المدن الكبرى والمناطق الحضرية. ا لخرطوم ـ البيان

Email