قانون جوسبان يزيل صداع (الهجرة) من دماغ الفرنسيين: بقلم - شاكر نوري

ت + ت - الحجم الطبيعي

ماتزال فرنسا وكافة البلدان الاوروبية تعاني من مشكلة الهجرة التي تحولت إلى مشكلة مستعصية الحل وخصوصا بعد انهيار النظام الاشتراكي وتدفق آلاف المهاجرين على اوروبا من جهة وازدياد اعداد البطالة في المجتمع الصناعي من جهة اخرى , فالمشروع القديم المسمي بـ (قانون باسكوا ـ دوبريه) كان هو السائد ومايزال رغم تغير الحكومة وفوز الاشتراكيين. الا ان رئيس الوزراء الحالي ليونيل جوسبان اطلق مشروع الاصلاحات ووعد بتعديل اوضاع المهاجرين ممن لا يحملون بطاقات الاقامة, ولعل اول تعديل طرأ على قانون الهجرة هو الغاء قانون اعتقال المهاجرين غير الشرعيين وتسفيرهم الفوري وابعادهم عن الاراضي الفرنسية (قانون رقم 39 من المشروع الغي قانون 1 ــ 70/132 من قانون العقوبات. والتعديل الثاني هو الغاء الاجراءات القاسية فيما يتعلق بابعاد المهاجر الشرعي اذا ما احتضن وآوى احد ابنائه ممن لا يقيمون بصورة شرعية (قانون رقم 22 الذي الغي القانون المرقم 21 من عام 1945) . واما بقية بنود القانون فقد ابدت مرونة كبيرة حول نقطتين هامتين اولهما (لم الشمل العائلي) فقد قررت القانون المرقم (8) من الاتفاقية الاوروبية على مشروعية حقوق الانسان في العيش مع عائلته حياة طبيعية, وقد طق هذا القانون وزير الداخلية الاشتراكي الحالي بيير شيفنمان بسن قانونه الجديد في 24 يونيو 1997, والنقطة الثانية تتعلق بموضوع (اللجوء السياسي) , وهو يسير بموجب القانون المرقم 4 لدستور 27 اكتوبر من عام 1946 وهو ينص على: ان كل انسان ملاحق بسبب كفاحه من اجل الحرية يحق له الحصول على اللجوء السياسي على اراضي الجمهورية الفرنسية. لاتزال الاحزاب الفرنسية اليمينية واليسارية تناقش قوانين الهجرة, وهي مشكلة لا تنفصل عن الاصلاحات التي تسعى هذه الاحزاب لتنفيذها وخصوصا فيما يتعلق بالاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وكذلك قانون الضمان الاجتماعي. ويتحتم الان على رئيس الوزراء الحالي ان يبادر إلى اجراء استفتاء حول هذا القانون من اجل الدفاع عن مشروعه الذي يواجه انتقادات حادة من الاحزاب اليمينية واليمينية المتطرفة مثل (حزب الجبهة الوطنية) برئاسة جان ماري لوبان الذي يشكل 10 بالمائة من الناخبين الفرنسيين وهو ما يعادل قوة الحزب الشيوعي الفرنسي. وقد احتجت (روابط الدفاع عن المهاجرين) على القانون الخاص بـ (لم الشمل العائلي) وذلك لطول المدة التي يستغرقها جمع شمل العائلة المهاجرة, على مدى عامين, اما ما يخص قانون الحصول على الجنسية فان مشروع قانون Guigou يسمح لابناء المهاجرين الاجانب المولودين على الارض الفرنسية بالحصول على الجنسية بصورة تلقائية في عمر الثامنة عشرة, وقد وعد الحزب الاشتراكي الفرنسي قبل فوزه بالانتخابات التشريعية الاخيرة بانه سيعيد القانون القديم الذي ينص على ان كل طفل من ابناء المهاجرين الاجانب يولد على الاراضي الفرنسية يحق له الحصول على الجنسية الفرنسية فورا. الاحصاءات تشير إلى ان 40% من المهاجرين غير الشرعيين ممن تقدموا بطلبات تسوية اوراق اقاماتهم لن يحصلوا على الاقامة الشرعية ويكونوا بذلك معرضين لعمليات (الطرد والابعاد) رغم تطمينات الحكومة الاشتراكية, وتطالب الجمعيات والروابط التي تدافع عن حقوق المهاجرين الحكومة الاشتراكية الحالية ان تخطو خطوات شجاعة في هذا الميدان, ولكن اعضاء الحكومة المحيطين برئيس الوزراء الاشتراكي ليونيل جوسبان مدركين للشعبية التي يتمتع بها (قانون باسكوا ــ دوبريه) عند الفرنسيين, وهنا تكمن الخطورة في اقدام الاشتراكيين على اجراء الاصلاحات والاجراءات المتعلقة بقوانين الهجرة وهي لاتزال تنتظر مناقشة البرلمان.

Email