ندوة(الوحدة العربية)تواصل فعالياتها بالقاهرة.. توجان فيصل: الديمقراطية قبل الوحدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحولت الندوة القومية حول(الوحدة العربية في ضوء مشروع الاتحاد العربي) في يومها الثاني بالقاهرة امس الى تظاهرة فكرية من أجل تعميق فكرة الوحدة وترجمتها الى واقع ملموس في ظل التحديات الراهنة. وذلك بمناسبة الذكرى الاربعين لقيام الجمهورية العربية المتحدة وتأسيس اول وحدة عربية في تاريخ العرب المعاصر. وناقشت الجلسة الاولى امس برئاسة عبدالعظيم المغربي عضو الامانة العامة لاتحاد المحامين العرب بحثا عن (مشروع الاتحاد العربي ـ محاولة عملية لتقريب يوم الوحدة) وهو عبارة عن بحث مقدم من الدكتور محيي الدين صبحي فيما يبدو انه اعده بحماس شديد مؤكدا فيه انه لم يسبق ان هان العرب على اعدائهم وعلى أنفسهم مثلما يحدث الان, كما استبيحت حقوقهم ونهبت مواردهم وتلاشت هيبتهم حتى استهتر اعداؤهم بمصالحهم ومطامحهم, وقال ان هناك اقطارا عربية محاصرة الى اجل غير مسمى, أهمها العراق وليبيا والسودان.. واقطارا مستهلكة في حروب اهلية ممتنعة على الحل مثل الجزائر والصومال. كما احتل الصهاينة بقية فلسطين. واشار الباحث الى ان الدول العربية الكبرى وفي مقدمتها سوريا ومصر والسعودية تواجه ضغوطا داخلية او تهديدات خارجية موضحا مخاطر الحلف التركي الاسرائيلي المهدد للوجود العربي في الهلال الخصيب وان هناك عداء عرقيا يحمله اتباع اتاتورك ضد العرب مصحوب بأوهام توسع امبراطوري يتناول شمال سوريا والعراق بخط يمتد من جنوبي حلب ويشمل مناطق الجزيرة الفراتية ليصل الى جنوبي الموصل في العراق محتويا بذلك آبار النفط العراقي في كركوك والمناطق الشمالية. كما ان الولايات المتحدة واسرائيل خططتا لاقامة ثلاثين سدا على دجلة والفرات بتمويل منهما وهو ما يعني ان العقل التركي ـ الاسرائيلي يرسم ملامح الحياة في المنطقة خلال القرن الحادي والعشرين. فشل الجامعة العربية وحول دور الجامعة العربية قال انها منذ يوم الاعلان عنها لم تكن على مستوى الطموح القومي وخلال خمسين عاما فشلت في تحقيق مضامين الميثاق الذي رسمته ومن ثم تعطل العمل العربي المشترك وتحول الى سياسة محاور وحدثت حالة انهيار في المؤسسات المدنية من نقابات واحزاب واتحادات وكذلك انهيار الاقتصاد الوطني الذي قاد بدوره الى مديونية متزايدة وارتهن الدفاع والاقتصاد لدى مراكز المال والسلاح في دول المتروبول, وبذلك ارتهنت الادارة السياسية لكل قطر عربي على حده. ولم يغفل الباحث مواقف الجامعة العربية الجادة وانها افضل مكتبة لكل مشروعات التكامل العربي, وخاصة السوق العربية المشتركة وميثاق الدفاع العربي المشترك, وتوحيد التعريب ومناهج التعليم. الوحدة .. ضرورة ملحة واحساسا بفداحة الانعكاسات السلبية التي رافقت تجزئة الوطن العربي وما يؤدي اليه تكريس النزاعات الاقليمية من تشتيت الجهود والقدرات وتأكيدا على تجاوز كل عقبة في طريق وحدة أمتنا وتقدمها وسيادتها على اراضيها, اعلن الباحث عن ضرورة قيام جامعة الوحدة العربية اطارا قوميا للاتحاد العربي, مجموعة موحدة متضافرة الارادات, وكتلة متراصة قائمة على مبادىء راسخة. واوضح ان مشروع جامعة الوحدة يرفع كل الانظمة السياسية التي تشترك فيه الى مستوى العمل القومي وانشاء الدولة العربية الاتحادية, فان كل نظام داخل الاتحاد مضطر الى القيام بما يتلاءم مع عظمة هذه المهمة التاريخية الكبرى, وخلال تشكيل مجالس الاتحاد وابان عملها سوف يتخلق نظام سياسي للمنظومة العربية. الديمقراطية اولا وتعقيبا على هذا المشروع جاءت المداخلات والردود ساخنة وبلغت في مجملها اكثر من 50 تعقيبا لكبار مفكري وسياسي الامة العربية أبرزها ما قدمه الدكتور احمد يوسف احمد والسياسية الاردنية اللامعة توجان فيصل التي طالبت بضرورة اعتماد فكرة الديمقراطية قبل المشروع الوحدوي. واكدت ان العالم العربي يفتقد الى النظم الديمقراطية قبل الوحدة, ولو كانت هناك ديمقراطية تطبق ما كان لنا حاجة بهذا الاجتماع. واكد معظم المعقبين على المشروع على ضرورة المشاركة الشعبية اكثر من مشاركة الحكومات وان تكون جميع القارات نابعة من الشعوب ذاتها وان تكن الشعوب وصية على الحكومات في هذا المشروع وليس العكس. هوية جديدة وقدم الدكتور ابراهيم ابوخزام بحثا ثانيا حول مشروع الاتحاد العربي بدءا من كفاح الشعب العربي نحو الاستقلال ومع ظهور جامعة العرب مؤسسة فنية وكأنها الرمز الفتي للوطنية العربية بعد عهود طويلة وهو ما دفع احد فتيان العرب الى رسم سياسة العرب التي تفرضها مصلحتهم ملخصة في هدفين اولهما: حرية العرب المطلقة في تكوين دولتهم القومية وثانيهما: السلام بين شعوب الارض جميعا واصفا شجرة العرب بأنها أشبه بنخلة شامخة في بستان العالم كله.. واشار الى ان الجهد الذي بذله الفكر العربي في قضية القومية والوطنية كان بسيطا للغاية وحتى المحاولات القديمة لم تفلح في وضع الحدود والفواصل. ومن هذا المنطلق طرح د. خزام هوية التأسيس للمشروع العربي وضرورة خلق هوية جديدة تستجمع عناصر الأمة وهويتها الثقافية, مضافا اليها هوية جديدة تنطوي على الاقتصاد والمصالح تصهر في نظام مؤسساتي. قيادة ومواطن وفكرة وحدد الباحث عدة شروط لهذا المشروع العملاق هي: الأخذ في الاعتبار الهوية التقليدية لتأسيس مشروع الكيان العربي اي الاستناد الى العاطفة القومية والبناء عليها. التركيز على المصالح الاقتصادية والمادية كمحتوى لمشروع الكيان العربي. إطار سياسي صالح لاستيعاب مشروع الكيان العربي وضمان تطوره بدون أزمات. وجوب تحديد قادة ومواطنين قادرين على النهوض بهذا المشروع. حلم الشعوب بالوحدة وفي الجلسة الثانية المسائية والتي حاضر فيها المفكر المصري عبد الغفار شكر حول دور الحركة الشعبية العربية في صنع الوحدة العربية وترأس الجلسة الدكتور على عقلة عرسان.. جاء بحث شكر مترابطا هادفا مؤكدا ان الشعوب العربية عاشت اكثر من الف سنة في ظل دولة واحدة شهدت في بعض فتراتها قيام سلطات محلية في هذا الاقليم او ذاك على حساب السلطة المركزية دون ان يقترن ذلك بنزعة انفصالية لدى الشعوب نفسها. ولم تكن هناك حدود بين هذه الاقاليم تمنع انتقال الافراد والجماعات من مكان الى آخر ولم تتكون التجزئة التي نعيشها حاليا بإرادة جماهيرية وانما تكونت نتيجة المعاهدات والاتفاقيات المبرمة بين الدول الاوروبية التي استعمرت هذه المنطقة في القرن التاسع عشر. ورغم كل ذلك لابد (ان يظل حلم الوحدة حيا في نفوس العرب ولا نبالغ اذا قلنا انها قائمة بالفعل على المستوى الثقافي. تحديات خارجية وأوضح عبد الغفار شكر التحديات الخارجية التي وقفت حائلا امام الوحدة ومنها ما يتمثل في الولايات المتحدة واسرائيل والدول الاوروبية التي تلتقي مصالحها في تكريس التجزئة العربية حماية لهذه المصالح, فقيام دولة عربية واحدة وليس وحدة عربية قطعا سوف يضعف الأمل في استمرار المشروع الصهيوني وكذلك إضعاف النفوذ الامريكي. .. وتحديات داخلية وأضاف ان هناك أوضاعا عربية داخلية تشكل تحديا آخر للوحدة العربية مثل التعدد العرقي والتعدد الديني والمذهبي والتفاوت الاقتصادي والاجتماعي والمصالح القطرية وهو ما يحتاج الى نوع من المعالجة الديمقراطية لهذه الاوضاع لان الديمقراطية هي المدخل الحقيقي للوحدة العربية وفي إطارها يمكن ان تلعب الشعوب دورا مؤثرا في النضال من اجل الوحدة بل ان شكر اعتبرها الارضية التي تتأسس عليها عملية تجديد الحركة الشعبية العربية الوحدوية. وشرح شكر لجموع المشاركين مبادىء الديمقراطية المتمثلة في الحرية والمساواة والمشاركة في القرار. الوحدة لا تفرض وأكد عبد الغفار شكر ان الاستنتاج الاساسي الذي توصل اليه جمال عبد الناصر من انهيار تجربة الجمهورية العربية المتحدة عام 1961 هو ان (الوحدة لا يمكن بل ولا ينبغي ان تكون فرضا و(ان قيام اتحاد للحركات الشعبية الوطنية التقدمية في العالم العربي امر سوف يفرض نفسه على المراحل المقبلة من النضال) وبمرور الوقت تتأكد صحة هذا الاستنتاج ويتأكد أن قيام هذا الاتحاد للحركات الشعبية على المستوى العربي يجب ان يسبقه قيام هذه الحركات في كل قطر عربي ومن ثم اكساب هذه الحركات قدرة على انتزاع استقلاليتها عن المؤسسات الحكومية وهذا ما نجحت في احداثه بعض مؤسسات المجتمع المدني التي أثبتت وجودها وأكدت حقها في ممارسة النشاط المؤثر الى حد ما في العديد من الاقطار العربية

Email