نافذة: الوحدة اليمنية: بقلم - عبدالله سعد محمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

حسين عرب وزير الداخلية اليمني ظهر هذه الايام كأبرز الرافضين لاغلاق ملف الحرب اليمنية 94م ولدعوة التسامح, وهو شخصية امنية وعسكرية وهو من الشخصيات البارزة في الطرف المنكسر في احداث 13 يناير 1986م والمنتصر في حرب 1994م ويتسلم حقيبة وزارة الداخلية حاليا في اطار تركيبة التوازن الجهوي للحكومة, وهو التوازن للقوى والمصالح في السلطة اليمنية. وتتنافس هذه القوى اليوم على (الاستثمار) وبناء المصالح بما يعرف (بتجارة النفوذ) واستخدام السلطة للاستحواذ على الثروة يستوي في ذلك التنافس المتنفذون في حزب تجمع الاصلاح والمتنفذون في حزب المؤتمر الشعبي الحزب الحاكم, اما قيادات المؤتمر فنصيبها من ذاك التنافس مثل حظ المجموعتين. يتفق مشائخ وفقهاء تجمع الاصلاح مع عسكر ومنظري زمرة المؤتمر على رفض اغلاق ملف حرب صيف 94 ورفض التسامح, الاول يكفر الاشتراكي والثاني يخونه, وكلاهما يستعدي رموز الحزب الاشتراكي ويداعب قواعده ويدعي الحق في شرعية قيادتها وملكيتها بعد مصادرة ممتلكاتها واستمرار رفض اعادتها, وكلاهما يتقربان في ذلك زلفى لقيادة المؤتمر, وان انتقل فقهاء الاصلاح من خطاب تكفير الاشتراكي واتهامه بالردة, وانتقل عسكر زمرة المؤتمر من خطاب التخوين والانفصال, وان انتقلا اليوم الى خطاب التخوين لرموز الاشتراكي وما يسمى بقائمة الــ (16 - 1) فهذا الانتقال يعكس حقيقة وضوح خطوط الاختلاف بين الاطراف والتيارات المكونة لتجمع الاصلاح وحزب المؤتمر ولم يعد عسكر ومنظرو زمرة المؤتمر يدعون شرعية قيادة الاشتراكي ولم يعد ايضا فقهاء ومشائخ تجمع الاصلاح يدعون وراثة قواعد الاشتراكي وزاد من ذلك ان ابتعدت الثانية عن قواعدها, وابتعدت الاولى عن انصارها وقواعدها التي احتفظت بشرعية تمثلها مناطقيا, وعملية فرز مثل هذه قدمتها يوميات السنوات التي تلت الحرب وتحديدا الفترة منذ انتهاء الانتخابات البرلمانية 97 التي قاطعها الاشتراكي ليثبت انه افراد تكمن مصلحتهم كبقية ابناء الشعب في بناء دولة مؤسسات تستظل بالتعددية والديمقراطية والمساواة, لا مكان فيها لالغاء الآخر ولا رقعة للتزوير, عملية فرز مثل هذه اعادت الى الاذهان الاختلالات والشقوق الكبيرة في تركيبة السلطة وتغييب بناء الدولة فلا خروج الاصلاح من الحكومة بعد الانتخابات اوصله الى المعارضة, ولا الاغلبية المريحة التي استحوذ عليها المؤتمر اوصلته الى السلطة. ويبدو واضحا وسط الجدل حول دعوة الرئيس علي عبدالله صالح الى اغلاق الملفات ان رفض زمرة المؤتمر وفقهاء الاصلاح هو الورقة الاخيرة للتمسك ببقايا تحالف حرب 94 لكنها ورقة لم ترتق الى شعرة معاوية, ولا تلامس اي مفهوم لشرعية البقاء في اغتراف مغانم غير مشروعة باستثناء شرعية اغتصاب السلطة للوصول الى الثروة. وتبدو حالة من الفرز الحقيقي اخذت بالتصاعد داخل اطراف السلطة نفسها حتمتها الدعوة لاغلاق الملفات بحيث ظهرت تحديات الغاء المحاكمات لقائمة الــ (16 - 1) الشهيرة مسألة تتطلب الحسم وتشكل المفتاح الاول للتعايش والقبول بالآخر, ويبدو الجرح واضحا لبعض اطراف السلطة وشخوصها الذين لم يسعفهم الحظ لاكمال استجماع الحد المطلوب من الثروة ونجدهم يرفعون شعارات الرفض والمزايدة لكنهم لا يجرؤون على ربطها بشرعية الوحدة كما فعلوا وسط اجواء الباروت, في اليمن اليوم تبدو حالة من الاقتراب نحو بناء مؤسسات الدولة قد اختمرت وتصدرت اهتمامات الجميع باستثناء رموز المافيات في السلطة منهم الفقهاء ومنهم المشائخ ومنهم العسكر ويتبعهم غير قليل من المنافقين. ويردد الوسط الشعبي بتندر ان القيادات التي شاركت باعلان قيام الجمهورية اليمنية العام 1990 رددت اكتشافات واعترافات خطيرة مفادها ان الحروب الشطرية كانت تقوم بين الشمال والجنوب على اساس ان الاول رأسمالي واسلامي, وان الثاني شيوعي واشتراكي, واتضح بعد الوحدة انه لا الجنوب شيوعي ولا الشمال رأسمالي, يتندر الوسط الشعبي الذي دفع الضريبة في كل حرب, وأخشى ما يخشاه المرء ان تكتشف قيادات حرب صيف 94 من الطرفين الذي ادعى الوحدة والذي ادعى الانفصال, تكتشف وتعترف بوقت متأخر ان لا هذا وحدوي ولا ذاك انفصالي.

Email