مصادمات عنيفة في بيت لحم والخليل: السلطة تسعى لنزع فتيل الانتفاضة الثالثة

ت + ت - الحجم الطبيعي

سعت الشرطة الفلسطينية لنزع فتيل (الانتفاضة الثالثة) أمس حيث تدخلت بقوة لمنع آلاف الفلسطينيين الغاضبين في الخليل ونابلس وبيت لحم, لكن تدخلها أخفق مع ذلك في منع حدوث المواجهات التي تأتي احتجاجا على مقتل ثلاثة فلسطينيين برصاص جنود الاحتلال عند حاجز ترقوميا قرب الخليل قبل أيام. وجاء ذلك في وقت نشرت فيه قوات الاحتلال تعزيزات كبيرة وأعلنت حالة الاستنفار تحسباً لمصادمات واسعة عقب صلاة الجمعة, فيما دعا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الفلسطينيين الى ضبط النفس. وافاد شهود عيان أمس ان وحدات من الامن الفلسطيني تدخلت لمنع شبان فلسطينيين من رشق مواقع للجيش الاسرائيلي بالحجارة في وسط الخليل. وحسب هؤلاء الشهود فان مجموعات صغيرة من الشبان توجهت الى المواقع الاسرائيلية عند الخط الفاصل بين مناطق السلطة الفلسطينية والجيب الخاضع للسيطرة الاسرائيلية وبدأوا برشق الجنود الاسرائيليين بالحجارة. وهرعت على الفور وحدات من قوة (التدخل السريع) التابعة لجهاز الامن الوقائي الفلسطيني وعملت على ابعاد الشبان عن المواقع الاسرائيلية. غير ان شهود عيان قالوا ان مجموعات من الشبان الفلسطينيين تسللت الى المناطق الخاضعة للسيطرة الاسرائيلية في وسط الخليل وقامت برشق الجنود الاسرائيليين بالحجارة والزجاجات الحارقة. وقال شهود عيان ان (الشبان الفلسطينيين نظموا عمليات كر وفر حيث تسللوا الى الشوارع التي تقع خلف مبنى (بيت هداسا) الذي يقطنه مستوطنون يهود وقاموا برشق الجنود الاسرائيليين بالحجارة) . وفي نابلس التي امتدت اليها (الانتفاضة الثالثة) امس, شكلت الشرطة الفلسطينية حاجزا بشريا كثيفا للحيلولة دون وصول نحو ثلاثة آلاف متظاهر الى (قبر يوسف) الذي يخضع للسيطرة الإسرائيلية. وحاولت مجموعات من الشبان اختراق صفوف الشرطة الفلسطينية التي منعتهم وألقت قنبلتين مسيلتين للدموع باتجاههم. وكان المتظاهرون انطلقوا من وسط المدينة بعد صلاة الجمعة احتجاجاً على (مقتل العمال الثلاثة) . ودعت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الى هذه التظاهرة وشاركت بها ايضا مجموعات كبيرة من الحركة الاسلامية في المدينة والتي تعتبر حركة حماس القوة الاكبر فيها. ورفع المتظاهرون اعلاما فلسطينية واطلقوا هتافات تدعو الى تعميق الوحدة بين حركتي فتح وحماس. واطلقت مجموعات من الشبان المؤيدة لحركة حماس هتافات تطالبها بتنفيذ عمليات انتقامية منها "الى الشريف تحية بدنا اكبر عملية) . وكان المتظاهرون يقصدون محي الدين الشريف ابرز قيادات كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس والذي يعتبر المطلوب الاول لاجهزة الامن الاسرائيلية والملقب (بالمهندس الثاني) . بيد ان مساعي الشرطة الفلسطينية لقمع (الانتفاضة الثالثة) باءت بالفشل في بيت لحم, حيث وقعت مصادمات عنيفة بين عشرات الشبان الفلسطينيين والجنود الاسرائيليين في المدينة. وتوجه عشرات الشبان بعد صلاة الجمعة الى الحاجز الاسرائيلي عند قبة راحيل في المدخل الشمالي للمدينة وقاموا برشق الجنود الإسرائيليين بالحجارة فرد هؤلاء باطلاق العيارات المطاطية والقنابل المسيلة للدموع. وفي بلدة دورا, مسقط رأس العمال الثلاثة الذين قتلوا على يد جنود اسرائيليين عند حاجز ترقوميا قال شهود ان حوالي 150 شابا ملثما شاركوا في مسيرة بعد صلاة الجمعة رفعوا خلالها الأعلام الفلسطينية وأحرقوا أعلاما اسرائيلية. وكانت العديد من المناطق الفلسطينية شهدت مواجهات استمرت على مدى الأيام الثلاثة الماضية وأسفرت عن إصابة 80 فلسطينيا بجروح بينهم طفل فلسطيني في حالة خطرة اعتبرت المصادر الطبية الفلسطينية انه في حالة موت دماغي. وأمس أعلن الجيش والشرطة الإسرائيليان حالة التأهب القصوى في صفوفهما تحسبا لمواجهات محتملة ولعمليات تقوم بها منظمات فلسطينية ردا على مقتل العمال الثلاثة. وقال الجنرال عوزي دايان, قائد المنطقة العسكرية الوسطى, ان "الخطر المحتمل لوقوع اعمال ارهابية قد تزايد) على حد تعبيره, واضاف انه امر بتعزيز القوات في الضفة الغربية والقدس. واوضح (لا يمكننا ان نتنبأ ما يخبئه الغد او الساعات المقبلة. يجب اذن ان نبقي قواتنا في حالة استنفار على الارض للحفاظ على الامن واتخاذ كل الاجراءات اللازمة لمواجهة اي احتمال) . ومن جهته دعا نتانياهو الجانب الفلسطيني - الى ضبط النفس وحاول تهدئة الغضب الفلسطيني بتقديم اعتذاره الى عائلات القتلى الثلاثة. لكن نتانياهو حاول مجدداً تبرير المجزرة قائلاً ان ماحدث كان (خطأ مأساويا) . واضاف مخاطبا العائلات الفلسطينية التي فقدت أبناءها (انني ادرك الثمن الذي دفعتموه ونريد السير معكم نحو السلام) . وافاد أنه يجب على الاسرائيليين والفلسطينيين ان يعبروا مجددا عن استعدادهم للدخول في مفاوضات (تجلب الامل بالسلام) معربا عن امله في الاستجابة لندائه هذا. وزعم ان الجنود الاسرائيليين على الحاجز العسكري في ترقوميا اطلقوا النار (من منطلق ان حياتهم كانت في خطر معربا عن الاسف لان (أخطاء مأساوية تحدث أحيانا) . ودعا رئيس الوزراء الاسرائيلي الى ضبط وتهدئة الأوضاع على الجانب الفلسطيني مشيرا الى ان التحلي بضبط النفس سيؤدي الى (تطورات ايجابية) . واعرب نتانياهو مجددا عن رغبته بلقاء رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات (للقيام بالعمل المطلوب لتحقيق السلام) . وعقب الأمين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبد الرحيم على تصريحات نتانياهو قائلا (سمعنا كلاما طيبا لكن العبرة بالممارسة) . ودعا الحكومة الإسرائيلية الى أخذ العبر والدروس من هذا الحادث المأساوي مستطرداً (لكن الحكومة الإسرائيلية لن تعتبر) .

Email