الغويل يكشف لـ(البيان) تفاصيل المعركة القانونية بين ليبيا والغرب طرابلس تحتفظ بحقها في المطالبة بالتعويض عن الخسائر

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشف ابراهيم الغويل محامي المتهمين الليبيين في قضية لوكيربي عن تحرك عربي افريقي وشيك للمطالبة بوقف العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا وذلك عبر مشروع قرار تتقدم به اللجنة السباعية العربية والخماسية الافريقية الى مجلس الامن الدولي . وروى الغويل في حوار مع (البيان) القصة الكاملة للصراع القانوني الذي امتد لسبع سنوات بين ليبيا وكل من الولايات المتحدة وبريطانيا بشأن القضية. ويكشف الغويل في الحوار خطته للمراحل المقبلة من الصراع (بين قوة القانون وغشامة القوة) على حد تعبيره, والصعوبات التي يتوقعها خلال المراحل التالية لكنه بدا شديد الثقة في انتصار الحق في اخر المطاف. ويتحدث الغويل في امكانية مطالبة ليبيا بالتعويض عن الخسائر التي لحقت بها جراء الحصار لكنه قال ان ذلك امر سيتم ارجاؤه مع ضرورة الاحتفاظ بحق المطالبة. وفيما يلي نص الحوار: * هل نستطيع ان نتعرف على القصة الكاملة للقضية؟ ـ من البداية الى النهاية كانت قضية لوكيربي عبارة عن صراع بين قوة القانون وغشامة القوة.. لقد كان الغرب مقررا لامور سياسية مقدما لكنه اختار لها مدخلا قانونيا.. او بالاحرى كانت له قرارات سياسية ضد المشروع الوحدوي في ليبيا.. ولكن اختياره للمدخل القانوني لحسن حظنا, ولسوء حظه, او لحسن حظه يعود ايضا لحكم القانون. ومن البداية وضعنا استراتيجية للتحرك على اساس قانوني ذلك لانهم (اي الغربيون) اعلنوا الاتهام يوم 14/11/91.. أي بعد ثلاث سنوات من الحادث الذي وقع يوم 21/12/1988.. وخلال هذه السنوات الثلاث لم يذكر اسم ليبيا على الاطلاق, وكانت مفاجأة في الاعلان المسرحي للايهام الذي تم في امريكا وبريطانيا في آن معا. وهذا غير مسبوق لا في القضاء الامريكي ولا في البريطاني. وكان واضحا منذ تلك اللحظة ان القضية لها ابعاد اخرى وليست فقط ذات بعد قانوني. وحين توليت القضية في 16/11/91م ادركت اننا يمكن ان نباري الولايات المتحدة وبريطانيا في القانون, وتم الاتصال بيني وبين الجهات العدلية في ليبيا, وابلغتهم انني سأقبل اشياء بالنسبة لموكلي وارفض ما عداها, وحددت قبول التحقيق المبدئي معهما, وامكانية التحفظ عليهما, وانتظارهما لكافة الاجراءات حتى يتم التعاون القضائي بين الدول المعنية.. واوضحت بهذه الجهات ان المادة السادسة من اتفاقية مونتريال لسنة 1971 تتطلب هذه الاشياء. ووفقا للمادة (11) من الاتفاقية فان الاطراف الاخرى ملزمة بان تتعاون في هذه القضية. وما عدا ذلك فان الاختصاص القضائي منعقد للجماهيرية العربية الليبية والقضاء الليبي وفقا للاتفاقية مادة (5), الفقرة 2, 3 وان القانون الوطني الليبي يجعل الولاية القضائية للقضاء الليبي, والقانون الدولي العرفي والمكتوب يعطيان الحق للجماهيرية اذا ارسلت سلطتها القضائية الا يكون عليها اي الزام بالتسليم.. وتلك قاعدة في القانون الروماني تم احياؤها في القانون الدولي واستمرت فيه والتي كانت وراء كل التشريعات من بعد.. (اما ان تحاكم واما ان تسلم).. واذا بدأت اجراءات المحاكمة سقط اي الزام بالتسليم. المأزق الغربي ويستطرد الغويل: فور وصول لائحة الاتهام في 18/11 سارعت السلطات الليبية بتعيين قاضي تحقيق, وشعر الجانب الغربي ان القضية ستأخذ مجراها القانوني, وادركوا ان المدخل القانوني الذي اختاروه سيكون مأزقا لهم.. فاذاعوا بيانا في 27/11 من العام نفسه كان بيانا سياسيا على الرغم من تضمنه لمطالب قانونية.. أي انها مطالب بها امور قانونية لكن بطريقة غير قانونية.. وقد تضمن ذلك البيان ثلاثة مطالب كل واحد فيها اغرب من الثاني. والصيغة في هذا البيان كانت آمرة تنم عن استعلاء شديد.. واول هذه المطالب ان تسلم ليبيا المتهمين, رغم انهم يعرفون ان التسليم غير جائز وفق القانون الوطني الليبي الذي وضعوه هم: ابان فترة الاحتلال وعندما كانت بريطانيا تعد لاستقلال ليبيا تحت اشراف الامم المتحدة. كما انهم يعرفون ان في ذلك مخالفة لاتفاقية مونتريال وللقانون الدولي اضافة الى انه وفقا لقوانينهم لا يجوز طلب التسليم ولا يمكن ان يتم في غياب اتفاقيات منظمة لذلك بين الدول. ... وثاني هذه المطالب التعويض الفوري ومقدما, ويقينا فان هذا الطلب غير مشروع اذ لا يجوز طلب التعويض الا اذا كان هناك حكم بالادانة وثبوت تبعية الشخص للحكومة وانه كان يعمل وفق تعليماتها, وهذا بالقطع غير قائم. .. وثالث المطالب كان اغرب مما سبقاه اذ طلبا من ليبيا ان تكشف عن الادلة التي تدين المتهمين!! ويضيف الغويل: للأسف الشديد فان هذا البيان هو الذي يشار له في قرار مجلس الامن رقم 731 (بان على ليبيا ان تستجيب لطلبات الدولتين) .. وفي تقديري انهم ستروا بيانهم بقرار مجلس الامن تحت العبارة المشار اليها لان هذا البيان الذي صدر في 21/1/1992م اعتبره (فضيحة) . واصبحوا فيما بعد يشيرون الى قرار مجلس الامن 731.. ولا يشيرون الى مطالبهم.. ولقد طالبت الاعلام العربي باستمرار بضرورة الاشارة الى تلك المطالب وايضاحها في حال الحديث عن قرار مجلس الامن الدولي.. وهذا البيان هو الذي سجل في مجلس الامن تحت رقم 2007. ويستطرد الغويل:.. في اطار هذا الصراع طلبت من الدولة الليبية ان تطلب التحكيم الدولي وفقا لاتفاقية مونتريال.. خاصة في ظل اصرارهم على موقفهم, وامتناعهم عن تقديم المساعدة القضائية لقاضي التحقيق الليبي بسبب اصرارهم على انه لا اختصاص للقضاء الليبي.. وطلب التحكيم جاء وفق اتفاقية مونتريال (مادة 14/1) التي تقول ان اي منازعة في تفسير وتطبيق الاتفاقية يلجأ الى التحكيم, فانه لم يتم التحكيم خلال ستة اشهر يحال الامر الى محكمة العدل الدولية,وهنا أوضح ان الاحالة آلية تلقائية, ولم نكن محتاجين لاجراء مشارطة مع الولايات المتحدة وبريطانيا, وبالتالي جاءوا الى المحكمة مجبرين وفق اتفاقية مونتريال.. ومن المهم ان اذكر هنا اننا طلبنا التحكيم يوم 17/1/92 وكان امرا حتميا لنكسب جولة الصراع قبل اصدارهم لقرار مجلس الامن الدولي, وهذا ما جاء في حكم محكمة العدل الدولية (ان طلب التحكيم كان مؤسسا قانونيا وسابق للقرار 731) . اللجوء للعدل الدولية ويستكمل الغويل القصة: حين صدر قرار المجلس اعتبرت اني لست ملزما بانتظار فترة الستة اشهر لانه بلجوئهم الى مجلس الامن يعني ذلك رفضهم للتحكيم, وطلبت من الدولة الليبية دفع القضية الى محكمة العدل الدولية, وبالفعل رفعت الدعوى امام المحكمة يوم 3/3/1992.. وحينما حاولوا استصدار قرار مجلس الامن رقم 748 كانت الدعوى قد سجلت واصبحت مقبولة ومن اختصاص محكمة العدل الدولية واهمية ذلك الامر تكمن في انهم لو استطاعوا استصدار قرار بالعقوبات وفق الفصل السابع عن الميثاق قبل هذا التاريخ فانهم كانوا من الممكن ان يضعوا الخط السياسي متقدما على الخط القضائي والقانوني للقضية. ويضيف الغويل: اودعنا مذكرتنا فيما بعد, والتي كانت تدور حول ثلاث نقاط: 1 ـ تفسير وتطبيق اتفاقية مونتريال فيما يتعلق بالمادة 5 فقرة 2, 3 المتعلقة بالولاية والاختصاص. 2 ـ تفسير وتطبيق الاتفاقية في المادة السابعة مقروءة مع المادة 8 فقرة 3 الخاصة بعدم وجود أي الزام على ليبيا بالتسليم في حالة مباشرتها لأي اجراءات قانونية. 3 ـ ضرورة تفسير وتطبيق المادة 11 التي تتطلب المساعدة والتعاون القضائي في نفس القضية. وقد وضعنا مذكرتنا الشارحة والمفسرة للقضية في 20/12/1993,وكان من المفروض ان تودع كلا من بريطانيا وامريكا مذكراتهما وملاحظاتهما في فرصة قريبة, الا ان الامر استغرق عاما ونصف العام واودعوا مذكرة في 20/6/95 دفعوا فيها بعدم اختصاص المحكمة وعدم القبول.. وكما تعرفون فمنذ أيام صدر قرار المحكمة في هذين الدفعين.. بتقرير اختصاصها وقبولها للدعوى, وانها اساسا قانونية ومؤسسة تأسيسيا قانونيا.. وصدور قرارات مجلس الامن لا يمس هذا الامر لان قبول المحكمة للدعوى تم منذ يوم 3/3/1992 وقبل صدور القرار 748 والقرار 883 لسنة 93 والذي صدر وفقا للفصل السابع وقرار العقوبات الدولية على ليبيا.. وماذا يتبقى الان؟ ـ يتبقى الان ان القضية عادت لمسارها القانوني, ونحن نحمل شعار القانون في مواجهة غشامة القوة.. الان اهمية حكم المحمة انه اعاد الامور الى اصولها.. ووفقا للمادة 36 من ميثاق الامم المتحدة كان على مجلس الامن الدولي (وجوبيا) ان يحيل الاطراف الى محكمة العدل الدولية, وهو الامر الذي لم يفعله. وثانيا: لو افترضنا ان مجلس الامن قام بالاجراء القانوني السليم وقررت المحكمة قبول القضية,وانها من اختصاصها.. ويضاف الى ذلك ان بريطانيا وامريكا اثناء المرافعة من يوم 13/10 الى 22/10/1997 اقرا بأنهما يفهمون جيدا التفسير الذي تقدمت ليبيا بطلبه ويوافقون عليه وان ليبيا مختصة بالولاية القضائية وفقا للمادة 5 فقرة ح من اتفاقية مونتريال, وهذا موثق على لسان الدولتين.. ثم انهم اقروا بان ليبيا لا الزام عليها بالتسليم بالنظر الى المادة 7 مقروءة مع المادة 8 من الاتفاقية, واقروا ايضا بمعرفتهم بضرورة المساعدة القانونية لليبيا.. اذن فهم وافقوا على الطلبات الليبية واقرت به وهذا كله موثق.. .. في ضوء ذلك لنفترض ان مجلس الامن اصدر قرارات اتضح خطؤها فالحل ان يصحح المجلس قراره فان لم يفعل أحيل الأمر الى الجمعية العامة للامم المتحدة. التحرك القادم وماذا ستفعلون الان؟ ـ في لقائي مع د. عصمت عبدالمجيد اتفقنا على التحرك من خلال اللجنة السباعية العربية والخماسية الافريقية الى مجلس الامن ونطلب منه اتخاذ قرار صيغته على النحو التالي: طلب المحاكمة في بلد ثالث باعتبار ان هناك اختصاصا للبلد التابعة له الطائرة واختصاصا للبلد الذي وقع فيه الحادث واختصاصا الان اصبح واضحا ومؤكدا للبلد الذي يوجد فيه المشتبه فيهما, هو مطلب مقبول وعادل ومحقق لمطالب كل الاطراف وما يمكن ان يطلبوه في تلك القضية وهو ما يحقق الفقرة 16 من القرار 883 لسنة 1993 والتي تقول اذا ضمنت ليبيا حضور الاثنين للمحاكمة, وهو ما يترتب عليه وقف العقوبات تمهيدا لرفعها. * هل تواجهكم صعوبات في ذلك؟ ـ الصعوبة في تدخل امريكا واستعمالها لحق الفيتو.. ولكن هنا تقول المادة 27 من الميثاق (لا يحق لدولة صاحبة مصلحة ان تصوت في قرار يمسها) .. وهذه المادة لم تراع في اصدار القرارات السابقة مما يبطل الاجراء قانونا.. لكني اتوقع ان مجلس الامن يستطيع ان يمرر القرار في هذا الاطار وبالتالي توقف العقوبات تمهيدا لرفعها خاصة وان المطلب ستحمله ايضا المجموعة الاسلامية وحركة عدم الانحياز. التعويض عن خسائر الحصار هل ستحتفظ ليبيا بحقها في التعويض عن الخسائر التي لحقت بها جراء الحصار؟ ـ هذا امر سوف يبحث لاحقا, وبالقطع فان من حقنا التعويض لكن الشيء المباشر الان والمطلوب فورا هو رفع العقوبات عن الشعب الليبي الذي يعاني من نوفمبر 1992 ولقد قبلنا بالمحاكمة في بلد ثالث لرفع المعاناة عن الشعب الليبي ولاننا نهتم بان تجرى المحاكمة امام محكمة تضمن امكانية المحاكمة العادلة, ونحن نرى ايضا اهمية ان يوافق الجميع بان العدالة قد تحققت فكما لنا مآخذنا على المحاكمة لديهم قد يكون لهم مآخذهم على المحاكمة في ليبيا وحتى يتأكد الجميع ان القضية لا اساس لها من الواقع.. واذا لم تنزل بريطانيا وامريكا على الحكم الدولي؟ ـ هذا لا يمكن لان محكمة العدل قررت في موضوع هو جزء من القانون الوطني الامريكي والبريطاني. هل يجوز لليبيا التقدم بشكوى لمجلس الامن في هذه الحالة؟ ـ تملك ليبيا ذلك لسببين لان هذا هو الاقتراح الذي قدم في الاعمال التحضيرية, ثم انه منصوص عليه في المادة 94 من الميثاق, واضاف الى ذلك نحن نبحث امكانية اثارة الموضوع امام المحاكم الامريكية نفسها. اضافة الى ذلك كله فانه وفقا للمادة 36 من الميثاق فان مجلس الامن غير مختص واحدث خللا بالاجراءات واصبحت قراراته باطلة وغير ملزمة بالتنفيذ للدول الاعضاء في الامم المتحدة. وبقراءة قرارات مجلس الامن وتفسيرها فانها لا تطلب من ليبيا سوى (الاستجابة) لكنها غير ملزمة. كيف توصلتهم الى اقتراح دولة ثالثة تجرى فيها المحاكمة؟ ـ تقدم بتلك الفكرة اصلا استاذ قانون اسكوتلندي, وهو مستشار الخارجية البريطانية واسمه البروفيسور روبرت بلاك ومعه تريف جارنا الذي كان وزيرا للدولة للشؤون الخارجية في حكومة تاتشر حتى اني تصورت وقتها ان هذا الاقتراح عرض رسمي, وما زال هذا المقترح تتبناه ليبيا والجامعة العربية ومنظمتي الوحدة الافريقية والمؤتمر الاسلامي لانه يحقق ايضا المحاكمة العادلة للجميع بعيدا.. عن المحلفين الذين يمكن ان تحيط بهم شبهة انحياز.. ويختتم الغويل حواره لـ(البيان) بقوله.. (لقد فاوضنا واستجبنا اكثر ما يمكن على الرغم من عدم مشروعية قرارات مجلس الامن) . القاهرة ـ احمد رجب

Email