وقف (الدستور) المصرية مجرد إشارة حمراء: أزمة بين الحكومة ونقابة الصحافيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

تقول الدوائر الصحفية في مصر ان الموقف الذي تم اتخاذه ضد صحيفة (الدستور) لا يعكس موقفا عاما من الصحف الـ 37 التي تحمل تراخيص اجنبية وتطبع في مصر بموافقة حكومية. وتؤكد هذه الدوائر على ذلك بموقفين يعكسان الرؤية الرسمية في هذه الظاهرة. الموقف الاول شهده مجلس الشورى قبل اسابيع, حين طالب بعض النواب بمواجهة ظاهرة هذه الصحف ووضع ضوابط للسماح بطبعها في مصر بعد ان تحولت الى ظاهرة عشوائية كما رأي بعض النواب. لكن تصدى للدفاع عن هذه الصحف امام المجلس كل من صفوت الشريف وزير الاعلام ومصطفى كمال حلمي رئيس مجلس الشورى ورئيس المجلس الاعلى للصحافة, حيث اعتبرها الاول مظهرا من مظاهر الديمقراطية في عهد الرئيس مبارك, والثاني قال لا قيود عليها ولا رجعة عنها وهناك ضوابط ساهم في وضعها رؤساء تحرير الصحف القومية. بل ان صفوت الشريف مد دفاعه الى 106 صحف تصدر في مصر بصورة غير قانونية حيث لم تحصل على موافقة المجلس الاعلى للصحافة بالاضافة الى 37 صحيفة تحمل تراخيص اجنبية, مؤكدا انها ادت الى انعاش صناعة الصحافة في مصر حيث انها شجعت المؤسسات الصحفية على تطوير مطابعها كي تلبي احتياجات هذه الصحف. من ناحية ثانية حرص وزير الاعلام المصري الى الحصول على موافقة تدعم موقفه من نقابة الصحفيين المصريين, لكن مجلس النقابة شهد انقساما حول هذه القضية خاصة وانها واكبت صدور قانون الشركات الجديد الذي جعل الموافقة على انشاء شركات مصرية لاصدار الصحف من اختصاص رئيس الوزراء شخصيا, وهو ما اعتبر قيدا جديدا على اصدار الصحف, ودفع معظم اعضاء مجلس النقابة الى رفض مناقشة السماح بطبع الصحف الاجنبية في مصر الا اذا اقترن ذلك بمناقشة البنود الجديدة في قانون الشركات. ورأوا ان الوضع الحالي يضع كل الاوراق في يد الحكومة حيث تزدهر السوق الصحفية بوجود عدد كبير من الصحف والمجلات, وفي نفس الوقت تبقى هذه الصحف تحت السيطرة الحكومية الكاملة, فحين تخرج احداها عن (الخط الاحمر) يمنع طبعها في مصر... وهو ما حدث مع صحيفة (الدستور) . وازاء الانقسام في مجلس النقابة, اكتفى النقيب مكرم محمد احمد بخطاب شخصي منه الى وزير الاعلام ردا على رسالته, وضمن خطابه بعض الشروط التي ينبغي توافرها حتى يتم السماح بطبع هذه الصحف (الاجنبية) في مصر. وعلى هذا الاساس ترى الدوائر الصحفية ان القرار بمنع طبع (الدستور) في مصر لا يمثل توجها حكوميا عاما ضد كل الصحف التي تحمل تراخيص اجنبية ولكنه يمثل اصرارا حكوميا على وضع (الخطوط الحمراء) التي لابد لهذه الصحف ان تلتزمها اذا ارادت البقاء على قيد الحياة. وعلى هذا الاساس ترجح الدوائر الصحفية ان يكون ما حدث لـ (الدستور) اجراء مؤقتا, وان تعود وزارة الاعلام بعد فترة قصيرة فتسمح بطبع الصحيفة في مصر بعد ان تكون الرسالة قد وصلتها. من ناحية اخرى يسعى اصحاب (الدستور) الى طرق كل الابواب لمواجهة الموقف. ففي الوقت الذي يأملون في الوصول لحل ودي لانهاء الازمة عن طريق الجهود التي تبذلها النقابة والنقيب مكرم محمد احمد, ينتظرون حكم المحكمة في دعوى كانوا قد أقاموها للحصول على موافقة الجهات المختصة لاقامة شركة مصرية لاصدار الصحيفة وفقا لقانون الصحافة. الجدير بالذكر ان القواعد التي تحكم عملية طبع الصحف (الاجنبية) في مصر تتضمن الا يزيد عدد النسخ المطلوبة عن 20 الف نسخة من كل عدد. وان كانت وزارة الاعلام حين تريد تغض الطرف عن ذلك حيث تجاوزت الدستور رقم المائة الف نسخة. القاهرة ــ مكتب البيان

Email