لوكيربي: جدل مستمر ومأزق قانوني لواشنطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

اقرار محكمة العدل الدولية باختصاصها بالنظر في الشكوى الليبية ضد واشنطن ولندن والمتعلقة بحادث تفجير طائرة (بان ام) الامريكية فوق لوكيربي , وضع واشنطن في مأزق قانوني ومهد الطريق امام الانتقال الى المرحلة التالية من الجدل القانوني حول القضية والمرجح أن يتم خلال الشهور القليلة المقبلة. والمعروف ان احكام محكمة العدل الدولية ملزمة ولايمكن استئنافها لكنها في نهاية الأمر ربما تعتمد على مجلس الأمن على تنفيذها .. والولايات المتحدة وبريطانيا بين الأعضاء الدائمين في المجلس. وقال دبلوماسي رفض الكشف عن اسمه في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط, انه لاتوجد أي سوابق قانونية من قبل لتعارض بين قرارات مجلس الأمن وأحكام محكمة العدل الدولية في حد علمه, وربما تصبح هذه القضية سابقة فيما يتعلق بالعلاقة بين الهيئتين وايهما له حق الأولوية على الأخرى. واضاف الدبلوماسي ان الحكومة الليبية نجحت في العثور على حجة قانونية مفيدة في اتفاق دولي للملاحة وقعت عليه ليبيا والولايات المتحدة ودول أخرى ويمنحها الحق وفق التفسير الليبي في محاكمة هؤلاء المشتبه فيهم, ولم تفصل المحكمة بعد في موضوع القضية ولكنها قبلتها شكلا للنظر فيها رغم المعارضة الامريكية والبريطانية. وعلى عكس منظمة التجارة العالمية لاتملك محكمة العدل آليات لاجبار الاطراف على تنفيذ أحكامها وقالت مصادر امريكية انه اذا قضت المحكمة بعد نظر القضية التي تستغرق عدة سنوات بأنه يمكن لليبيا محاكمة المتهمين بنفسها أو في بلد ثالث فان واشنطن ستكون في مأزق قانوني دولي ربما يجبرها على قبول المحاكمة في بلد اوروبي غير بريطانيا. ليبيا طالبت برفعها خلال هذا الشهر… أمريكا: العقوبات باقية ولن تتغير اعتبرت ليبيا امس ان العقوبات التي تفرضها الامم المتحدة عليها منذ العام 1992 باتت (لاغية وباطلة) اثر قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي اختصاصها بالنظر في قضية لوكيربى. وفيما اعلنت ليبيا انها ستطالب برفع العقوبات خلال جلسة مراجعتها في مجلس الامن الشهر الحالى فان الولايات المتحدة قالت ان العقوبات ستبقى وانها لن تتغير بموجب قرار (فني تمهيدي) , ملوحة بتحدي قرار المحكمة الدولية الذي اقر باختصاصها بنظر الشكاوى الليبية ضد بريطانيا والولايات المتحدة بشأن قضية تفجير طائرة ركاب امريكية فوق لوكيربي باسكتلندا عام 1988. واعلن امن قضاة المحكمة الخمسة عشر ان طلبات ليبيا مقبولة رغم ان تلك الطلبات تتحدى شرعية قرارات مجلس الامن الدولي التي تفرض عقوبات على ليبيا بسبب موقفها في القضية. وكانت طائرة ركاب تابعة لشركة بان امريكان الامريكية انفجرت اثناء الرحلة رقم 103 في ديسمبر عام 1988 فوق بلدة لوكيربي الاسكتلندية مما ادى الى مقتل 259 شخصا على متنها و11 شخصا على الارض. وهللت ليبيا لقرار المحكمة بشدة واعتبرته انتصارا لارادة القانون الدولي. واعتبرت ليبيا ان العقوبات الدولية التي تفرضها الامم المتحدة على طرابلس منذ اكثر من ست سنوات, باتت (باطلة ولاغية) اثر قرار محكمة العدل الدولية. وحضت وزارة الخارجية الليبية في بيان تلقت (البيان) نسخه منه بالفاكس الدول التي تدعم ليبيا في قضية لوكيربي الى (اسقاط اي التزام بتنفيذ قرارات الحظر والعقوبات التي ثبت عبر حكم محكمة العدل الدولية بطلانها) . وأكدت البيان ان صدور حكم محكمة العدل الدولية يؤكد مشروعية المطالب الليبية ويبين أن وجهة نظر أمريكا وبريطانيا بشأن هذه القضية لاتستند الى أى أساس قانونى. وقال البيان ايضا أن صدور هذاالحكم يفضح أمام المجتمع الدولى بطلان قرارات أمريكا وبريطانياالتى فرضت على ليبيا بشأن قضية لوكربى من وجهة نظر القانون الدولى الذى حكمت على أساسه محكمة العدل الدولية. وعبر البيان عن الامل فى أن يكون هذا الحكم نهاية لسياسة الارهاب الرسمى وحدا فاصلا لخرق ميثاق الامم المتحدة والاستهتار بالقانون الدولى وانتهاك سيادة الامم المتحدة واختياراتها والاستخفاف بمحكمة العدل الدولية التى هى الاداة القضائية الرئيسية للامم المتحدة وكذلك الاستهتار بالجمعية العامة . ومن جهته قال سفير ليبيا لدى الامم المتحدة عمر دورده ان ليبيا ستطلب رفع العقوبات المفروضة عليها بعد القرار الذي اصدرته محكمة العدل. وصرح السفير دورده (العقوبات لم تعد مبررة ويجب تاليا رفعها) . وشدد على ان (محكمة العدل الدولية يجب ان تتولى القضية من مجلس الامن الدولي) . ومضى يقول (انها مسألة قضائية وليست سياسية) . واوضح السفير انه سيطلب من مجلس الامن رفع العقوبات خلال جلسة مراجعة العقوبات مطلع مارس المقبل. وفي مقابلة اجرتها معه محطة (الجزيرة) القطرية الفضائية من نيويورك اوضح دورده ان (ليبيا تحتفظ لنفسها بحق المطالبة في الوقت المناسب وبالاسلوب المناسب في التعويض عن كل ما لحقها من اضرار مادية واكثر منها اضرار معنوية) . وتابع يقول ان (العقوبات غير قانونية واصبح من الواجب الغاؤها فورا) مضيفا ان (الحكم (محكمة العدل الدولية) ملزم واي دولة تمتنع عن تنفيذ هذا الحكم تعتبر هي الدولة الخارجة عن القانون) . واضاف (نحن من جانبنا سوف نتقدم فورا لمجلس الامن للمطالبة بالغاء العقوبات وسنطالب بانصاف ليبيا عما لحق بها من ظلم) . بيد ان الولايات المتحدة سعت للتقليل من شأن القرار قائلة انه (مجرد قرار فني اجرائي) لا يعيد النظر في قرارات الامم المتحدة. وقال الناطق باسم الخارجية الامريكية جيمس فولي ان هذا القرار (تمهيدي) ولا يعطي اي مؤشر حول قرار محكمة العدل الدولية في اساس القضية اي وجوب ان تسلم طرابلس ام لا ليبيين اثنين متهمين بالوقوف وراء اعتداء لوكربي. وتابع الناطق يقول (تظن ان محكمة العدل الدولية ستثبت قرارات مجلس الامن الدولي. وبانتظار ذلك تبقى العقوبات (من الامم المتحدة ضد طرابلس) سارية) . وشدد على ان حكما في اساس المسألة (سيستغرق سنوات) . وقال ب.ج.كراولي المتحدث باسم البيت الابيض من جهته ان الحكم مجرد (قرار فني من المحكمة) . واضاف (سنقدم ردا مفصلا على مزاعم ليبيا وننتظر المزيد من الاجراءات القضائية) . وقال ان قرارات وعقوبات الامم المتحدة ضد ليبيا ستبقى سارية. وتابع (طلبنا منهم (محكمة العدل) رفض الدعوى الليبية كمسألة اولية, لم يفعلوا ذلك لكننا مقتنعون في نفس الوقت ان مزاعم ليبيا ضد الولايات المتحدة ليست صحيحة) . من جانبه اكتفى السفير الامريكي بيل ريتشاردسون بالقول ان (السياسة الامريكية تبقى هي هي) رغم قرار محكمة العدل الدولية. بيد ان مسؤولا مطلعا في الخارجية الامريكية ذهب ابعد من ذلك قائلا أن واشنطن ستتحدى قرار محكمة العدل الدولية بأحقيتها فى النظر فى النزاع القائم بين ليبيا والولايات المتحدة حول محاكمة شخصين ليبيين مشتبه فى تورطهما فى تفجير طائرة امريكية منذ عشرة أعوام. وصرح المسؤول لوكالة أنباء الشرق الاوسط أن واشنطن تعتقد أن قرار المحكمة سيىء واعتمد على المذكرات الليبية التى لجأت الى اتفاقية دولية للملاحة الجوية لاتنطبق فى الظروف الحالية. وكان القاضى الامريكى فى المحكمة قد رفض القرار هو وزميله البريطانى ولكن كل القضاة الثلاثة عشر الباقين أيدوا حق المحكمة فى أن تبدأ النظر فى طلب ليبيا أن تتم محاكمة الشخصين فى دولة محايدة وليس فى بريطانيا أو الولايات المتحدة كما تطالب واشنطن ولندن. وتحاشى المسؤول توضيح ما اذا كانت واشنطن قد قبلت أو رفضت قرار المحكمة مكتفيا بالقول ان بلاده ستستمر فى تقديم المذكرات وحضور الجلسات المقبلة. ولكن اذا اصدرت المحكمة قرارا لصالح ليبيا بعد فترة لن تقل عن سنوات من نظر هذه القضية المعقدة سيكون من الصعب على الولايات المتحدة الا أن تتخذ موقفا مجددا.

Email