ثلاث نقابات تتنازع تمثيل معلمي اليمن

ت + ت - الحجم الطبيعي

مازال الصراع التنافسي الحاد على اشده بين النقابات التربوية الثلاث (نقابة المهن التعلمية... النقابة العامة للمهن التعليمية... ونقابة المعلمين اليمنيين) وادعاء كل منها تمثيلها لقطاع المعلمين والتربويين وهو اكبر القطاعات المهنية في اليمن . ففي حين تعلن النقابة العامة للمهن التعليمية والتربوية نفسها ممثلا وحيدا للمعلمين وتعلن عدم اعترافها بالكيانات الاخرى تطغى نقابة المهن التعليمية الناطقة باسم معلمي المحافظات الجنوبية والشرقية قبيل اعادة تحقيق الوحدة اليمنية في مايو 90 بشرعية النقابة العامة وتتهمها بالسطو على العمل النقابي من خلال استقوائها بالحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام وتسخير كل امكانيات حزب السلطة للاستئثار وحدها بقيادة النشاط التعليمي والغاء سائر الاطراف الاخرى, وتسوق نقابة المهن التعليمية عددا من الحجج لتأكيد عدم شرعية نقابة السلطة (كما تسميها) ومنها عدم الاعتراف بها حتى الان في المنظمات العربية والاقليمية والدولية فيما لا زالت النقابة الاخرى تحتل مقاعد التمثيل وتحديدا في قيادة اتحاد المعلمين العرب. ولا تكف النقابات الثلاث عن كيل الاتهامات المتبادلة... ففي الوقت الذي تطالب فيه القيادة المنتخبة لنقابة المهن التعليمية خصومها بالكف عن (رفع الشعارات واللجوء الى اساليب دغدغة العواطف وايهام الرأي العام التربوي بتمثيلها منفردة للقطاع التربوي) تحمل النقابة العامة المقربة من الحزب الحاكم بشدة على خصمها النقابي اللدود (المهن التعليمية) متهمة اياه بتبعيته للحزب الاشتراكي الذي كان حاكما لجنوب اليمن منذ نوفمبر 67 وحتى مايو 90 ثم شريكا في السلطة منذ مايو 90 حتى حرب صيف 94 مدعية في بيان لها صادر في صنعاء 18 فبراير الجاري ان (استغلال جهود المعلمين والتسلط على النقابة دهرا من الزمان لم يقدموا خلالها سوى رفع الشعارات) . وعلى اقصى يمين النقابتين المتصارعتين تقع نقابة المعلمين المحسوبة على حزب (الاصلاح) الذي كان شريكا في الحكم عقب انتخابات ابريل 93 ومعارضا صامتا بعد الانتخابات البرلمانية الاخيرة التي جرت العام المنصرم 97. وفيما تحتدم المعارك الكلامية بين النقابتين... وتستمر حرب البيانات بينهما تلزم نقابة المعلمين الخط الوسط وترسم خطاها وتحركاتها في سياق حساباتها ومصالحها الخاصة. متنقلة بحذر بين صفوف المتصارعين حينا تساند النقابة العامة وطورا تقترب من وجهة نظر ورؤى نقابة المهن التعليمية وكأنها بهذا تعلن محافظتها على كيانها النقابي مستقلا عن دعاوي ومطالب توحيد العمل النقابي والدفاع عن استقلاليته وتحريره من مراكز السلطة والهيمنة الحكومية. ويرى المعلمون ان نقابة المعلمين مسكونة بهجواجس ومخاوف الاقتراب من قضية تعتبرها مركزية وخطا احمر والمتمثلة في الدفاع عن المعاهد الدينية وابقائها تحت السيطرة المباشرة لحزب الاصلاح ماليا واداريا ومنهجيا. ومنذ مطلع هذا الشهر (فبراير) شهدت الساحة التعليمية تحركات نشطة لممارسة الضغط على الحكومة لتحسين المستوى المعيشي والمادي للمعلم... وفي غمرة الاعداد لشكل وآلية تحقيق تلك المطالب... اعلنت النقابة العامة المقربة من الحكم البدء باضراب تدريجي بدا في بداية الشهر الجاري بتعليق الشارات الحمراء كنوع وشكل اخر من المزيدات والمماحكات السياسية والنقابية. وكما توقع العديد من الناشطين النقابيين... اصدرت النقابة العامة قرارا لاحقا بتعليق الاضراب قبل دخوله المرحلة التالية (الاضراب الشامل) ... ودون ان يحقق ايا من الاهداف والمطالب التي رفعها سوى وعدا حكوميا بتدارس المطالب في اكتوبر المقبل... وهو ما عزز الاعتقاد بتبعية النقابة للحكومة واهدار لحقوق المعلمين والتربويين حين اصدرت بيانها الثاني ودعت فيه تعليق الاضراب حتى اشعار اخر... ونقل الشكر والتهاني لوزير التربية ونائب الوزير!! وفي هذا السياق رفض قطاع المعلمين الاستجابة لمضمون ذلك البيان الذي شكل صدمة للجميع على حد قول مصدر تربوي مستقل... معلنين استمرارهم في تنفيذ برنامج الاضراب حتى تستجيب الحكومة لكامل المطالب التي رفعت التي تضمنتها بيانات نقابة المعلمين الداعية الى اضراب يومي (السبت والاحد) الذي كلل بنجاح كبير بلغ اكثر من 75 في المائة وجاء بعد ايام قليلة من اقرار مجلس الوزراء اليمني لقانون المعلم المرفوض من نقابة المعلمين والمقبول الى حد كبير من النقابة العامة وهو القانون المقبول الى حد ما من نقابة المهن التعليمية مع تحفظاتها على مضامينه العامة. ويعمق الاضراب الاخير للمعلمين والمعلمات والتربويين في معظم المدراس اليمنية... التصدعات العميقة التي يعيشها الكيان النقابي.. ويباعد المسافة بين انتهازية نقابة المعلمين اليمنيين وامال توحيد سائر الكيانات في كيان واحد يكون في مستوى الطليعة النقابية التي يؤهلها للقيام بدورها الريادي. وعاودت نقابة المهن التعليمية المتهمة من قبل خصومها بقربها من الحزب الاشتراكي التذكير بمخاطر (تمييع قضايا المعلمين المشروعة والالتفاف عليها واجهاضها من خلال بروز بعض المؤشرات التي توحي بتقديم المساومات المؤسفة, الرامية الى ضياع المزايا المادية والمعنوية الحقيقية) و(المماطلة والتسويف في التطبيق الفوري للتسويات الوظيفية والمالية من خلال تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم 276 لعام 92 وقرار وزير الخدمة المدنية رقم 42 لعام 1993. ولان الحكومة اليمنية لوحت بتوحيد المناهج التعليمية وتصفية المعاهد الدينية المعقل الرئيسي لحزب الاصلاح بعد الغاء ميزانيته من الموازنة العامة للدولة للعام الحالي 98 التي بلغت في موازنة الدولة للعام السابق 97 الى ستة مليارات ريال فمن الطبيعي ان تتحالف نقابة الاصلاح ضد نقابة الحزب الحاكم (المؤتمر) معلنة هي الاخرى عن اضرابات قادمة وتصعيد المطالب!! وتؤكد المؤشرات التي رشحت حتى الان بان معركة تنازع التمثيل النقابي في اليمن قد دخل مرحلة جديدة وصعبة ومرشح لمزيد من التداخل والتعقيد... وان الوضع برمته يسير الان باتجاه توسيع قاعدة الاصطفاف السياسي والنقابي والمهني ضد ما تسميه المعارضة السياسية محاولة حكومية للسيطرة على النقابات. ولم يعد موضوع استمرارية الاضراب وتحدي السلطة قضية تعني قطاع المعلمين وحدهم على حد قول ناشط سياسي بل وتحظى بعطف ومتابعة سائر مكونات ومؤسسات المجتمع المدني الناهض بصعوبة في بلد ضعيف النمو مثل اليمن. صنعاء ـ عبدالله سعد

Email