في مناسبة الذكرى الاربعين للوحدة المصرية السورية: الناطق الرسمي باسم الجامعة: التجربة الرائدة تبقى رمزا للتضامن

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتبر المستشار طلعت حامد المتحدث الرسمي لجامعة الدول العربية ان الوحدة العربية بين مصر وسوريا (58- 1961) ستبقى احد ابرز رموز التضامن العربي . وقال لـ (البيان) في مناسبة ذكرى مرور اربعين عاما على الوحدة ان الوحدة العربية توحد مواقف العرب من موقع القوة. وركز على ان التضامن العربي هو الركيزة الاساسية لتفعيل مفاهيم الوحدة العربية باعتبارها الهدف الاسمى للشعوب العربية. وقال المتحدث الرسمي للجامعة العربية ان الذكرى الاربعين لقيام الوحدة المصرية السورية تأتي في ظل جهود حميمة لتحقيق التضامن العربي ومنها ان العام الحالي (1998) يشهد قيام منطقة التجارة الحرة العربية بهدف استراتيجي هو اقامة السوق العربية المشتركة التي تحقق الدمج الكامل للاقتصاديات العربية وهو الامر الذي يضفي مضامين مهمة على التضامن العربي والعمل العربي المشترك لمواجهة التحديات الخطيرة التي تواجهها الامة العربية. من جانبه فإن السفير السوري بالقاهرة د. عيسى درويش اكد لـ (البيان) ان الوحدة بين مصر وسوريا كانت استجابة للجماهير في القطرين كما انها كانت استجابة صادقة لآمال الملايين من الجماهير العربية التي كانت ترى في الثورة المصرية (يوليو 1952) وقائدها جمال عبدالناصر املا للخلاص من الاستعمار والتبعية وتحرير الارض المحتلة في فلسطين. واضاف هذا التجاوب الجماهيري الذي امتزج معه العقل بالعاطفة كان حلما جميلا استطاع رغم قصر الفترة الزمنية للوحدة ان يحقق انجازات كبيرة بين الشعبين المصري والسوري مازالت آثارها خالدة حتى اليوم وتتجسد في العلاقات الاخوية المميزة بين القيادتين في سوريا ومصر وبين الشعبين الشقيقين, وهي آثار ملموسة يراها المصريون في سوريا, ويراها السوريون في مصر. وزاد درويش, على الرغم من تآمر الاعداء على هذه الوحدة ووقوع كارثة الانفصال في العام 1961 بتآمر استعماري وصهيوني لم يسبق له مثيل فإن الانفصال لم يعش طويلا اذ تم تحطيم رموزه في ثورة مارس 1963, وعاد الحكم الوحدوي الى سوريا بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي الذي مازال يحكم سوريا ويقودها حتى اليوم. وخلال هذه المرحلة (40 عاما) ــ والكلام مازال للسفير السوري بالقاهرة, كان اثر الوحدة السورية المصرية واضحا وجليا عندما زاد التقارب بين البلدين في الستينيات وتمت الاستفادة من الدروس التي ادت الى فشل الوحدة (58-1961) وادراك القيادات بعد نضج ان الوحدة عمل جماهيري بالدرجة الاولى ويجب ان يكون متدرجا في تحقيقه حتى يمكن ان تستمر هذه الوحدة وتبقى مدعومة بحماية شعبية وادارة منظمة واقتصاد يحقق العدل للجميع, وامن يصد كيد الطامعين. ويشير درويش الى انه ما كادت تبدأ الاجتماعات السورية ــ المصرية لبحث سبل وامكانية قيام وحدة جديدة حتى جاء عدوان 1967, وكانت غايته الاساسية ضرب التيار القومي العربي المتمثل في مصر وسوريا والحاق الهزيمة به واجهاض الثورة الفلسطينية المسلحة التي انطلقت عام 1965. وبالرغم من كارثة العدوان فقد عادت سوريا ومصر الى المواجهة والتحدي والاصرار على العمل الوحدوي خاصة بعد ان تسلم مقاليد الحكم في سوريا رجل وهب نفسه لحلم الوحدة العربية هو الرئيس حافظ الاسد. واسرعت سوريا الى مصر مرة اخرى وقام اتحاد الجمهوريات العربية بين (مصر, سوريا, ليبيا). ويضيف درويش انه كان من نتائج التقارب السوري المصري الرد على هزيمة يونيو والانطلاقة الكبرى نحو نصر اكتوبر العظيم اذ قام الجيشان الباسلان في سوريا ومصر بتحرير اجزاء كبيرة من الارض المحتلة في سيناء والجولان في عام 1973. ويقول السفير السوري: بالرغم من الذكريات المؤلمة احيانا والمفرحة احيانا اخرى فإنه بعد اربعين عاما من قيام الوحدة يشعر العرب بأنهم احوج الى الوحدة من اي وقت مضى فالتجزئة والانفصال لم يحققا سوى الهزائم والتشرذم والتخلف في حين كانت الجبهة المعادية للعرب تنتعش من هذا الواقع المؤلم وتشعر بالسعادة البالغة. ويضيف.. ونحن نستلهم ذكرى الوحدة اليوم ندعو الى اقامة وحدة عربية بين اي قطر وقطر آخر تتوافر له الظروف الموضوعية والفكرية لتحقيق شكل ارقى من اشكال الوحدة سواء الاقتصادي او الثقافي او الامني او السياسي, وهذا ما نشعر انه بات ملحا وضروريا اكثر من اي وقت مضى. يستطرد د. درويش.. لذلك كانت الدعوة لاقامة السوق العربية المشتركة بين قرارات قمة يونيو 1996 في القاهرة, واصبحت جزءا من قرارات الجامعة العربية في دوراتها اللاحقة كما انها اصبحت جزءا من قرارات الاتحادات البرلمانية العربية التي عقدت في القاهرة عام 1997. وقال السفير السوري.. نحن اذ ننظر الى الوحدة والاتحاد فاننا نبارك كل مجهود وحدوي جاء نتيجة وهدفا لارادة عربية تؤمن بالوحدة وتصر على تحقيقها في المشرق او المغرب مباركين كل جهد من اجل تحقيق هذا الهدف.. وحيا السفير السوري الشهداء العرب الذين سقطوا في سبيل الوحدة ودفاعا عن معارك الامة العربية. على جانب آخر قال مندوب فلسطين الدائم بجامعة الدول العربية السفير محمد صبيح انه من مفارقات القدر ان تأتي الذكرى الاربعون لقيام الوحدة العربية بين مصر وسوريا في وقت تشهد فيه الامة العربية نكبات خطيرة. وشدد صبيح على اهمية تذكير الاجيال الجديدة للامة العربية بالوحدة واستيعاب دورتها والاستفادة من مضامينها, وقال ان الوحدة والتضامن العربيين هما السبيل الوحيد لتحقيق الانتصار للشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه المهدرة. وقال صبيح ان الذكرى الاربعين لقيام الوحدة مناسبة مهمة خاصة في الظرف الحالي ليستعيد العرب تضامنهم وتتضافر جهودهم لقيام عمل عربي مشترك تنتصر به الامة العربية على مشكلاتها وازماتها. واشار صبيح الى ان القرن الجديد بدت بشائره وما من سبيل لان يتواجد فيه العرب الا عبر وحدة مواقفهم وقراراتهم واقامة تكتل سياسي اقتصادي يمكنهم من الوجود. الى ذلك اهتمت الدوائر السياسية والاستراتيجية في العاصمة المصرية القاهرة بذكرى مرور اربعين عاما على قيام الوحدة العربية بين مصر وسوريا, وقرر مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بعقد ندوة بمشاركة سورية وعربية تناقش عدد من البحوث التي تؤكد ان التجربة الوحدوية لاتزال قادرة على العطاء بعد عقود اربعة من قيامها. ويقول احمد القرعي مدير تحرير مجلة السياسة الدولية الصادرة عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام انه رغم مرور اربعين عاما على قيام الوحدة فإن الامل في الوحدة العربية لم يفقد بريقه ومازال قويا عارما وله مكانته في الفكر السياسي العربي المعاصر. ويطالب القرعي بألا تكون ذكرى الوحدة برفع الشعارات والتغني بأمجادها وانما بدراسة هذه التجربة دراسة موثقة لاستجلاء دروسها المستفادة لواقعنا المعاصر. ويشير القرعى الى ان الخارجية البريطانية قد افرجت عن وثائق تتعلق بتجربة الوحدة السورية المصرية (58-1961) اضافة الى ان هناك كما وثائقيا هائلا حولها الا ان ذلك لايعني ان التجربة قد دخلت ذمة التاريخ.. ويشير انه على الرغم من التعدد في الدراسات حول الوحدة فإن افكار جمال عبدالناصر لاتزال تشكل محورا رئيسيا لكل هذه الدراسات فلم تكن افكاره مجرد افكار لرجل دولة بل كانت لداعية, ولذا عاشت كلماته وافكاره عن الوحدة بل اصبحت زادا لكل المفكرين والمثقفين العرب. ويستطرد.. ان عبدالناصر طرح شروطا صارمة للوحدة في مقدمتها عملية التحضير الطويلة وتأمين الاختيار الشعبي الحر مستبعدا اللجوء الى القوة لتحقيقها.. وتحبيذ صيغة الوحدة الاتحادية الى جانب الدعوة للحركة العربية الواحدة. ويشير الى ان ثلاث مبادرات مهمة طرحت مؤخرا تعكس الى حد كبير دروسا مستفادة من تجربة الوحدة السورية المصرية اولها مبادرة الرئيس المصري حسني مبارك بتبني قيام السوق العربية المشتركة, ومبادرة العقيد القذافي حول مشروع الاتحاد التعاهدي العربي والذي طرحه في قمة القاهرة 96 ووافق عليه القادة العرب, وتشكيل الجبهة القومية للاتحادات المهنية العربية. ويختتم القرعي قائلا (اخشى ما اخشاه في موجة الامية السياسية والثقافية التي يعاني منها شبابنا الا تعي ذاكرتهم هذه التجربة او يحاول البعض تشويهها امامهم لذا علينا العمل من اجل ان تصل اليهم التجربة كاملة) . القاهرة ـ مكتب البيان

Email