تخشى تقسيم العراق وتعتبر الضربة لصالح اسرائيل: دمشق أعدت خطة تحرك دبلوماسي بمؤازرة سعودية مصرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ألقت الأزمة العراقية الامريكية بظلالها على تعاطي الدبلوماسية السورية مع السيناريوهات الاسرائيلية والامريكية للمستقبل القريب لوطننا العربي وسبل مواجهة خطط تقسيم وبلقنة الدول العربية وفقا لمخطط اسرائيلي امريكي طرح منذ نهاية السبعينات . ورصدت دمشق تحركات واجراءات اسرائيلية في الجولان المحتل اعتبرتها بمثابة رسالة تكشف عن اتجاه حكومة بنيامين نتانياهو للتحضير لمغامرة عسكرية تستهدف سوريا. واعتبرت دمشق ان الضربة العسكرية الامريكية ضد العراق حال حدوثها تهديد للوطن العربي في مجمله من حيث تداعياتها التي تجيء في مقدمتها تقسيم العراق واخراجه من معادلة موازين القوى العربية الاسرائيلية ويليها فتح الملف السوري وترويج الاتهامات بامتلاك دمشق لاسلحة كيماوية وصواريخ وحصار سوريا لاجبارها على الاذعان للشروط الاسرائيلية . واستقت الدبلوماسية السورية تداعيات الازمة العراقية الامريكية واعدت خطة تحرك عربي ودولي تطلقها بمؤازرة مصرية سعودية عقب انتهاء الجولة الحالية من الازمة بين بغداد وواشنطن. وكتبت صحيفة (الثورة) الرسمية ان (الهجمة الامريكية الجديدة لا تتوقف اخطارها عند حدود تمزيق العراق والمس بوحدة ارضه وشعبه فحسب بل تتعدى ذلك لتلهب المنطقة وتشغلها في صراعات دموية لا يستطيع احد التكهن بمداها ولا بما ستخلفه من نتائج كارثية مدمرة) . وفي اشارة الى الولايات المتحدة التي تتهم العراق باخفاء اسلحة غير تقليدية, اضافت الصحيفة ان (المسألة ابعد واعم واشمل من ـ القوة العراقية ـ الذريعة وتدمير اسلحة لا وجود لها الا في اذهان وتفكير المخططين لابتلاع المنطقة وخلط الاوراق فيها وتدجينها واغلاقها في وجه الاوروبيين والروس) . واوضح مصدر دبلوماسي عربي في دمشق ان سوريا قلقة من احتمال ان تسود الفوضى في العراق وتؤدي الى اقامة دولة كردية في شمال هذا البلد. وقال هذا المصدر ان دمشق تخشى ان تكون تجزئة محتملة للعراق بداية (سلسلة من عمليات التجزئة التي لا احد يعرف اين ستتوقف) . وعاد نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام ووزير الخارجية فاروق الشرع امس من زيارة للقاهرة اجريا خلالها محادثات حول الازمة بين العراق والامم المتحدة. وقد اكد الشرع عند وصوله الى العاصمة المصرية امس ان ضربة محتملة ضد العراق (لن تكون في مصلحة احد) . وقالت صحيفة (تشرين) الحكومية السورية ان هذه الزيارة (تندرج في اطار المساعي السورية المبذولة على قدم وساق من اجل التأكيد على اهمية الحل السياسي والحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعبا) . واضافت ان (التنسيق العربي للوصول الى حل سياسي للازمة العراقية الامريكية يعد في مقدمة الاولويات الاساسية لدفع الخطر عن العرب والمسلمين والحيلولة دون وضع المنطقة في مجهول في حال اللجوء الى القوة العسكرية) . واضافت ان (الجهود السياسية المبذولة لتطويق الازمة الراهنة هى الاطار المناسب لتجنيب شعب العراق وشعوب المنطقة الاثار المدمرة التى سوف تترتب على استخدام القوة المسلحة) . وفيما تحاول الدبلوماسية السورية تحقيق الحد الادنى من الموقف العربي المعارض لاستخدام القوة العسكرية ضد العراق فان انظار دمشق ترصد بدقة ما تقوم به اسرائيل من تحركات في الجولان. كما يعرب السوريون عن قلقهم من ان تكون الخطوة التالية بعد اغلاق الملف العراقي هي فتح ملف القوة العسكرية السورية ووضع الخطط وتلفيق التهم الجاهزة لادخال دمشق في دوامة من الاشكالات العسكرية والسياسية, وعلى الرغم من ان مصادر مطلعة في الحكومة السورية تؤكد بأنه من الصعب ان لم يكن من المستحيل تكرار النموذج العراقي مع سوريا لاسباب ذات صلة بالدور الوطني والقومي الذي تلعبه دمشق على خارطة الصراع الا ان هناك اشارات عدة جرى التقاطها في العاصمة السورية وهي توحي بأن الولايات المتحدة بضغط من اسرائيل واللوبي اليهودي قد تفكر بمحاولة عزل سوريا ومحاصرتها لاجبارها على الرضوخ وتقديم تنازلات للجانب الاسرائيلي. واكدت مصادر مطلعة لـ (البيان) انه في اعقاب انتهاء الازمة الحالية بين بغداد وواشنطن فان سوريا ستقوم بتحرك عربي ودولي واسع النطاق بمؤازرة مصرية وسعودية من اجل فتح ملف الترسانة العسكرية الاسرائيلية, وتسليط الضوء على حجم الاخطار التي تشكلها بالنسبة للامن القومي العربي وسلامة واستقرار المنطقة. ويسود انطباع قوي في دمشق بأن الولايات المتحدة الامريكية مصممة على ضرب العراق عسكريا لحساب اسرائيل ومن اجل اعادة ترتيب اوضاع الشرق الاوسط بطريقة جديدة تخدم مصالح اسرائيل وتحرم الطرف العربي من السيطرة على زمام المبادرة فيما يخص عملية السلام ولهذا السبب فقد تم تأجيل زيارة كان من المقرر ان يقوم بها عبدالحليم خدام نائب الرئيس السوري حافظ الاسد على رأس وفد رفيع المستوى إلى طهران خلال الاسبوع المقبل وذلك في ضوء تزايد احتمالات تعرض العراق لعدوان عسكري امريكي مما يفرض على القيادة السورية ان تتفرغ كليا لمتابعة كل تطورات الموقف واتخاذ الاجراءات القادرة على تطويق وامتصاص صدمة اية ضربة عسكرية قد توجه إلى العراق ومواجهة النتائج والتفاعلات بكل ما تحمله من مخاطر على وحدة وسلامة الاراضي العراقية وانعكاسات ذلك على امن المنطقة قاطبة. دمشق ـ يوسف البجيرمي

Email