المساعدات وبريتشكو ينقذان صرب البوسنة: بقلم - جيم هوجلاند

ت + ت - الحجم الطبيعي

من مكان غاية في الفقر ومن مدينة صغيرة حيث يكافح الرجال والنساء الصرب للبقاء من اجل انقاذ امة كانت تعتمد منذ فترة ليست بالطويلة على غزو كل ما امامها, انه موقع تفرغ فيه الانانية الكبرى ونظريات السياسات الدولية لتعود الامور إلى ابعادها الانسانية. فمهمة انقاذ الصرب من انفسهم ومن احلامهم الجامحة يضطلع بها الان استاذة لعلم الاحياء وتمتاز بالتصميم وتبلغ من الحاضر تلك المهمة مع صاحب مصنع أثات سابق يبلغ من العمر 38 عاما, والذي يبدو ان اسلوبه الرقيق وسياساته المعتدلة لن تجعله مؤهلا للبقاء في المنصب في وسط الاجواء القاتلة ليوغوسلافيا السابقة. فأستاذة علم الاحياء هي بليانا بلافيسيتش رئيسة الكيان الفقير والمهزوم عسكريا لصرب البوسنة, ورئيس وزرائها المنتخب مؤخرا هو ميلوراد دوديك, ووجودهما في السلطة في بانيا لوكا يمثل تقدما وان كان طفيفا في الجهد الامريكي لاحلال السلام وتخليص نفسها من حقول القتل في البلقان. وعلى عكس رادوفان كارادازيتش والعناصر التي استقلت الحرب الصربية لتحقيق ارباح والتي تتحلق حوله في مركز سلطة المنافس في بالي, فان بلافيسيتش ودوديك يدعمان اتفاقية دايتون للسلام وبنودها الخاصة باقامة دولة بوسنية موحدة للصرب والمسلمين والكروات. ويعتمد هذا الثنائي غير المتوافق في بقائه على شيء واحد فقط وهو ان قوات حلف شمال الاطلسي (الناتو) تحميها من ميليشيات كارادازيتش وشركاؤه. ففرصة نجاحهما في تقليص معدل البطالة ونسبته 70% في كيان صرب البوسنة تعتمد كذلك على المساعدات الغربية والتي توقفت لتأزم الوضع السياسي الداخلي لصرب البوسنة وسجل تخريب اتفاق دايتون. وفي ظل تلك الاجواء جاء اللقاء الذي عقده في السابع من فبراير الحالي السناتور جون ماكين وعشرة آخرون من وفد اعضاء الكونجرس الزائرين في وقت واحد مع المسؤولين الصرب الذين يحاربون حربا اهلية داخل الحرب الاهلية. وكان هذا اللقاء حاسما, ولم يكن موضع ترحيب من هؤلاء المسؤولين, فالمسؤولون بصرب البوسنة يعلمون ان اللقاء بالنسبة للامريكيين سيتركز على سؤال واحد وهو الذي قدمه ماكين سريعا لبلافيسيتش, كم سيتطلب الامر حتى يترسخ السلام بشكل يكفي لترك القوات الامريكية والاوروبية تغادر؟ وجاء رد فعل بلافيسيتش كما لو أن قاضيا سألها ان توقع وثيقة موتها, وراوغت بلافيسيتش, وعاد ماكين بشكل لطيف مرة اخرى للسؤال الذي عبر من اجله المحيط الاطلسي, قائلا ما طول المدة؟ اذ ما وافقنا نحن اعضاء الكونجرس على مد وجود القوات الامريكية مجددا بعد انتهاء الفترة المحددة لبقائها في يونيو ضمن قوات حفظ السلام الحالية, فما طول المدة التي ينبغي على القوات الامريكية ان تبقى خلالها؟ وقالت بلافيسيتش في نهاية الامر (عامين) إذا ما سارت الامور في طريقها الصحيح, فالتراجع السريع وغير الاخلاقي لمستويات المعيشة في كيان صرب البوسنه يجب وقفه, والصرب يجب السماح لهم بالاحتفاظ بالسيطرة على بريتشكو والتي تربط الاجزاء الشرقية والغربية من صرب البوسنة والتي تقع حاليا في اطار التحكيم. حتى لو ركعوا على ارجلهم, فإن الصرب لن يقبلوا ترك السيطرة على بريتشكو للحكومة المركزية, فهي ودوديك عندئذ سيطاح بهما كارادازيتش يأمل في فقد الصرب للسيطرة على بريتشكو لان ذلك سيجعله يعود للسلطة مرة اخرى وذلك كما اكدت بلافيسيتش. فالمساعدات وبريتشكو سيمنحانها انتصارا جزئيا في الانتخابات المحلية المقررة في 20 سبتمبر. وكان رأي دوديك اكثر عموميه, فهو يرى ان انتخابات سبتمبر مطلوبة لافراز تغيير مماثل في الاجيال بين المسلمين والكروات ينتج عنه قادة من الشباب ممن ــ على شاكلة دوديك ــ لا يبدأون او يحاكمون حمام الدم الذي استغرق أربع سنوات والذي أنهته اتفاقية دايتون. واراد السيناتور جوزيف ليبرمان ان يعرف ما اذا كانت بلافيسيتش ودوديك سيؤيدان اعتقال كارادازيتش وغيره من المتهمين بارتكاب جرائم حرب لمحاكمتهم في لاهاي. وجاءت الاجابة ان هذا امر نرحب به, هذا ماقاله المسؤولون الصرب في بانيا لوكا بعبارات مختلفة, وقد كشفت الاسئلة التي طرحها ماكين والسيناتور بيلي هاتشينسون عن انهما يبحثان عن وسائل للتعامل مع مد فترة الوجود الامريكي بالبوسنة وهو الامر الذي ستسعى ادارة كلينتون للحصول على الموافقة عليه قريبا جدا. فقد كان اللقاء الذي عقده الوفد الامريكي مع المسؤولين الصرب في حد ذاته نتاجا قيما لوقف النار الذي احرزه اتفاق دايتون. فالانتعاش والمصالحة في البوسنة يبدوان وكأنهما امر صعب وان لم يكن غير محتمل, الا ان تحقيق ذلك لم يعد مستحيلا فالتحرك في البوسنة من المستحيل الى الصعب يعد تقدما رئىسيا تحقق في جزء منه بالوجود الامريكي الذي فعل الكثير, ومازال مطلوب منه ان يفعل اكثر. كبير كتاب الواشنطن بوست *

Email