البيان تحاور قيادات الاحزاب المصرية: 21 عاما من التعددية الحزبية احزاب كثيرة وعضوية هزيلة 1-2

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاتهامات متبادلة بين احزاب المعارضة والحكومة في تقييم تجربة التعددية الحزبية... ترى الحكومة انها تعطي المساحة الكافية للديمقراطية, غير ان احزاب المعارضة لا تستطيع التأثير في رجل الشارع وبالتالي لا يكتب لها النجاح... اما احزاب المعارضة فترى ان كل ما تفعله الحكومة هو ضد الديمقراطية واجهاض متواصل لتجربة التعددية وحجتها في ذلك, القوانين الاستثنائية التي تصدرها الحكومة بين الحين والآخر, وخوف الجماهير من المؤتمرات الجماهيرية التي تساعد على توصيل خطابها السياسي الى الجماهير... ومابين الاتهامات المتبادلة مع الحكومة يرى المراقبون اسباب تعثر التعددية الحزبية في المسؤولية المتبادلة بين الحكومة والمعارضة, فالأولى متمسكة بالفعل بقوانينها الاستثنائية, وعدم السماح بتداول السلطة, والثانية لا تلتفت بشكل صحي الى بنائها الداخلي, وطرح برامج سياسية تستطيع اقناع الجماهير ومابين هذا وذاك, تأتي النتائج في تقييم التجربة الحزبية في مصر سلبية في جوانب وايجابية في جوانب اخرى, حيث تكمن السلبية في انصراف الجماهير عن المشاركة في الحياة السياسية, مما ادى الى انتشار ظواهر عديدة كالتطرف والشعور بالاغتراب لدى فئات واسعة من الشعب المصري ابرزها من الشباب...اما الجوانب الايجابية فتأتي طبقا لوجهات نظر الاحزاب نفسها, حيث فضح الممارسات السلبية للحكومة عبر صحف المعارضة والتي تؤدي في بعض الاحوال الى تراجع الحكومة عن الاستمرار في هذه الممارسات. وتزيد احزاب المعارضة في الثقة بنفسها حين تقول, انه لو اتيحت لها الفرصة فسوف تكتسح الحزب الوطني الحاكم الذي لا يمتلك كوادر سياسية حقيقية وانما ينتمي اليه اصحاب المصلحة وفقط. وبين الايجابيات والسلبيات فان واقع التجربة الحزبية في مصر في ظاهره يقول ان البرلمان المصري وهو الوعاء الذي تأتي اليه الاحزاب بانتخابات حرة ومباشرة لا يوجد فيه غير 14 نائبا من اصل 444 نائب, اما المحليات فكلها تقريبا تذهب الى الحزب الوطني الحاكم, ولم تستطع الاحزاب المصرية ان تنفذ اليها على الرغم من ان عضويتها 45 ألف. (البيان) رصدت التجربة وفتحت النقاش حولها في تحقيق شامل يعطي قدر من التقييم لها, وفي القلب منه, موقف الاحزاب من التوصيات التي اصدرتها في مؤتمرها الاخير... هل ستذهب كما ذهبت توصيات سابقة؟... أم أن احزاب المعارضة لديها هذه المرة آلية تنفيذ مختلفة حتى لا تعطي مبررا جديداً لدى الجماهير لفقدان الثقة فيها... كما تحاور (البيان) , قيادات الاحزاب المصرية, خالد محيي الدين الامين العام لحزب التجمع, ابراهيم شكري رئيس حزب العمل, ياسين سراج الدين نائب رئىس حزب الوفد, واخيرا رؤى القوى السياسية المحجوبة عن الشرعية, كالاخوان المسلمين والشيوعيين, وأيضا رؤية حزب الوسط الذي اثار جدلا كبيرا بعد ان تقدم الى لجنة الاحزاب ثم انتقل بعد ذلك الى اروقة المحاكم. البيان تحاور خالد محي الدين رئيس حزب التجمع أكد خالد محيي الدين ـ رئيس حزب التجمع ـ ان العديد من العوائق تحول دون ارساء قواعد الديمقراطية وتطبيق فكرة تداول السلطة برغم مرور أكثر من 20 عاما على تجربة التعددية في مصر.. واعترف بان اول انتخابات حرة نزيهة سوف يحوز فيها الحزب الوطني الحاكم الاغلبية لكنه سينهار في الانتخابات التالية.. واعرب محيي الدين عن أمله وتفاؤله باقرار فكرة تداول السلطة التي رسخت في عقول الناس بفضل القوى السياسية واحزاب المعارضة التي اثارت الرأ ي العام.. واستشهد محيي الدين بدور هذه الاحزاب في التصدي لكثير من القضايا التي اجبرت الحكومة على التراجع عن موقفها.. جاء ذلك في الحوار الخاص الذي اجرته (البيان) مع رئيس حزب التجمع.. وقال محيي الدين ان مطاردة السلطات للاحزاب الشرعية اتاحت فرصة ذهبية للقوى الظلامية في اختراق التجمعات الجماهيرية.. وفي هذا الاطار حذر من وصول الاسلاميين الى السلطة لانهم سوف ينقلبون على الديمقراطية ــ على حد قوله ــ فيما اعلن محيي الدين ان حزب التجمع لديه القدرة والكفاءة على حكم مصر. ماهو تقيمكم لتجربة التعددية الحزبية بعد مرور 20 عاما على اطلاقها في مصر؟ ـ خالد محيي الدين: هناك شيء تحقق بالفعل وهو أن المجتمع أقر التعددية.. صحيح انها منقوصه ولكنها اصبحت برأينا أمر واقع في حياة الناس.. وعندما نقارن انفسنا بالآخرين سواء في العالم المتحضر او في دول العالم النامي الديمقراطي كالهند مثلا نجد الاحزاب هناك اكثر فاعلية وتقوم باشياء مهمه كالاضرابات والمسيرات والاعتصامات.. فالنظام والقانون العام يسمح لهذه الاحزاب باستخدام كل الوسائل السلمية للتعبير عن رأيها في مختلف قضايا الأمة وبهذا يصل موقفها الى الكافة.. طبعا سوف تقول الحكومة لدى المعارضة صحف تقول فيها ما تشاء لن اختلف مع احد في ذلك لكن الحصار المفروض علينا جعل منا احزاب ورقية تتحلق حول صحفها.. ثم ماذا عن الاذاعة والتلفزيون وتأثيرهم غير المحدود في مجتمع مثل مصر تتجاوز الامية فيه اكثر من 60% وليس مسموح لنا باستخدام هذه الاجهزة الاعلامية الجبارة الا في المواسم كالانتخابات مثلا ولمدة لا تتجاوز ساعة نشرح فيها برنامجنا .. فهل هذا يكفي؟! النقطة الأخرى التي اود اضافتها تتعلق بالمحليات... ففي البلاد والتي اشرت اليها قبل قليل كل شيء بالانتخابات (المحافظ ـ العمدة ــ رئيس المدينة) كل هذه المناصب يتم انتخاب شاغليها بالانتخاب الحر المباشر.. وفي نزاهة تامة تسمح بوصول شخصيات إقليمية بارزة لا تنتمي لحزب الحكومة المركزي ومن ثم تختبر احزاب المعارضة وتتمرس على السلطة في مواقعها المختلفة وتصبح أكثر نضجا ووعيا وخبرة بادارة شؤون الوطن وكيفية التعامل مع قضاياه المحلية مما يعطي لرؤيته في حل القضايا المثارة بمصداقية أكبر لدى المواطن. لكنني برغم كل ما سبق مازلت مؤمنا بأن الاحزاب اثارت الرأي العام. تراجع السلطة اسمح لنا أن نسأل كيف ـ ببساطة شديدة جداً يمكنني الاشارة الى المعركة الأخيرة والضجة التي أثيرت حول مشروع القانون الذي سعت الحكومة لتمريرة عبر احد نوابها في مجلس الشعب وكان يستهدف تقليص صلاحيات المحكمة الدستورية اكبر المؤسسات القضائية في مصر.. عندما كشف النقاب عن هذه المؤامرة وتصدت صحف المعارضة لها وتكتل الرأي العام تراجعت الحكومة (في اقل من 24 ساعة) واضطرت قياداتها ورموزها في البرلمان الى سحب مشروع القانون ورفضته اللجان المختصة لعدم دستوريته.. ايضا يمكن الاشارة الى المعركة التي خاضتها المعارضة تضامنا مع جموع الصحفيين في مصر لرفض القانون 93 والذي اطلق عليه قانون اغتيال الصحافة وفي هذه المرة تراجعت ايضا الحكومة امام صلابة موقف المعارضة والقوى الوطنية. هل يريد رئيس زب التجمع القول بأن احزاب المعارضة في ظل التعددية عمقت التجربة الديمقراطية واضافت الكثير للخريطة السياسة في مصر؟! ــ خالد محيي الدين: ليس بهذا القدر الكبير من التفاؤل.. فالخريطة لم تتسع بعد.. فالجوانب المختلفة لجعل الحياة السياسية اكثر صحة غير موجودة.... نحن ممنوعين من العمل في التجمعات الجماهيرية في الجامعة او المصانع وسط التكتلات العمالية والطلابية.. للأسف التنظيمات غير الشرعية هي التي تستطيع العمل لكن الاحزب لا يسمح لها.. ويصبح السؤال الذي يواجهنا دائما لماذا تدعون الناس للانضام الى الاحزاب وكيف وانتم لا تستطيعون الاتصال بهم او مساندتهم في قضاياهم؟!! عفوا استاذ خالد أريد أن استوضحك.. ماذا تقصد بالسماح للتنظيمات غير الشرعية بالعمل وسط الطلاب.. وهل لكم ان تحددوا لنا هذه التنظيمات؟ فرصة ذهبية لقوى الظلام! ـ خالد محيي الدين: أقصد ان الجهود التي بذلتها الحكومة وسلطات الامن للحيلولة دون وصول الاحزاب الشرعية للقاعدة الطلابية مثلا اتاحت فرصة ذهبية للتنظيمات غير الشرعية كالاخوان مثلا في التسلل داخل الاوساط الطلابية ونشر افكارها المتطرفة التي اوقعتنا الان في مأزق الجماعات الارهابية والتي باتت ممارساتها تهدد أمن واستقرار المجتمع كله.. لكن الامانة تقتضي مني الاشارة الى ان الحكومة الراهنة تنبهت مؤخرا لخطورة ما رتكبته لكنها لم تتخذ بعد الخطوات التي نطمح اليها ومنحنا فرصة كاملة للانخراط في اوساط الجماهير لكشف هذه التنظيمات غير الشرعية. لكن ماذا عن حزب التجمع بالتحديد.. ما الذي قدمه خلال العشرين سنة الماضية؟ ـ خالد محيي الدين: حزبنا كغيره من احزاب المعارضة ينطبق عليه تماما كل ما سبق قوله ... نحن حاولنا اختراق الحصار الحكومي المفروض علينا.. اتصلنا بالرأي العام ودخلنا البرلمان. ولم تفعلوا شيئا يذكر في البرلمان؟! ـ خالد محيي الدين (غاضبا) ماذا تقصد بما تقول. عفوا.. أقصد ان عشرات القوانين التي تتناقض مع رؤيتكم وبرنامج حزبكم مثل قوانين الخصخصة وبيع الشركات الوطنية في القطاع العام .. الخ... كلها اقرت وانتم في مجلس الشعب؟ ــ خالد محيي الدين: لا استطيع ان اختلف مع ما تقول لكنني بدوري اريد منك ان تحدد لي حزبا واحدا في صفوف المعارضة في اي دولة في العالم استطاع ان يفعل شيئا. اذن لا جدوى من وجودكم في المجلس التشريعي مادمتم اقليه لاقيمة لرأيكم؟! ــ خالد محيي الدين : هنا اختلف معك.. هذا منبر هام نطرح من خلاله رؤيتنا.. منذ ايام قليلة كنت مشيعا لجنازة قريب لي.. وقد تدهش اذا قلت لك ان الناس تتابع مايجري تحت القبة بدقة متناهية وناقشوني في تفاصيل صغيرة. باهتمام بالغ. الاحزاب والشارع عفوا هم يتحدثون الى خالد محيي الدين رمز سياسي بارز وليس بالضرورة في الحوار معا انعكاسا لفاعلية الحزب في الشارع؟ ـ خالد محيي الدين: ياأخي انا رئيس حزب.. والحوارات ليست قاصره على ما اطرحه وحدي تحت القبة.. فأنا مثلا لم اتكلم في كل القضايا التي يتبنى فيها حزبنا موقفا بعينه.. والناس تحفظ كثير من المشاجرات والمعارك التي اداروها بكفاءة البدر فرغلي ومحمد الضهيري ورأفت سيف من نواب التجمع في مجلس الشعب وغيرهم ايضا من نواب المعارضة وحتى المستقلين. اسمح لي ان اصارحكم.. لم يعد لحزب التجمع وجوداً في الشارع؟ ــ خالد محيي الدين: غير صحيح.. نعم نحن محاصرون والنظام يضيق خناقة علينا.. لكننا متواجدون مواقفنا واضحة في كثير من القضايا وعندما تحين الفرصة ننتهزها فوراً لمشاركة الجماهير وجعل حركتها اكثر فاعلية.. فكوادر الحزب تحركت وسط القاعدة العمالية لتبصير البسطاء منهم بحقوقهم وبالمخاطر المحدقة بهم في ظل اتجاه الحكومة نحو خصخصة شركاتهم ومن ثم نظمنا حركاتهم الاحتجاجية حفاظا على مكاسبهم التي تجاهلتها السلطة وأرادت نسفها بجرة قلم من دون ان تلتفت للآثار الاجتماعية المدمرة التي سوف تصيب ملايين العمال.. الامر ذاته حدث مع الفلاحيين الاجراء عندما بدأ تطبيق قانون طرد المستأجرين وجهودنا كما تعلم اجبرت الحكومة على التدخل وتشكيل لجان لتوفيق الاوضاع.. هذا طبعاً يحسب لحزب التجمع. ليس وحده فالاحزاب كلها شاركت.. فضلا عن ان المتأثرين والمضارين من تطبيقات القانون تحركوا بدوافع ذاتية؟ ـ خالد محيي الدين: لا...احنا اول من بدأ التحرك.. نبهنا المضارين واكدنا مساندتنا لهم.. حملنا العبء الاكبر وشكلنا فريق عمل اخذنا موقف واضح ويمكنك ان تسأل بنفسك الفلاحين في القرى المنتشرة في ربوع مصر ودليلي هو زيادة حجم عضوية الحزب خلال الشهور القليلة الماضية في الريف بالذات. لكن البعض يصر على ان الرأي العام لا يشعر بوجودكم ويتهم حركتكم بين الجماهير بالضعف والهشاشة.. فما قولكم؟! ـ خالد محيي الدين: (شوف الكلام الانشا حلو وعظيم لكنه نظري ... الاحزاب فقيرة ماديا..والحركة مكلفه.. انا علشان اعمل برنامج للتنقل بين المحافظات احتاج لاموال فوق طاقتي وامكانياتي.. ومع ذلك فإن الرصد العلمي الموضوعي لحركتنا في الشارع يؤكد ان فاعليتها قوية وان قوتها مستمدة من التحامها بالجماهير وتبنيها لقضاياهم في اطار رؤية صحيحة دون افتعال. الحزب الوطني سيفوز! اذن لديكم قاعدة جماهيرية عريضة.. فهل افهم من ذلك ان ازالة العوائق التي ذكرتها سلفا تعني ان فرصتكم اكبر في الوصول للسلطة عن طريق التداول السلمي؟! ـ خالد محيي الدين: الامر ليس بهذه البساطة.. قد تحدث ازالة للعوائق كما ذكرت ولكن الناس تعيد اختيار الحزب الوطني الحاكم. ماذا تقصد؟ ـ خالد محيي الدين: بصراحة شديدة هناك قطاعات كبيرة في المجتمع يروق لها الوضع الراهن.. ولن يتم نسف هذه الاوضاع بين يوم وليلة.. ولهذا في تقديري ــ وهذا الكلام ــ طرحته امام زملائي اعضاء وقيادات حزب التجمع.. اول انتخابات حرة نزيهة لا تشوبها عمليات التزوير والبلطجة والارهاب سوف يفوز فيها الحزب الوطني الحاكم باغلبية قليلة تتراوح بين 55% الى 60%.. لكنني أقطع ان مايليها من انتخابات سوف تشهد انهيار تام لهذا الحزب الذي يصبح في مواجهة حقيقية لاول مرة امام الجماهير من دون الترسانة التي تسانده الان حيث كل مقاليد الامور في يده. آنذاك هل يصل التجمع الى سده الحكم.. وهل لديكم كفاءة ادارة دولة بحجم مصر؟ ــ خالد محيي الدين: ولمالا.. نعم سوف نصل الى السلطة ونحوز الاغلبية.. وايه حكاية هل تستطيعون ادارة مصر؟! .. برغم كل العوائق التي تحد من خبرتنا الا ان نظام الحزب وتشكيلاته تجعل لدينا حكومة ظل.. على اعلى مستوى من الكفاءة.. ويمكنها ان تضع برامجها ورؤيتها المتكامل لحل مختلف المشاكل والقضايا ولن نقتصر على سماع اصواتنا بل سوف ندعو كل الخبراء والعلماء والمتخصصين واولئك المتعطشين لخدمة هذا الوطن ويحول الترهل الراهن في السلطة من الاستفادة من رؤيتهم العلمية..انا واثق تماما اننا نستطيع حكم مصر.. نعم نستطيع مصر ولادة. وكما قلت لك منذ اللحظة الاولى سوف نقدم تجربة ــ احلم بتحقيقها على ارض الواقع ــ تكون نموذجا يحتذى به وبالطبع فان الكوادر التي تقود العمل في المحليات وغيرها من المؤسسات المدنية سوف تبقى كما هي دون مساس بعملها الا في اطار التكيف مع الرؤية المركزية. لا للاسلاميين! لكن الا يوجد احتمال في وصول تيارات اخرى الى السلطة قبلكم.. كالتيار الاسلامي مثلا.. فما هو موقفكم آنذاك؟ ـ خالد محيي الدين: والله بصراحة شديدة.. انا لا أرحب بذلك لانهم في ظني لن يلتزموا بقواعد الديمقراطية. اذن ماهو تصورك للاطار الديمقراطي. اذ كنت ترى الحيلولة دون السماح لتيارات مخالفة لكم في الوصول للسلطة؟ ـ خالد محيي الدين: يا أخي انا لم اقل ذلك.. انا فقط احذر من ان دعاة هذا التيار لا يؤمنون بالممارسة الديمقراطية.. لكن انا لاأحرم عليهم الوصول للحكم ماذا تظن انني فاعل؟!.. والله اذا انتخبهم الناس في انتخابات حرة نزية اهلا وسهلا. هذه ارادة الشعب وانا لا اقف ضدها لكن فقط احذر وهذا رأي وهذا حقي فلا تحرمني من طرحة. واسمح لي ان اشر الى تجربتهم في النقابات لقد سيطروا عليها تماما والى الدرجة التي جعلت القرارات التنظيمية والفنية لاي من هذه النقابات تدرس اولا في مكتب ارشاد جماعة الاخوان.. وتكتلوا تماما للاطاحة بكل معارضيهم ولم يسمحوا لاي قوى سياسة بدخول النقابات كل ذلك دفع الوطن الى حافة الهاوية وكما يعلم الجميع الحكومة اممت النقابات وقتلت تماما والقوى الوطنية هي الخاسر الاكبر لانها فقدت احد منابرها القوية لاشعال جذوة النضال الوطني والشعبي. فلو تحلى الاخوان بقدر من الحكمة ما اوصلنا الى ما نحن عليه الآن واظن ان هذه تجربة واضحة وحية ماثلة امام الجميع تنبىء بالمخاطر المحدقة بنا اذا ما وصل هذا التيار الى السلطة. ماطرحته يقودنا الى السؤال عن التنسيق بين احزاب المعارضة.. ما هو مدى فاعليته؟ ـ خالد محيي الدين: موجود لكنه غير كاف.. ولا تزال لدينا اختلافات جوهرية بين كل حزب وآخر..وهذا امر لاننكره بل على العكس فهذا شيء طبيعي ولكل حزب خصوصيته وفيها تميزه عن غيره من الاحزاب والقوى والآن يمكننا القول اننا نتحرك معا في اطار ارضية مشتركة وهو ما كون لنا ما يعرف الان باسم (مؤسسة المعارضة) الحكومة اقرت برأي هذه المؤسسة التي دائما ما نطرحها عبر المؤتمرات الجماهيرية واللقاءات الدورية والبيانات في شتى المواقف والقضايا التي تتوحد فيها رؤيتنا او يمكن ان نقول فيها رأيا جماعيا. لكن الاحزاب لا تملك غير التأثير في الرأي العام باستخدام المتاح لها من امكانيات ضئيلة.. نحن لا نملك سوى الكلام والحركة وسط الجماهير.. اود ان اختم فاقول ان الصراع ليس سهلا بل يحتاج لصبر لانه سيأخذ وقتا طويلا الى أن تقر كل مؤسسات المجتمع بقواعد الديمقراطية وفكرة تداول السلطة.. ووجود المعارضة واستمرار مشاركتها بفاعلية في الساحة السياسية هو الذي يشعل جذوة الامل في نفوسنا.. قطعنا خطوات بالفعل في طريق الالف ميل ولم يعد باستطاعة احد ان يعيدنا الي نقطة البداية. وتحاور ابراهيم شكري رئيس حزب العمل : التعددية شكل بلا مضمون عشرون عاما مرت على التجربة الحزبية في مصر التي بدأها الرئيس المصري الراحل انور السادات عام 1976 بما يسمى (المنابر) وعلى الرغم من ذلك فإن الاحزاب المصرية التي تصل إلى 14 حزبا ــ بما فيها الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ــ تفتقر الى الشعبية. فكثير من الناس في مصر لا يعرفون بعض أسماء هذه الاحزاب أو اسماء رؤسائها. ووسط هذه المفارقة طلبت (البيان) من المهندس ابراهيم شكري رئيس حزب العمل المعارض ووزير الزراعة المصري قبل ثورة يوليو 1952 تقويم التجربة الحزبية المصرية. تعددية بلا مضمون ما هو تقويمكم لتجربة التعددية الحزبية في مصر بعد مرور 20 عاما عليها؟ ـ شكري: بداية... التعددية من حيث الشكل كانت شيئا جميلا ولكن من حيث المضمون كانت مطلبا لم يتحقق حتى الآن... عندما سمح الرئيس الراحل انور السادات بحرية تكوين الاحزاب كانت التوجهات الاقتصادية وإقراره لسياسة الانفتاح دافعا أساسيا لاتخاذ هذه الخطوة وهو ما يعني ان الدوافع وراء القرار لم تكن نابعة من رغبة صادقة في إرساء قواعد الديمقراطية وتوسيع المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار... بدليل أن السادات حال دون قيام أحزاب بعينها فحزب الوفد مثلا لم يسمح له بالعودة إلا بحكم قضائي. لكن الرئيس السادات اعطى دفعة قوية لقيام حزب العمل؟ ـ شكري: لا نستطيع أن ننكر ذلك.. وقت اعلان قيام الحزب وفي ظل الشروط المعقدة التي تتطلب ان يكون للحزب عدد معين من أعضاء مجلس الشعب أعطى السادات الضوء الاخضر لصهره محمود أبو وافيه وآخرين للانضمام الى حزبنا. هذه الولادة لحزبكم في ظل منع أحزاب أخرى أثارت ومازالت تثير علامات استفهام ــ حول المعارضة التي نشأت وتربت في أحضان السلطة؟ ـ شكري: هذا ما كان يريده النظام بالفعل. أن نظل أسيري فضله ودعمه لنا ومن ثم نكون مجرد ديكور لا نعارض ولا نسأل عن ثوابت أو استراتيجيات ... وأكاد أقطع ان السادات لم يكن يدور بخلده مطلقا أن معنى التعددية ان تخوض المعارضة الانتخابات وتحوز الاغلبية وتشكل حكومة... الخ. ويضيف شكري: إسمح لي أن اختلف معك في استخدام كلمة (ومازالت) ربما اضطرتنا ظروف نشأة الحزب والاجواء السياسية في البداية الى بعض المرونة في مواجهة النظام. أما الان فلا.. وألف لا. لقد اختلفنا مع النظام الى حد الصدام ونالنا الكثير بسبب مواقفنا واصرارنا على قول رأينا وإعلاء صوتنا وجهدنا بمخالفة القيادة السياسية في كثير من القضايا الداخلية والخارجية ولسنا في حاجة الى أن نعدد تلك المواقف.. بل على العكس فانني أرى الرئيس مبارك الآن يتوجه إلى ما كنا ندعو إليه دوما.. أذكر أننا رفضنا التوتر في العلاقات المصرية السودانية, واصررنا باستمرار على تعميق العلاقات العربية العربية. ولا أنسى مطلقا إبان توتر العلاقات المصرية السورية والليبية في منتصف الثمانينات أن ذهبت في زيارة الى دمشق وكنت وقتها نائبا في البرلمان وعدت لتذهلني المفاجأة بمحاولة إسقاط الحصانة عني لمحاكمتي بتهمة الخيانة العظمى بسبب زيارة سوريا وكان ردي هو: نعم زرت سوريا وسأزور ليبيا وكل قطر عربي شقيق سعيا وراء رأب الصدع في العلاقات ولكن لم ولن أزور اسرائيل ودارت الايام دورتها كما يقولون وعندما تحسنت بفضل الله العلاقات لمست القيادة السياسية بنفسها ما كان لمثل زيارتنا من آثار طيبة ساهمت كثيراً في تنقية الاجواء. ما الذي أضافته الاحزاب في ظل التعددية الى الديمقراطية للخريطة السياسية في مصر؟ ـ شكري: لم تضف جديداً ببساطة لأننا نعيش تعددية وهمية ولا وجود لها إلا في خيالنا... فأول أدبيات الاحزاب على مستوى العالم هو أن يسعى الحزب للوصول الى السلطة. وهذه وحدها في مصر جناية وسبه ينبغي علينا أن ننفيها عن أنفسنا فهل هناك خلل أكبر من ذلك؟!! هذا أمر في غاية الصعوبة نحن لا نملك من أدوات التعددية سوى الصحف التي نصدرها وتملك الحكومة تعطيلها مثلما حدث مع صحيفة (الشعب) لسان حال حزب العمل في سبتمبر الماضي لمجرد انتقادها لسياسات وزير الداخلية السابق حسن الالفي وكشفها لجوانب انحراف ثبت للقيادة السياسية فيما بعد صحتها وكان قرارها في أعقاب حادث الاقصر إقالة الوزير. لكل ذلك فإن فاعلية الاحزاب ضعيفة وممارساتها هشة ولا تقوم مطلقا بالدور المنوط بها من مشاركة وتنشئة سياسية وتقديم كوادر. الاحزاب والشارع ما تطرحه سيادتك يشجعني على قول أن رجل الشارع لا يشعر بوجودكم ــ أقصد المعارضة بشكل عام؟! ـ شكري: هذا صحيح... سأكون صريحا معك... التعددية لم ترد مطلقا في ذهن السلطة... الاحزاب المصرية تعامل منذ عشرين عاما كالطفل المبتسر الذي يولد ناقص النمو فيوضع في حضانة بعيداً عن التقلبات الجوية حتى يكتمل نموه... مازالت الاحزاب محاصرة في تصرافتها الضيقة والقليلة العدد غير مسموح لها على الاطلاق بالنزول الى الشارع أو الالتحام بالجماهير ومحرومة من وسائل الاتصال الطبيعية بالناس في المساجد والكنائس والمقاهي والنوادي والمؤسسات والهيئات أو اي تجمع كان.. وما الذي يمنعكم من ذلك... عفوا... ارجو الا تقول الحكومة... نريد توضيحا أكبر؟! ـ شكري مبتسما: الامثلة تفوق الحصر كم من مرة ذهبت لعقد مؤتمر جماهيري وبعد عمل كل الترتيبات نفاجأ بالامن يقرر الغاءه برغم موافقته المسبقة ولا أملك أن أراجعه ولا أملك ان أقاومه الاحدث مالا يحمد عقباه... يا سيدي الطوارىء تحكمنا منذ 16 عاماً ... هذا القانون اللعين مسلط على رقابنا منذ حادث المنصة في عام 81 ويجدد دوريا في مجلس الشعب برغم معارضتنا ورفضنا المستمر له ومطالبتنا للقيادة السياسية مراراً أن ترفع عن عهدها هذا العار. حقيقة شيء مشين أن يوصم عهد الرئيس مبارك بأنه عهد الطوارىء ... الأمن بموجب هذا القانون يمكنه إلقاء القبض على أي مجموعة مكونة من اربعة أفراد بدعوى الاشتباه... هذا القانون اللعين يطبق حتى اثناء الانتخابات... وهو أمر يؤكد أن التعددية شكلية مظهرية بلا مضمون حقيقي. ويواصل شكري حديثه: لقد أصابنا الملل من كثرة الحديث حول تزييف إرادة الامة وتزوير الانتخابات.. (وبح) صوتنا من المطالبة بانتخابات حرة نزيهة يكون للقضاء إشراف كامل عليها.. إلا أننا للأسف ومنذ إطلاق صيحة التعددية لم نعرف ولم تجر في مصر انتخابات نزيهة. نقد ذاتي أفهم من حديثك أن الاحزاب بريئة وغير مسؤولة عما تعانيه من ضعف في بنائها وضعف تأثيرها في الشارع السياسي؟ ـ شكري: بالطبع لا... في اعتقادي أن الاحزاب مسؤولة عما تعانيه من هشاشة البناء وضعف الانتشار... لأن الحقوق تنتزع ولا تمنح... وطريق الديمقراطية السليم ينبغي ان يعطينا إياها. لأن من يملك المنح يملك المنع أيضا... ومصر بحضارتها وتاريخها كأول دولة في المنطقة عرفت الحياة النيابية في منتصف القرن الماضي لا يجدر بها أن تتخلف عما يجري في دول مجاورة من ممارسات ديمقراطية حقيقية... هذا الشعب العظيم يستحق ان ينال حريته كاملة وكفانا أسلوب ديمقراطية الجرعات التي لا تغني ولا تثمن من جوع. ما هي في رأيكم الخطوات التي تساهم في تعميق الديمقراطية وإرساء قواعد التعددية؟ ـ شكري: أولاً أن تؤمن الحكومة بفكرة تداول السلطة وأن يتخلى الرئيس مبارك عن رئاسته للحزب لأنه رئيس لكل المصريين... ولابد من رفع العمل بقانون الطوارىء. وأن تمنح لنا مساحة تساوي تلك المتاحة للحزب الحاكم في الاذاعة والتلفزيون لبث نشاطاتنا.. كما أننا نطالب بالغاء لجنة شؤون الاحزاب وأن تطلق حرية تشكيل الاحزاب في مصر فهناك قوى حقيقية لها تواجد فعلي في الشارع ولاتوجد أحزاب تعبر عنها كالاخوان المسلمين مثلا والشيوعيين لا يمكن أن أتجاهل مثل هذه القوى في الوقت الذي سمح فيه النظام بقيام أحزاب مازالت قاصرة على عضوية مؤسسيها... كل الاحزاب والقوى الوطنية تجمع على ضرورة إطلاق حرية تشكيل الاحزاب بدون لجنة شؤون الاحزاب التي لن توافق على أي حزب. وجاءت كل الاحزاب في عهد الرئيس مبارك عن طريق الشرعية فعندما عبر بعض أعضاء حزبنا واحزاب آخرى كالحزب الناصري عن رفض الآثار المدمرة لتطبيق قانون العلاقة الايجارية في الاراضي الزراعية تم اعتقالهم لمدد تجاوزت الشهور الاربع... ان كل هذه الخطوات معروفة وطرحناها كأحزاب معارضة في مذكرات عديدة وقدمناها إلى السلطات التي وعدتنا مراراً بالنظر فيها والى الآن مازلنا في انتظار تحقق هذه الوعود من أجل ديمقراطية حقيقية ينبغي أن تتوفر الارادة لذلك. اشرتم إلى تداول السلطة في أكثر من موضع في حديثكم. فهل لديكم الكوادر المؤهلة والبرامج المحددة بعيداً عن شعار الاسلام هو الحل الذي يرفعه حزبكم في الانتخابات لقيادة بلد في حجم مصر؟! ـ شكري: هذا السؤال يوجه إلينا مراراً وأشم فيه رائحة اتهام وسخرية ومن ثم فإنني بدوري أرد عليكم بأن تسمحوا لنا بأن تكون الاجابة عملية وليست في الاطار النظري. احزاب بلا ديمقراطية لكن اسمح لنا أن نقول ان أحزاب المعارضة ذاتها تفتقر الى الممارسة الديمقراطية في داخلها ومنذ نشأتها لم نسمع عن بروز قيادة جديدة تقود الاحزاب بفكر جديد. علما أن متوسط أعمار قيادات الاحزاب فوق الثمانين عاما؟! ـ شكري: لدينا كوادرنا... ونحن في حزب العمل لا نعتمد في تقدير سياسات الحزب على قرار فردي لرئيس الحزب بل القرار للمكتب السياسي الذي يضم متخصصين في مختلف المجالات ولدينا اللجنة التنفيذية التي تاتي بالانتخاب ويقدم أمامها تقارير وتضم قيادات من جميع محافظات مصر لتكون الفاعلية متبادلة من القمة للقاعدة ومن القاعدة للقمة كي يصدر قرارنا ويعلق موقفنا ملزما للجميع ومعبراً في النهاية عن رأي الحزب وليس ابراهيم شكري... قد لا يتفق الرأيان ولكن في النهاية الرأي للأغلبية . هل لكم أن تكشفوا لنا عن موقف اختلف فيه رأي الحزب عن رأيكم الشخص؟ ـ شكري: آسف.. ففي النهاية أنا أحترم رأي الاغلبية وما يدور من اختلافات في الرأي مسألة طبيعية أما القرار النهائي فهو ملزم للجميع وأنا أول المدافعين عنه والمفسرين لحيثياته بقناعة كاملة.

Email