الامين العام لمنتدى الفكر العربي: المنتدى منبر للحوار ورسالته ليست تبشيرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تأسس منتدى الفكر العربي كمنظمة عربية فكرية غير حكومية في عام 1981 بمبادرة من الامير الحسن بن طلال ولي عهد الاردن, وعدد من المفكرين العرب في اعقاب مؤتمر القمة العربي الحادي عشر, وقد جاءت الدعوة لتأسيس المنتدى لبحث وتشخيص اوضاع الوطن العربي واستشراف مستقبله عن طريق الحوار بين المفكرين وصناع القرار العرب لصياغة الحلول العلمية وبلورة نظرة علمية واقعية نحو قضايا الامة العربية, ومنذ تأسيسه في عام 1981, عمل المنتدى بامكانات متواضعة وبدعم من مؤسسيه واعضائه وتمكن ان يجمع مفكري الامة العربية وصانعي القرارات فيها في لقاءات وندوات بحثت العديد من الهموم والقضايا التي تشغل بال المواطن العربي, ومنها قضايا الامن القومي العربي والمديونية العربية والامن الغذائي العربي وقضايا التعليم في الوطن العربي كما جمع المنتدى هؤلاء المفكرين مع نظرائهم في دول العالم (اوروبا, امريكا, الصين, اليابان, جنوب شرق آسيا) , وذلك لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك, السياسية والاقتصادية. والمنتدى سيتخذ من اجتماع أبوظبي مناسبة لتحقيق عدد من الاولويات في مقدمتها تجديد شباب المنتدى بضم مجموعة محددة مختارة من جيل التكنوقراطيين الجدد في القطاعين العام والخاص ومن الاوساط الاكاديمية والاهلية, وكذلك تقوية العلاقات مع المؤسسات والمراكز العربية التي تعمل في مجال الفكر والدراسة والحوار, والعمل على جمع التبرعات لتنمية وقفية المنتدى, فالارقام تقول ان ما تبرعت به المؤسسات غير العربية وغير الحكومية بالطبع حيث لا يتلقى المنتدى مساعدات مشروطة من اية جهة حكومية عربية أو مؤسسة دولية, الارقام تقول ان مساهمة هذه الهيئات على امتداد السنوات السابقة ومنذ التأسيس فاقت مساهمة الهيئات والمؤسسات العربية, وتلك نقطة ضعف شديدة تؤشر إلى عدم اهتمام مؤسسات القطاع الخاص في بلادنا بأداء دورها في دعم مسيرة الفكر والثقافة والتنوير وهي المقدمة الضرورية والصلبة, للقرارات الصائبة والمستقرة وغير الارتجالية في ميادين السياسة والاقتصاد, سواء بسواء. حاورنا د. علي عتيقة الامين العام للمنتدى حول كافة هذه القضايا وحول كافة هموم وشجون وشؤون المنتدى والثقافة والحوار والفكر في بلادنا سألناه بداية. على ابواب انعقاد الجمعية العامة لمنتدى الفكر العربي في أبوظبي.. ما الجديد في هذه الدورة حضورا وبرنامجا؟ ـ نحن في المنتدى نسميها الهيئة العامة وستجتمع في أبوظبي في اهم اجتماع لها لانه ىأتي بعد ان قام اعضاء المنتدى بمراجعة عامة لنشاطاته ومنجزاته ومن ثم وضع مقترحات لزيادة فاعلية عمل المنتدى مستقبلا, وبشكل عام هناك تقويم لمسيرة المنتدى وآفاق عمله المستقبلية, كما سيشهد الاجتماع اطلاعا على قرارات مجلس الامن فيما يخص موضوع العضوية وغيرها من الامور المطروحة على جدول اعمال الاجتماع, اضافة إلى الامور الادارية الاخرى كالميزانية, والاهم ان ورقة التقويم ستطرح للنقاش لتكوين رؤية مستقبلية متكاملة حول المنتدى, وبعد ذلك أو ربما قبل ذلك ندوة (موقف الفكر العربي من المتغيرات الدولية) , من خلال ورقة عمل يقدمها الدكتور علي أومليل رئيس المنتدى السابق ورئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان حاليا يعقب عليها د. محمد عابد الجابري الاستاذ في جامعة محمد الخامس بالرباط, والمعقب الثاني هو عدنان أبو عودة, والغرض من ذلك هو الخروج بتصورات واضحة ومتكاملة تجاه المتغيرات المتسارعة في العالم لعل ذلك ينير الدرب ويوضح الرؤية. نشاطات المنتدى تبقى ذات طابع نخبوي بعيد عن اهتمام الجمهور الواسع, كيف تخططون للخروج نحو حالة من التأثير الواسع في اوساط المثقفين العرب والجمهور العربي بشكل عام؟ ـ سؤال مهم, لكن الجواب يعتمد على اهداف المنتدى, ذلك ان المنتدى لم يهدف إلى بث الفكر على نطاق واسع لتثقيف الجمهور, انما كان يشمل نخبة من اهل الفكر والقرار ورجال المال والاعمال لتداول الامور العامة ولاعانة صاحب القرار على تنفيذ ما هو مناسب ووضع القرار في الاطار الصحيح, وبالتالي فان الهدف لم يكن نشر ثقافة جماهيرية فهناك مؤسسات لهذا الدور, كما ان رسالته ليست تبشيرية فالمنتدى اساسا اقيم كمنبر للحوار والمناقشة حول قضايا عربية عامة مشتركة في كل المجالات, سواء ان ذلك في الاقتصاد أو السياسة أو الثقافة, وذلك من اجل عقلنة القرار وجعل الفكر سباقا امام تنفيذ القرار, وليس كما يحصل في العادة ان يسبق الفعل ويقوم الفكر بالتبرير, لكن هذا بطبيعة الحال لا يمنع نشر الندوات في كتب وتعميمها على المهتمين في كل الوطن العربي, وهذا ما سيكون لاحقا لان العمل الحالي محدود بطبيعته ومحصور بفئة معينة. كيف يمول المنتدى نشاطاته الفكرية وما مدى مساهمة رجال الاعمال العرب في دعم ذلك وما نداؤكم لهؤلاء الاخوة؟ ـ التمويل غير حكومي وانما يأتي عن طريق تبرعات شخصية, بداية من الامير الحسن رئيس المنتدى وغيره من الشخصيات والاعضاء المهتمين بشؤون المنتدى, ثم هناك عضوية مؤازرة تتمثل في شركات ومؤسسات وبنوك, ونعمل حاليا على توسيع هذه القناة وانتشارها بحيث يكون لدى المنتدى عدد كبير من المؤازرين الذين يدفعون اشتراكا سنويا حده الادنى 1800 دينار اردني سنويا, وهو تقريبا الحد الذي يلتزم به الاعضاء المؤازرون, من اهداف المنتدى ان يزيد العدد إلى مائة عضو أو اكثر, ولكننا مازلنا بعيدين عن هذا الرقم, اضافة إلى اشتراك سنوي بمائتي دولار, وتأتي مطبوعات المنتدى بعدها كمصدر للتمويل والتي لم تتجاوز المائة وثمانين الف دينار سنويا منذ تأسيس المنتدى وحتى الآن. المنتدى منبر لحوار الافكار والتيارات... ما دور المنتدى حاليا ومستقبليا في تشجيع الحوار بين التيارات الفكرية الرئيسية الاربعة في الساحة العربية, التيارات الليبرالية واليسارية والقومية والدينية؟ ـ المنتدى يسعى إلى تنمية الحوار بين هذه المدارس والاتجاهات ويسعى لان يكون لديه ممثلون عن هذه المدارس بتنوع فكري, ونعتقد ان الحوار واللقاء وقبول الرأي والرأي الاخر من اهم الادوار التي يمكن ان يقوم بها المنتدى, وقد اقمنا العديد من الندوات على هذا الطريق خلال السنوات السابقة: مع القوى الممثلة لمختلف التيارات. للمنتدى نشاط بارز في الحوار مع العالم: الحوار مع اوروبا ومع ايران ومع تركيا وسيكون هناك حوار عربي صيني في بكين يمثل المنتدى الجانب العربي في الحوار: ماذا حققت هذه الحوارات وكيف يمكن توسيع اطاراتها لتشمل النخب الفكرية والسياسية والاقتصادية في وقت واحد؟ ـ عقد المنتدى اكثر من خمسة واربعين حوارا على المستويين العربي والدولي مع جهات عديدة في آسيا واوروبا وافريقيا, فائدتها في البداية كانت محصورة في مزيد من التفاهم وتوصلت إلى مزيد من التوصيات والاقتراحات بين العرب والعالم ولكن للاسف في كثير من الحالات لم تتوفر الآلية اللازمة لمتابعة التنفيذ والمراجعة بحيث ان الكثير منها انتهى باصدار كتاب حول مداولاتها للتوزيع والبيع, وفي كثير من الحالات كانت الاتصالات تنقطع لفترة ثم تعود احيانا كما حدث مع اليابان التي عقدنا معها اربعة حوارات, والجانب العربي المشترك بدأ يضعف في سنوات الثمانينات, والاطراف التي تحاورنا بدأت تنظر للعلاقات بشكل ثنائي مما يجعلها تختصر العلاقة بدلا من الاعتماد على القاعدة العربية المشتركة التي كان يبدو أنها في نمو ابان السبعينات ثم ارتدت إلى الخلف مع الحرب العراقية الايرانية وحرب الخليج الثانية, والمنتدى يجد صعوبة في تنمية هذه الحوارات في ظل غياب القاعدة العربية المشتركة. الحديث متواصل في اوساط النخب العربية المثقفة حول امكانية او استحالة تجسير الفجوة بين الحاكم والمثقف, ما رأيكم الشخصي في هذا الحوار المتواصل وما دور المنتدى في هذا التجسير؟ ـ لا اقول استحالة, ولكن صعوبة, نعم هناك صعوبة في تجسير الفجوة بين الحاكم والمثقف لان سقف المفكر دائما اوسع واعلى من السقف المتاح لصاحب القرار, ففي الوقت الذي يسهل فيه على المفكر نسبيا وضع حلول مثلى وواضحة تفترض خيارات عديدة قد لا يتوفر ذلك لصاحب القرار, هذا من حيث المبدأ, من الناحية العملية يحاول المنتدى, وربما كان الوحيد الذي يجمع في عضويته تشكيلة متنوعة من اصحاب القرار في القطاع العام والخاص وكذلك مجموعة من الاكاديميين المعنيين بالفكر والتنظير وهو بهذه التشكيلة يستطيع ان يعين صاحب القرار ويضيق من الفجوة التي يقال انها موجودة بين الفكر والعمل. لكن نجاح هذا الاسلوب يتطلب مناخا سياسيا يتسم بحد كاف من التجانس في الاهداف التي تجمع الانظمة العربية وتضع الاطار العام لصاحب القرار. من خلال عملكم في هذه الساحة الفكرية, هل تعتقد ان المثقف العربي يقوم بدوره في التنوير العربي وفي اصلاح الخلل وفي تبصير الناس بمواقع الخلل عملا بمقولة الكواكبي: (ما بال هذا الزمان يضن علينا برجال يعلمون الناس ويزيلون الالتباس) ؟ ـ لست في موقع يستطيع الاجابة بوضوح على هذا السؤال لانه يحتاج إلى مراجعة ولكن انطباعي ان هناك جهدا كبيرا مبذولا من قبل كثير من المثقفين في سبيل نشر الوعي والمساهمة في التوعية بقدر المستطاع وعلى قدر المتاح من الحرية, هناك تقصير من جانب الناس فهم لا يهتمون بكل ما ينشر كما ان مستوى تداول الكتاب العربي وانتشاره محدود, والامية مازالت في بعض الاقطار العربية ما بين 50 ـ 70% بين النساء وهذا يحد من فعالية الجهد الفكري ويمثل تحديات ضخمة للامة العربية في ان تدخل القرن الحادي والعشرين, وهي بهذا المستوى, لابد من جهود ضخمة لمتابعة النهضة الفكرية. ثمة من يرى ان المثقفين العرب يميلون اما للاستشهاد ومعارضته السلطات بكل وسيلة أو يتجهون نحو الغربة والانكفاء والتخلي عن دورهم المطلوب, أليس هناك من طريق ثالث يمكن للمنتدى ان يساهم في شقه, يقوم على التوازن والاعتدال, دون افراط أو تفريط؟ ـ المنتدى يحاول ان يشق الطريق الثالث وهو ليس الهروب أو الاستشهاد وانما الموضوعية والعقلانية والحياد بين التفاؤل والتشاؤم بحيث لا يكون هناك تفاؤل مفرط أو تشاؤم مفرط وانما الاثنان معا بفاعلية, الاعضاء في المنتدى هم الذين يصنعون مستوى الحوار وإلى اي مدى يمكن تحقيق المعايير التي ذكرتها, وليس من شك في ان السؤال يشير إلى ان الطريق الثالث بحاجة إلى تعميق, وفي تصوري ان المنتدى عن طريق اعضائه وبالتعاون مع مؤسسات اخرى شبيهة, قطرية كانت أو عربية غير حكومية يمكن ان ينمي قاعدة اهلية تساعد على التغيير المطلوب نحو الافضل ويكون الهدف زيادة قدرة الفرد المثقف على التأثير في مجرى الامور وارتباطه بمصير وطنه وأمته, فالمركز إلى جانب جهات ومؤسسات كمركز دراسات الوحدة العربية أو مؤسسة شومان يقوم بنشر الكثير من الدراسات والنشرات التي تهدف إلى نشر التوعية. لقد نشر المنتدى عبر حوالي عقدين من الزمن عشرات الكتب والمؤلفات ووثق عشرات الندوات, لكن الانتشار لهذه المؤلفات كان محدودا جدا وهي مشكلة عامة للكتاب في بلادنا, كيف تفكرون في الخروج من هذا الوضع غير المقبول؟ ـ حاليا, نسعى لبيع الكتب المخزونة لدينا, وقد انجزنا الكثير في هذا المجال عن طريق البيع لمؤسسات عامة تتولى التوزيع, يبقى ان المشكلة ليست مرتبطة بالمنتدى وحده فهي مشكلة الكتاب العربي بشكل عام, فمثلا سنقوم بطباعة الف بدلا من الفين للندوات الثلاث التي اقمناها في السنوات الماضية لان الطلب على الكتاب اقل الآن, كيف ننمي طلب الانسان العربي للكتاب فهذا يحتاج إلى دراسة وفهم اضافة إلى تحسين صناعة الكتاب نفسها وتنشيط عملية الترويج له. عمان ـ توفيق ابوبكر

Email