على الهامش: صلاة جماعية: بقلم : عمر العمر

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شيء يعلو فوق الحوار في زمن العولمة. الحديث المتصاعد ليس حصرا على التبادل التجاري او التلاقي السياسي. النداء الملح عالميا يشمل حوار الثقافات . كذلك حوار الديانات فصل بالغ الأهمية في زمن العولمة. بابا الفاتيكان طار الى كوبا محاورا. رحلة البابا الى الجزيرة الكاريبية تاريخية غير انها ليست تبشيرية كاثوليكية. الرجل البولوني الوقور دأب على مزج السياسة بالدين. رأس الكنيسة في روما علماني على طريقته. بابا الفاتيكان زار قلعة الشيوعية الاخيرة التي لا تزال مستعصية على رياح العولمة. كوبا الجزيرة الوحيدة التي لا تزال ملحدة في النظام العالمي الجديد. البابا يوحنا بولس الثاني قاد صلاة جماعية في (ميدان الثورة) في هافانا. ربع مليون كوبي شاركوا في الصلاة الجماعية في الهواء الطلق. الكوبيون دأبوا على الاحتشاد في الميدان نفسه طوال 40 عاما للاصغاء على (البابا) الثوري الوقور ــ كاسترو ــ . الكوبيون دأبوا على السماع ــ طوال اربعة عقود ــ لخطاب سياسي من نسيج تقليدي. خيوطه حمراء عامر بالوعيد والتهديد لاعداء الثورة في الداخل والخارج وبالتأكيد على مواصلة المسيرة الى الفردوس الآتي حتما. كاسترو ذهب الى (ميدان الثورة) مستمعا لا خطيبا ــ للمرة الاولى ربما ــ في حضرة البابا. كاسترو ادى الصلاة في (ميدان الثورة) مشاركة الزعيم الكوبي في الصلاة الجماعية في هافانا لا تعني ايمانه بالنظام العالمي الجديد. يوحنا بولس الثاني شارك في التحريض المبكر الذي ادى الى انهيار الكتلة الشيوعية بأوروبا. بارك البابا حركة (تضامن) العمالية في مسقط رأسه ودعمها علنا. سقوط النظام الشيوعي في بولندا كان المسمار الاول في نعش كتلة حلف وارسو. البابا خصم عنيد للشيوعية لكنه ليس مؤمنا خالصا بالنظام العالمي الجديد. في (ميدان الثورة) بهافانا حرض يوحنا على كبح هيمنة (قوى السوق العمياء) . تلك هي النظام العالمي الجديد. تحت مظلته قال البابا علنا (يزيد الاثرياء ثراء والفقراء) فقرا. رأس الكنيسة الكاثوليكية يرى في النظام العالمي الجديد خطرا مطلقا. احادية النظام الجديد ليست في قطبه السياسي فقط. الاخطر من ذلك هو احادية نمطه الاخلاقي. بابا الفاتيكان لا يضع بالطبع المسيحية ايديولوجية سياسية بديلة او نظاما اقتصاديا جديدا لكنه معني بالمسألة الاخلاقية تحت المظلة السياسية او النظام الاقتصادي. رسالته ضد اخلاقيات قوى السوق موجهة الى العالم قاطبة. رأس الكنيسة حرض الكوبيين في الداخل والخارج على نبذ العنف والتصالح. (المغفرة ليست معارضة للعدالة) . كاسترو يعلم جيدا تحريض البابا ضد الانظمة الشيوعية, لكنه اعتبر زيارة رأس الكنيسة استقواء ضد (قلعة الامبريالية) المجاورة. (اشكركم بالانابة عن جميع شعب كوبا ايها الاب الروحي على كل كلمة قلتها حتى تلك التي اخالفك الرأي بشأنها) . تلك آخر كلمات كاسترو في وداع يوحنا بولس الثاني. ليس مهما رد فعل كاسترو على كلمات البابا. الأهمية تكمن في رد فعل شعب كوبا على الصلاة الجماعية في (ميدان الثورة) .

Email