يلماظ يأسف وتنديد يوناني بريطاني: أربكان يستأنف قرار الحظر أمام محكمة أوروبية

ت + ت - الحجم الطبيعي

إتسعت دوائر التنديد بقرار اغلاق حزب الرفاه التركي داخليا وعالميا وتزايدت فرص واحتمالات اجراء انتخابات نيابية مبكرة في محاولة من حكومة العلمانيين المدعومة بتأييد العسكر لاستئصال الوجود البرلماني للرفاه وازالته من كل المؤسسات السياسية لتركيا . وشهدت المدن التركية مظاهرات تأييد لزعيم حزب الرفاه نجم الدين اربكان الذي استقبله الالاف من انصاره في مطار انقرة صباح امس وهم يرددون هتافات (باشكان اربكان) اي (اربكان رئيسا للوزراء) . ووصف اربكان قرار المحكمة الدستورية بحظر حزب الرفاه بأنه (اغتيال سياسي) مشيرا الى انه سيستأنف الحكم امام محكمة حقوق الانسان الاوروبية. وذكرت صحيفة صباح ان هذا القرار يمهد لمحاكمة اربكان في سبع قضايا منفصلة. وفي اطار احتواء محاولة الحكومة لتضييق الخناق عليهم اكد قياديون في الرفاه انهم سيعيدون تجميع انفسهم في حزب جديد بدون زعامة اربكان الممنوع من ممارسة العمل السياسي. ففي انقرة نزل مئات الاسلاميين الاتراك الذين يلوحون بالرايات الى الشوارع في الساعات الاولى من صباح امس لاظهار التأييد لزعيمهم نجم الدين اربكان بعد ان قضت المحكمة الدستورية باغلاق حزب الرفاه الاسلامي الذي يتزعمه. واخذت حشود تهتف عندما وصل اربكان الى مطار انقرة في ساعة متأخرة من مساء اول امس قادما من مدينة بورصة في غرب البلاد وهي تردد عبارات (باشكان اربكان) اي (اربكان رئيسا للوزراء) و(تركيا فخورة بك) . ورافقت قوافل سيارات من الاسلاميين اربكان في وقت لاحق الى وسط المدينة. وحمل انصار اربكان صورا فوتوغرافية للزعيم الاسلامي الذي قضت المحكمة الدستورية في تركيا امس الاول بمنعه من تولي أي منصب قيادي سياسي لمدة خمس سنوات. وحظرت المحكمة حزب الرفاه وهو حزب المعارضة الرئيسي لانتهاكه المعتقدات الاساسية للدولة العلمانية التركية. ووصف اربكان (71 عاما) الحكم بانه (اغتيال سياسي) . ونقلت وكالة انباء الاناضول عن اربكان قوله في بورصة (مثل هذا الحكم لا يمكن تنفيذه بدون ارتكاب اغتيال سياسي لان القواعد الرئيسية للقانون انتهكت) . وكان اربكان قد تعهد في وقت سابق باستئناف الحكم امام محكمة حقوق الانسان الاوروبية. ونقلت جميع الصحف التركية نبأ اغلاق حزب الرفاه في عناوينها الرئيسية. وقالت صحيفة صباح الواسعة الانتشار ان هذا القرار يمهد الطريق لمحاكمة اربكان في سبع قضايا منفصلة. واثار حكم الاغلاق انتقادات من الولايات المتحدة حليف تركيا في حلف شمال الاطلسي وبريطانيا الرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي. ودعا الدكتور نجم الدين اربكان زعيم حزب الرفاه ناخبيه ومؤيديه لتجنب أى تصرف قد يصعد فى الموقف والوضع السياسى للبلاد بعد قرار المحكمة الدستورية التركية العليا بحظر نشاط الحزب. وقال اربكان خلال حديثة لمؤيديه الذين تجمعوا احتجاجا على القرار (انه يجب ان نكون حذرين ويقظين لمواجهة اى استفزاز لن يكون لصالحنا وصالح الامة والدولة التركية عموما) . وقد أتخذت قوات الامن التركية التدابير اللازمة امام المساجد تحسبا لمواجهة اى تطورات مفاجئة بعد صلاة التراويح وصلاة الفجر. وترأس اربكان فى وقت لاحق امس اجتماعا لاعضاء الهيئة التنفيذية لحزب الرفاه لمناقشة تفاصيل الاستراتيجية التى سيتم من خلالها مواجهة المرحلة المقبلة. وقد بدأت الاوساط الاعلامية والسياسية تتحدث عن احتمالات اجراء انتخابات برلمانية مباشرة فى بداية الصيف او فى الخريف المقبل بعد ان بات واضحا ان البرلمان التركى الحالى لن يستطيع مواجهة المرحلة المقبلة خاصة بعد تشكيل الحزب الاسلامى الجديد. وتتوقع الاوساط السياسية والاعلامية لهذا الحزب ان يسعى لاقامة جبهة وطنية تضم الاحزاب الاسلامية والقومية الصغيرة الى جانب حزب الطريق الصحيح الذى تتزعمه تانسو تشيلر. وتنتظر كافة التيارات قرار اربكان فى اختيار خليفته وزعامة التيار الاسلامى بتركيا خلال المرحلة المقبلة. ورجحت مصادر مطلعة ان يكون خليفة اربكان عبدالله جول نائب رئيس الحزب الحالى او رجائى كوتان وزير الطاقة السابق او رجب طيب اردوجان رئيس بلدية اسطنبول. وتميل الكفة لصالح جول لانه يعرف اللغة الانجليزية وقليلا من العربية ومقرب لاربكان وهو مسئول العلاقات الخارجية للحزب الحالى وشغل منصب وزير دولة للعلاقات الخارجية فى حكومة اربكان السابقة. واعلن مسؤول رفيع المستوى في حزب الرفاه امس انه سيعاد تشكيل الحزب الاسلامي التركي الذي صدر امس الاول قرار بحله, تحت اسم آخر من دون زعيمه الذي منع من ممارسة العمل السياسي خمس سنوات. وقال لطفي اشينجون احد مستشاري رئيس الوزراء السابق زعيم حزب الرفاه نجم الدين اربكان "سنواصل مهمتنا تحت اسم جديد ومع زعيم جديد. واضاف (من المبكر معرفة من سيتولى رئاسة هذا الحزب الجديد) . وعندما سيصبح قرار حل حزب الرفاه ساريا بعد نشر حيثيات الحكم في الصحيفة الرسمية سيظل النواب ال147 من هذا الحزب في البرلمان وسيصبحون مستقلين. ويتوقع ان ينضم معظمهم الى حزب الفضيلة الذي اسسه اصدقاء لاربكان في ديسمبر الماضي تحسبا لقرار حل حزب الرفاه. لكن عددا من المحللين يؤكد ان هذا الحزب الجديد قد يصبح سريعا عرضة لمضايقات خصوصا اذا ما تبين ان زعيمه الحقيقي في الكواليس هو اربكان الذي منع من ممارسة العمل السياسي خمس سنوات. من ناحية اخرى اعلن عبد الله جول نائب رئيس حزب الرفاه ان حزبه يحترم قرار المحكمة الدستورية لانها اعلى سلطة قضائية فى البلاد وان الحزب يطلب من حكومة مسعود يلماظ اعداد البلاد للانتخابات البرلمانية المبكرة وانه ليس هناك جهة ايا كانت تستطيع وقف نمو حزب الرفاه . وقال جول ان حزب الرفاه حزب قوى وان الذين عملوا على اغلاق الرفاه عملوا بالقاعدة التى تقول اقضوا عليه قبل ان يسيطر تماما على الدولة . وقال جول فى تصريح لمحطة تليفزيون(ان تى فى) الاخبارية امس ان الجهات المعادية للحزب لن تنجح فى مساعيها وانه سيعود قويا الى السلطة ايا كان الاسم الذى يحمله. وعلى صعيد متصل هدد المدعي العام التركي امس بسحق اي محاولة لاعادة تأسيس حزب بديل للرفاه تحت اي مسمى. ومن جانبه وصف رئيس الوزراء التركى مسعود يلماظ قرار المحكمة الدستورية فى تركيا بالاغلاق مكاتب حزب الرفاه الاسلامى قائلا(ان اغلاق حزب سياسى فى بلد ديمقراطى مدعاة للأسف دوما) . وعبر المسئول التركى اثناء ترؤسه لاجتماع حزبى عن اسفه لقرار المحكمة الدستورية المتضمن اتهاما للحزب بمخالفته الدستور والقانون. واكد يلماظ فى تصريحاته التى بثتها وكالة انباء الاناضول ان قرار المحكمة الدستورية هذا ملزم لكافة الاطراف سواء التشريعية منها او التنفيذية, معربا عن امله فى ان تتمكن قيادة حزب الرفاه من تقييم القرار بالشكل الافضل. وقال يلماظ ايضا انه ابلغ قائد الحزب الاسلامى نجم الدين اربكان بتوجيه انتقاد ذاتى فى اطار الحزب. ودعا يلماظ اللجنة الادارية لحزبه الوطن الام الى دراسة الوضع السياسى فى البلاد بعد اغلاق حزب الرفاه. وذكرت محطة تليفزيون ان تى فى الاخبارية التركية ان مسعود يلماظ ابلغ اعضاء اللجنة بأن حزب الشعب الجمهورى الذى يساند الحكومة من الخارج لن يستطيع بعد الان فرض سيطرته وهيمنته على الحكومة نظرا لتغير الوضع السياسى فى البلاد عقب اغلاق حزب الرفاه. واشارت المحطة الى ان مسعود يلماظ طلب من اعضاء اللجنة الادارية للحزب النزول الى المناطق النائية التى يسيطر عليها حزب الرفاه لكسب اصوات سكانها الانتخابية. وندد الحزب الديموقراطي (وسط) العضو في الائتلاف الحكومي الذي يتزعمه رئيس الوزراء مسعود يلماظ, امس بحل حزب "الرفاه" الاسلامي الذي كان في الحكم سابقا, معتبرا ان هذا القرار الذي صدر امس الاول, يسىء الى النظام السياسي في تركيا. وقال زعيم الحزب الديموقراطي حسام الدين تشندوروك ان حل اي حزب سياسي يسيء الى الديموقراطية. وعلى صعيد اتساع دوائر التنديد الدولي بقرار حظر حزب الرفاه اعلنت الحكومة اليونانية عدم ارتياحها لقرار المحكمة الدستورية فى انقرة بحظر نشاط حزب الرفاه الاسلامى بزعامة نجم الدين اربكان. وقال المتحدث الرسمى باسم الحكومة ووزير الاعلام اليونانى ديمتريس ريباس فى تصريحات صحفية له امس ان الغاء حزب الرفاه يعد بمثابة تطور سلبى على الساحة السياسية الداخلية فى تركيا حيث انه يأتى كدليل جديد على حاجة المجتمع التركى الى مزيد من الاصلاحات فى مجال حقوق الانسان وحرية التعبير. ومن جانبها فقد استقبلت وسائل الاعلام اليونانية بمختلف اتجاهاتها نبأ حظر نشاط حزب الرفاه باهتمام بالغ. وقد تعمدت هذه الوسائل الربط بين قرار حظر نشاط الرفاه وبين اوضاع حقوق الانسان وما اطلقوا عليه غياب الديمقراطية فى تركيا وهو ما اعتبره الاعلام اليونانى مظهرا هاما يدل على عدم اهلية تركيا للانضمام الى المجتمع الاوروبى. وقد اجمعت وسائل الاعلام اليونانية على وجود تأثير كبير للجيش وقوى العلمانية فى تركيا وراء قرار حظر نشاط حزب الرفاه كما حذرت من خطورة النتائج العكسية المحتملة نتيجة هذا القرار والتى قد تؤدى الى تزايد شعبية القوى الاسلامية فى انقرة مما قد يهدد مصير الدولة التركية الحديثة التى اسسها كمال اتاتورك من خلال امكانية وصول الاصوليين المتطرفين الى مقاليد السلطة عبر قنوات اخرى بخلاف حزب الرفاه. ومن جانبها وجهت بريطانيا (التى تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الاوروبى) انتقادا شديدا للحكم الذى اصدرته المحكمة الدستورية التركية بحل حزب الرفاه الاسلامى الذى يشكل اكبر تكتل فى البرلمان التركى. وذكر راديو لندن صباح امس ان الاتحاد الاوروبى يشعر باستياء من سجل تركيا فى مجال حقوق الانسان. واشار الراديو الى ان الاجراء الاخير لن يساعد تركيا فى سعيها لان تصبح عضوا فى الاتحاد الاوروبي. وشهدت اسطنبول امس مظاهرة لنشطاء حقوق الانسان والامهات الاتراك شارك فيها عدد من اعضاء الكونجرس الامريكي للتنديد بموقف الحكومة تجاه قضية ابنائهم المغيبين في حملات بوليسية استهدفتهم منذ ثلاث سنوات. وحددت جمعية حقوق الانسان التركية اكثر من 800 شخص مصائرهم مجهولة على خلفية ملاحقات بوليسية ـ الوكالات.

Email