البعض اعتبرها محاولة لتضييق الهامش الديمقراطي: تزايد حدة الجدل حول اللائحة المالية لقانون الصحافة اليمني

ت + ت - الحجم الطبيعي

اثيرت في الآونة الاخيرة ازمة في الوسط الاعلامي والصحفي ما تزال محل جدل واسع يحظى بعناية القيادات العليا للسلطة والمعارضة . واذا كان ينظر الى الصحافة في اليمن على انها الحسنة الوحيدة التي يتمتع بها الشعب بعد اعلان الوحدة في مايو 1990 فإنه مما يزيد من تصاعد الازمة الصحفية بروز جملة من الظواهر والاجراءات خلال الشهرين الأخيرين عام 97 اظهرت مؤشرات على توجه الدولة ممثلة بوزارة الاعلام للحد من حرية التعبير وكبح جماح توسع الاصدار الصحفي. وهناك اربع قضايا رئيسية ماتزال محل عناية الصحافة والسياسة في اليمن اضافة الى المراقبين الدوليين ذوي العلاقة بالشأن بالديمقراطي وحرية الرأي والتعبير في اليمن وهي: الاولى: اللائحة المالية لقانون الصحافة. الثانية: العمل النقابي الصحافي. الثالثة: الصحافة الحزبية والاهلية. 301 ترخيص صحفي وتعد اخطر واهم هذه القضايا هي القضية الاولى.. فمنذ نهاية مايو 90 حتى نهاية عام 96 منحت وزارة الاعلام (301) ترخيص لاصدار صحفي, 273 منها وجدت طريقها الى الصدور خلال الفترة نفسها, الا ان غالبية تلك التي صدرت لم يكتب لها الاستمرار او الانتظام في الصدور, فيما استطاعت 60 مطبوعة صحفية رسمية وحزبية واهلية التواجد, الا ان 42 منها لم تصدر بانتظام ويتسم اصدارها بالموسمية او تصدر شهريا او نصف شهري كما ان كافة المطبوعات التي تم اصدار تراخيص لها والتي بلغت 301 صحيفة غير مكتملة للشروط القانونية التي ينص عليها قانون الصحافة والمطبوعات اليمني الذي صدر بقرار جمهوري رقم 25 لعام 90 بعد ان شهد البرلمان اليمني جدلا واسعا حوله ثم اقره واعتبرته الاوساط العربية والدولية خطوة متقدمة ويمثل النموذج في بعض مواده الخاصة بحرية الاصدار وحرية التعبير معا, ولم تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون الا في وقت متأخر وتحديدا عام 93 لكن القانون واللائحة معا لم يجدا طريقهما الى التنفيذ نتيجة الازمة السياسية التي شهدتها اليمن قبل الحرب صيف 94 في وقت استمرت فيه وزارة الاعلام في اصدار التراخيص كما وصدت ايضا بعض الصحف دون العودة الى وزارة الاعلام حسب نص القانون اليمني الذي يشترط لصدور صحيفة حزبية ابلاغ وزارة الاعلام خلال عشرة ايام من صدور الصحيفة ويستثنى الاحزاب والمنظمات السياسية والمنظمات الجماهيرية من كافة الشرط المتعلقة باصدار الصحف ومن اهمها تحديد رأسمال الصحيفة وشروط خاصة برئيس التحرير وموافقة وزارة الاعلام عليه والرقابة المالية من قبل وزارة الاعلام على الصحف. واكدت عملية التناقض ومسار عدم تطبيق القانون فيما يخص الاحزاب عدم تنفيذ قانون الاحزاب والتنظيمات السياسية وعدم اصدار اللائحة التنفيذية له طيلة الفترة الانتقالية وحتى بعد الحرب الامر الذي جعل من اشهار اي حزب عملية اكثر من سهلة في اليمن بل ان بعض الاحزاب تم اشهارها من خلال صدور مطبوعة صحفية تشير الى انه صادرة عن حزب او تنظيم. قانون الصحافة وسيلة للتضييق وهناك قضية اساسية احجمت وزارة الاعلام بسببها اخراج قانون الصحافة الى حيز التنفيذ وتتمثل في شقين: اولا: انها لم تتخذ اي خطوات حيادية في عملية تنفيذ القانون واتخذته وسيلة للتضييق على بعض الصحف غير الموالية للحزب الحاكم. ثانيا: ان الانظار المراقبة للشأن الديمقراطي في اليمن ركزت على حرية الرأي والتعبير واتخذت الصحف والاحزاب اليمنية هذه الفرصة للجوء الى المنظمات والهيئات المعنية بحرية الصحافة وحقوق الصحفيين عند اي مبادرة تقوم بها وزارة الاعلام لاتخاذ اجراء معين ضد هذه الصحيفة او تلك. الحزب وامام هذه الاشكالية بادرت وزارة الاعلام الى اعداد لائحة مالية حسب القانون الذي ينص على اصدارها من قبل وزير الاعلام غير انه تأجل الاعلان عند اصدارها حتى الآن فأتخذت وزارة الاعلام اجراءات تحت ذريعة انتظار صدور اللائحة المالية واهم هذه الاجراءات تجميد العمل بقانون الصحافة والمطبوعات فمنعت اصدار اي ترخيص لأي صحيفة او مطبوعة وبلغ عدد طلبات اصدار الصحف حتى نهاية عام 97 40 طلبا ولم يصدر اي ترخيص طيلة العام وهناك اجراء آخر اتخذته الوزارة من خلال تقديم بعض الصحف الى القضاء واصدار توجيهات الى المطابع الاهلية بعدم طبع بعض الصحف ويتكرر ذلك الامر بين فترة واخرى. وفي نهاية اكتوبر 97 توسعت رقعة الشكوى من وزارة الاعلام وظهرت عدة مطالبات واتهامات للوزارة بأنها تعتزم اغلاق الصحف والحد من حرية الرأي والتعبير مما اضطر وزير الاعلام وقيادة الوزارة الى دعوة رؤساء تحرير الصحف والقيادات الاعلامية والنقابية الى اجتماعين متتالين نوقشت فيهما مواد مشروع اللائحة المالية لكن المشروع لم يسلم لأي صحافي واكتفى قيادة وزارة الاعلام بقراءته في الاجتماعين الامر الذي انعكس سلبا على صدور صفحات بعض الصحف وانقسمت الصحف اليمنية في تناولاتها لمشروع اللائحة المالية الى ثلاثة اتجاهات: الاول: يندد باللائحة وبوزارة الاعلام ويتهمها بالعودة الى الشمولية وتقييد حرية الصحافة. الثاني: ناقش بعض مواد اللائحة ورأى فيها خطوة لتطبيق قانون الصحافة. الثالث: مثلته الصحف الرسمية بالوقوف ضد الاتجاه الاول فنشرت تصريحات قيادات وزارة الاعلام. وبين الاتجاهات الثلاثة ظهر الموقف المزدوج لقيادة نقابة الصحافيين من خلال تصريحات نقيب الصحافيين اليمنيين بان اللائحة المالية لاتمس حرية الصحافة ولم تفرض عليها اي قيود حسب ما ادعته بعض الصحف لكن النقابة لم توضح رأيها رسميا كما لم تتحرك بفاعلية لما يخدم مبادئها واهدافها. الا انه من الملاحظ عموما ان المعارضة وكل ردود الافعال واصداء اجراءات وزارة الاعلام جاءت مبكرة فاللائحة المالية لم يكن قد صدر بها قرار بعد ولم تلامس الحملة نقاطا جوهرية محددة في اللائحة. فلم تشر الى رفض الوزارة منح اي ترخيص وتركزت انتقاداتها على الرسوم المالية التي تشترط اللائحة على الصحف دفعها ورأس المال المطلوب والرقابة المحاسبية على موارد الصحف وتتطلب اللائحة دفع مبلغ خمسة في المائة من قيمة رأسمال المطبوعة الذي حدد للصحيفة الاسبوعية بمبلغ 700 ألف ريال يمني. انقسام في الوسط الاعلامي وازاء هذه النقاط الخلافية بشأن اللائحة انقسم الوسط الاعلامي والصحافي الى فريقين: الاول يرى ان مواد مشروع اللائحة والمتعلقة بالجوانب المالية والايرادية للصحف (رسوم ورأسمال الصحيفة) ضئيلة مقارنة بقوانين المطبوعات والصحافة في بعض البلدان العربية. الثاني: يرى ان اللائحة خطوة جديدة على طريق تحجيم مساحة الرأي والتعبير وتهميش حرية الصحافة وكبتها وشل حركتها نهائيا في المستقبل القريب. وفي الوقت الذي ظل فيه الفريقان يتبادلان الاتهامات الخيانية لمهنة الصحافة على صفحات الصحف الرسمية والحزبية والاهلية انبرى وزير الاعلام بتصريحات صحفية لبعض الصحف المحلية والعربية في الآونة الاخيرة فأزالت بعض مخاوف الفريق الثاني الذي يمثله صحف المعارضة وبعض الصحف الاهلية, فأكد على ان اللائحة جاءت لتحمي العاملين والصحافيين وتراعي حقوقهم المالية والادارية في الصحف التي يعملون فيها. وتترقب الساحة الصحافية والسياسية والثقافية اليمنية حاليا ماستنتجه هذه الاشارة والضجة حول اللائحة المالية لقانون الصحافة والمطبوعات؟! وما ستؤدي اليه عملية تنفيذها وآلية التنفيذ ايضا ولذلك يتوقع ان تتسع مساحة الجدل بين التأييد والمعارضة ولكن هل يمكن ان تتخذ نقابة الصحافيين اليمنيين موقفا واضحا من مضمون اللائحة المالية ومن الجدل الدائر حولها, ليكون بداية لتحديد موقفها من كافة القضايا والمواضيع التي تهم الصحافة اليمنية بشكل عام؟ ام انها ستظل متقوقعه وفريسة تتسابق للسيطرة عليها الاحزاب والقوى السياسية. صنعاء ـ عبد الله سعد

Email