وزارة الاعلام الكويتية دخلت معركة على ثلاث جيهات وتستعد لهجوم مضاد

ت + ت - الحجم الطبيعي

وزارة الاعلام وجدت نفسها فجأة محشورة في خانة الدفاع, في معركة على ثلاث جبهات انطلقت دون انذار بينها وبين مجلس الامة من جهة والنواب الاسلاميين من جهة ثانية والكتاب الليبراليين من جهة ثالثة. بارز يلقي بعض الاضواء على المعركة الساخنة ويحلل خلفياتها فيما يلي: على الرغم من ان الهجمة الحادة التي يشنها النواب المنتمون الى التيارات الدينية ضد وزير الاعلام الكويتي الشيخ سعود ناصر الصباح لم تهدأ بعد, بل ويعتبر مراقبون محليون في الكويت ان ماشهدته جلسة مجلس الامة الكويتي يوم الثلاثاء الماضي يمثل طلقة البداية للمعركة بين الوزير والاسلاميين. البداية الفعلية للازمة نجمت عن منع الرقابة التابعة لوزارة الاعلام مايزيد عن 160 كتابا ثم اعادة اجازتها للبيع في معرض الكتاب خلال شهر ديسمبر الماضي وما اعقب ذلك من تقرير للجنة الوزارية التي شكلت لبحث ملابسات اجازة تلك الكتب, وما تمخض عن ذلك من اعتراف وزير الاعلام بالتسرع في اجازتها. هذه الازمة الحادة التي ينتظر ان تحمل الايام المقبلة تطورات بشأنها بعدما وجه عدد من النواب هجوما شديدا وانتقادا لاذعا وصل الى حد المطالبة باستقالة المسؤول عن السماح بالكتب حتى ولو كان وزير الاعلام شخصيا, هذه الازمة جرت معها ازمة اخرى شهدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الامة الكويتي خلال اجتماعها الاخير, والذي خصص لبحث السياسة الاعلامية الخارجية. وذكرت معلومات نيابية ان رئيس اللجنة عبدالعزيز العدساني هاجم الاعلام الكويتي بضراوة عندما استهل الجلسة بالقول ان الاعلام الكويتي لم يتغير منذ التحرير وحتى الآن, متجها الى نحو سلبي لايخدم قضية الكويت, حتى بلغ الامر ان المجتمع الاقليمي والعربي والدولي بدأ يدخل في قناعات جديدة غير صحيحة عن ان الكويت هي السبب في معاناة الشعب العراقي, وقال ان هذا سببه غياب الاعلام الكويتي وانتهاجه اسلوبا عقيما في التعامل مع القضية. ورد وزير الاعلام مؤكدا ان هناك اجماعا دوليا وعربيا واسلاميا على تأكيد القضية الكويتية, وهو ما دفع العدساني للقول بان المسألة ليست جهات رسمية وحكومات فقط, فنحن نريد الوصول الى الشعوب, ونريد التركيز على معاناة الشعب العراقي والمعونات التي تقدمها الكويت له. واضاف العدساني (حتى الحكومات ايضا بدأ موقفها يختلف بعد تصريحات اكثر من مسؤول) . وقد ارتفعت اجواء التوتر عقب قول وزير الاعلام لاعضاء اللجنة (هل انتم حريصون على ارسال وفد لصالح العراق, هل هذا ماتريدون الوصول اليه؟) , وهو تساؤل اعتبره العدساني (سخرية) وقرر على اثره الانسحاب, قبل ان يعود ثانية مشترطا شطب تساؤل الوزير. ولم تنته الجلسة الا بعد الاتفاق على عقد اجتماع آخر عقب عيد الفطر للتوصل الى صيغة معينة يمكن اعتمادها في السياسة الاعلامية للكويت في المرحلة المقبلة, بعد ان اشار اعضاء اللجنة الى تفوق وسائل الاعلام العراقية والاقليمية في التركيز على معاناة العراقيين من الحظر الدولي بينما الاعلام الكويتي يراوح مكانه. في هذا الاطار هاجم كتاب زوايا في الصحف الكويتية سياسة الوزارة الاعلامية الخارجية, وكتب الكاتب المعروف محمد مساعد الصالح قائلا: (ان مهمة الاعلام الرسمي الرئيسية هي تمجيد المسؤولين الكويتيين والاشادة بارائهم وتوجيهاتهم, وكأننا بلد بلا شعب) . واعتبر الصالح ان وجهة لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية كانت على حق ودقت ناقوس الخطر (لاننا لانقدم للمشاهد العربي كلاما مقنعا) . من جهته استهجن الاستاذ الجامعي والكاتب شملان العيسى اعلان وزارة الاعلام عن (التسرع) في قرار الافراج عن الكتب وقال (لا نعرف ما هو الموقف الحقيقي لحكومتنا الرشيدة ممثلة في وزارة الاعلام, فهي لإعتبارات سياسية بحته تغازل التيار الديني وتتخذ مواقف سياسية مؤيدة له دائما) . وقال (اننا نعترض على مبدأ الكيل بمكيالين, فالحكومة من جهة تسمح بدخول جميع الكتب الدينية حتى الكتب المليئة بالخرافات والسحر والشعوذة والنوم مع العفاريت, لكن نفس الحكومة تعترض على دخول بعض الكتب في معرض الكتاب الذي يقام مرة كل عام لمدة اسبوعين) . واضاف قائلا (ان الخطورة في الموضوع كله هو ان الدولة بوعي او من دون وعي تحارب الافكار البديلة في مجتمع من المفروض ان تتعدد فيه الافكار والاتجاهات وتتخذ الدولة موقفا حياديا من كل هذه الصراعات, لكن مشكلتنا ان حكومتنا لاتعرف ما هي الدولة التي تريدها.. هل هي دستورية تؤمن بالنظام الحر؟ ام دولة ثيوقراطية دينية تترك للمشايخ والاحزاب السياسية تقرير اتجاه الدولة؟. على صعيد آخر اعلنت وزارة الاعلام تحفظها على تعديل قانون المطبوعات والنشر فيما يختص باصدارات الصحف وملكيتها واعتبرت ان الظروف الحالية غير مواتية لهذا التعديل. وأوضحت الوزارة في كتاب بعثت به الى مجلس الامة ان هناك اسبابا رئيسية تمنع طرح هذا التعديل حاليا, مشيرة الى الناحية السياسية, واعتبرت ان فتح الباب لتراخيص الصحف اليومية امر حساس ومحفوف بالمخاطر السياسية والاعلامية, خصوصا في الظروف المحلية والاقليمية السائدة خلال هذه الفترة, حيث يتواجد في البلاد العديد من التيارات السياسية المتنافسة وكل منها يود الحصول على صحيفة يومية تنطق باسمه وتعبر عن اطروحاته السياسية والعقائدية, وهو الامر الذي يتعارض مع المصالح العليا للدولة, كما ان الاوضاع الامنية والسياسية والاقليمية حساسة جدا, وقد يلعب الاعلام غير المدروس دورا سلبيا في هذه الظروف. وعزت الاعلام موقفها الى ان هناك عددا كبيرا من الصحف والمجلات اكبر من حاجة السوق في واقع الامر وان زيادة اعداد الصحف والمجلات عما هي عليه الآن لايمت بصلة لحاجة السوق. الكويت ـ البيان

Email