أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه سيتدخل "لمساعدة" رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في محاكمته الجارية بتهم الفساد، في تصريحٍ جديد يعيد الجدل حول حدود النفوذ الأميركي في الشؤون الداخلية لإسرائيل.
وقال ترامب في مقابلة مع برنامج "60 دقيقة" على شبكة "سي بي إس"، بُثّت الأحد، إنه يرى أن نتنياهو "قائد موهوب جداً" و"الشخص الذي تحتاجه إسرائيل في زمن الحرب"، مضيفاً: "لا أعتقد أنهم يعاملونه معاملة جيدة. إنه يواجه محاكمة في بعض القضايا، ولا أظن أنهم يعاملونه بعدل.. سنكون منخرطين في ذلك قليلاً، لمساعدته، لأنني أرى أن ما يحدث غير منصف."
التصريح، الذي وصفه محللون بأنه تدخّل مباشر في النظام القضائي الإسرائيلي، يأتي بعد سلسلة مواقف مشابهة أظهر فيها ترامب دعمه الشخصي لنتنياهو، الحليف القديم الذي يواجه واحدة من أطول وأعقد المحاكمات في تاريخ إسرائيل السياسي.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يتدخل فيها ترامب في قضية نتنياهو، فخلال زيارته لإسرائيل الشهر الماضي، وأثناء إلقائه خطاباً أمام الكنيست، خرج الرئيس الأميركي عن نص كلمته ودعا الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى العفو عن نتنياهو.
وقال ساخراً في ذلك الخطاب: "سيجار وشراب.. من يهتم بكل هذا؟"، في إشارة إلى الهدايا الفاخرة التي وردت في إحدى لائحة الاتهام ضد رئيس الوزراء.
وفي تصريحات لاحقة، أوضح ترامب أن نتنياهو نفسه طلب منه إثارة الموضوع علناً.
كما كان الرئيس الأميركي قد دعا في منشورات متكرّرة على منصة "تروث سوشيال" في يونيو الماضي إلى إلغاء المحاكمة برمّتها، معتبراً أنها "ذات دوافع سياسية".
خلفية القضايا
يُحاكم نتنياهو في ثلاث قضايا منفصلة بتهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، تتعلق بتلقيه هدايا تزيد قيمتها على 200 ألف دولار من رجال أعمال أثرياء، إضافة إلى تقديم امتيازات تنظيمية بمئات الملايين من الدولارات لرجل أعمال في قطاع الاتصالات، مقابل تغطية إعلامية إيجابية له في موقع إخباري واسع الانتشار.
وقد استمرّت المحاكمة لأكثر من أربع سنوات، شهدت سلسلة من التأجيلات بسبب ما وصفته المعارضة بـ"تكتيكات المماطلة القانونية" التي ينتهجها فريق الدفاع عن نتنياهو، بينما اتّهم مسؤولون سابقون في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي رئيس الوزراء بـ"محاولة استغلال سلطاته التنفيذية لتعطيل سير العدالة".
حلم شخصي
ترامب، الذي لا يخفي إعجابه بالزعماء "ذوي القبضة القوية"، يقدّم نفسه مرة أخرى كـ"صانع سلام" وصديقٍ للقادة الذين يعتبرهم ضروريين لاستقرار الشرق الأوسط. تحدث في المقابلة نفسها، عن اتفاق الهدنة في غزة قائلاً إنه "صلب وليس هشّاً"، رغم التحديات الميدانية التي واجهته.
وأضاف: "اضطررت إلى دفع نتنياهو قليلاً في بعض الاتجاهات لإنجاز صفقة غزة، ولم تعجبني بعض الأشياء التي فعلها، لكنني فعلت ما يجب."
تداعيات سياسية
يرى محللون في واشنطن وتل أبيب أن تصريحات ترامب الأخيرة تضع الإدارة الأميركية في موقف حساس، خصوصاً مع احتمال اعتبارها محاولة للتأثير في القضاء الإسرائيلي أو في الرأي العام. ويقول مراقبون إن ترامب، الذي يسعى لترسيخ صورته كرئيس "يتجاوز القيود التقليدية"، ولا يفصل بين السياسة الخارجية وعلاقاته الشخصية، بل يحوّل تحالفاته إلى انعكاس لأحلامه الشخصية عن الزعامة والوفاء.
