تعثّرت جهود وضع حد سريع للإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة الأربعاء، برفض مجلس الشيوخ خطة تمويلية مؤقتة طرحها الجمهوريون لحلحلة خلاف حاد بين الرئيس دونالد ترامب والديمقراطيين.
بدأ الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة الأربعاء بعدما فشل الكونغرس في تجاوز خلاف بشأن الموازنة أثناء مفاوضات تعطلت على خلفية مطالبات الديمقراطيين بتمويل الرعاية الصحية.
ولم يؤيد سوى ثلاثة أعضاء ديمقراطيين نصاً اقترحه الجمهوريون لتمديد تمويل الدولة الفدرالية حتى نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، علماً بأنه يحتاج إلى ثمانية أصوات لبلوغ سقف الأصوات الستين التي تتيح إقراره.
وسارع الجمهوريون والديمقراطيون إلى تبادل الاتهامات بشأن الجمود الذي سيؤثر على مئات آلاف الموظفين الحكوميين وملايين الأمريكيين الذين يعتمدون على الخدمات.
ويأتي الإغلاق الذي سيوقف العمل في عدة وزارات ووكالات فدرالية في وقت عززت الانقسامات العميقة في واشنطن المخاوف حيال مدته وتداعياته. وقد هدد ترامب بمعاقبة الديمقراطيين وناخبيهم عبر استهداف أولوياتهم التقدّمية والدفع باتّجاه خفض كبير في عدد الوظائف في القطاع العام في أول إغلاق منذ الشلل الحكومي في ولايته السابقة.
وقال ترامب للصحافيين: "لذلك، سنسرّح عدداً كبيراً من الأشخاص.. هم ديمقراطيون، وسيكونون ديمقراطيين.. الكثير من الأمور الجيدة يمكن أن تأتي من عمليات الإغلاق".
ولم يؤثر الإغلاق على القطاعات الحيوية مثل خدمة البريد والجيش وبرامج الرعاية الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي وبطاقات التموين. لكن قد يوضع يومياً ما يصل إلى 750 ألف موظف في بطالة تقنية ولن تدفع أجورهم حتى انتهاء الإغلاق، وفق مكتب الميزانية في الكونغرس.
ويُعد هذا الإغلاق الأول منذ أطول إغلاق في تاريخ الولايات المتحدة استمر 35 يوماً قبل نحو سبع سنوات خلال ولاية ترامب السابقة، والذي بدأ في 22 ديسمبر 2018 عندما وجد الديمقراطيون وترامب أنفسهم أمام طريق مسدود على خلفية مبلغ 5.7 مليارات دولار طالب به الرئيس من أجل جدار حدودي في ولايته الأولى.
بدأ توقف العمليات الحكومية عند الساعة 12:01 صباحاً (04:01 ت غ) الأربعاء بعد محاولة حثيثة فشلت في النهاية في مجلس الشيوخ للمصادقة على قرار تمويل قصير الأمد أقره مجلس النواب.
وأفاد زعيما الديمقراطيين في المجلس تشاك شومر وحكيم جيفريز في بيان بأن "ترامب والجمهوريين أغلقوا الآن الحكومة الفدرالية لأنهم لا يريدون حماية الرعاية الصحية للشعب الأمريكي".
وجاء في البيان الذي نُشر فور انقضاء المهلة أن "الديمقراطيين ما زالوا مستعدين لإيجاد مسار إلى الأمام لإعادة فتح الحكومة"، لكن هناك حاجة إلى "شريك ذي مصداقية".
وفي المقابل، كتب رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون على منصة "إكس" متسائلاً: "إلى متى سيسمح تشاك شومر بتواصل هذا الألم من أجل دوافعه الأنانية؟" وأضاف: "النتائج: أمهات وأطفال يخسرون برنامج التغذية التكميلية الخاصة للنساء والرضع والأطفال.
وجنود سابقون يخسرون الرعاية الصحية وبرامج منع الانتحار، سيبقى الجنود وعناصر إدارة أمن النقل بلا رواتب". من جانبها، كتبت المرشحة الديمقراطية السابقة للرئاسة كامالا هاريس على "إكس" أن الجمهوريين هم المسؤولون عن البيت الأبيض ومجلسي الكونغرس، مؤكدة: "هم وراء هذا الإغلاق".
ويضاف تهديد ترامب بخفض مزيد من الوظائف إلى المخاوف المنتشرة أصلاً بين موظفي الإدارات الفدرالية، والتي أثارتها عمليات تسريح واسعة النطاق أقرّتها "هيئة الكفاءة الحكومية" التي كان يرأسها إيلون ماسك في وقت سابق من هذا العام.
وكانت عدة سفارات أميركية قد أعلنت على "إكس" أن حساباتها لن تُحدّث إلا بـ"معلومات عاجلة للسلامة والأمن"، بينما ذكرت وكالة "ناسا" أنها باتت "مغلقة بسبب نقص في التمويل الحكومي".
ويعد هذا الإغلاق الـ 22 منذ العام 1976 عندما طبّق الكونغرس عملية الميزانية الحديثة. ويواجه الكونغرس مهلاً نهائية للموافقة على خطط الإنفاق، وغالباً ما تكون المفاوضات متوترة، لكن عادة ما يتم تجنب الإغلاق.
ويسعى الديمقراطيون، الذين يشكلون أقلية في مجلسي الكونغرس، إلى إثبات أنهم قادرون على التأثير على الحكومة الفدرالية بعد ثمانية أشهر من رئاسة ترامب الثانية التي شهدت تفكيك وكالات حكومية.
