تلاسن ترامب وزيلينسكي يزعج أوروبا ويبهج الروس

التوتر كان سيد الموقف في لقاء ترامب ونائبه مع زيلينسكي في البيت الأبيض
التوتر كان سيد الموقف في لقاء ترامب ونائبه مع زيلينسكي في البيت الأبيض

شغل التلاسن الحاد بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي العالم من أقصاه إلى أقصاه، وفجّر الجدل ورودود الأفعال، ففيما تراص الأوروبيون خلف حليفهم زيلينسكي، مؤكدين الدعم الكامل لأوكرانيا، بدا الروس مسرورين بتلاسن الرئيسين، بينما بدا لافتاً تضامن 14 حاكماً ديمقراطياً في الولايات المتحدة مع أوكرانيا.

وأعرب زيلينسكى عن شكره للدعم الأمريكي لبلاده، معرباً عن أمله فى قيام علاقات قوية مع واشنطن. وفي سلسلة من المنشورات على موقع التواصل الاجتماعي «إكس»، قال زيلينسكي: إن الأوكرانيين ممتنون بشكل كبير للولايات المتحدة على كل الدعم، وشكر زيلينسكي ترامب والكونغرس على وجه التحديد إلى جانب الشعب الأمريكي. وأضاف: «علاقتنا مع الرئيس الأمريكي لا تقتصر على مجرد زعيمين: إنها رابطة تاريخية ومتينة بين شعبينا.. لقد ساعد الشعب الأمريكي في إنقاذ شعبنا.. نريد فقط علاقات قوية مع أمريكا وآمل حقاً أن نحظى بها».

وأقر زيلينسكي، بصعوبة انتصار بلاده في الحرب أو التصدي لروسيا دون تواصل المساعدات الأمريكية. وقال زيلينسكي: إن دعم ترامب حيوي لأوكرانيا، مضيفاً: «من الحيوي بالنسبة لنا أن نحظى بدعم الرئيس ترامب.. إنه يريد إنهاء الحرب، لكن لا أحد يريد السلام أكثر منا».

وتابع زيلينسكي: من المهم للغاية سماع صوت أوكرانيا وعدم نسيان معاناتها. وكتب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي مرفقاً بصور من اجتماع مع الجالية الأوكرانية في واشنطن: «من المهم للغاية بالنسبة لنا أن يُسمع صوت أوكرانيا وألا تُنسى، لا في أثناء الحرب ولا بعدها.. من المهم لشعب أوكرانيا أن يعرف أنه ليس وحيداً، وأن مصالحه ممثلة في كل بلد، وفي كل ركن من أركان العالم».

كما وجه زيلينسكي رسائل شكر للقادة الأوروبيين، إذ أرسل وعبر منصات التواصل الاجتماعي، رسائل الشكر للحلفاء. وعبر «إكس»، أعاد الحساب الرسمي للرئيس الأوكراني نشر الرسائل الداعمة له، مع تعليق: «شكراً على دعمكم».

ودعا وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، زيلينسكي إلى الاعتذار، قائلاً: «على الرئيس الأوكراني أن يعتذر عن إضاعة وقتنا من أجل اجتماع كان سينتهي بهذه الطريقة». وأضاف: «لقد حددنا بوضوح تام ما هي خطتنا، وهي جلب الروس إلى طاولة المفاوضات ولكن في الأيام العشرة الأخيرة، وفي جميع الاتصالات التي أجريناها مع الأوكرانيين، كانت هناك تعقيدات، بما في ذلك التصريحات العلنية للرئيس زيلينسكي»، مشككاً في استعداد الرئيس الأوكراني للتوصل الى اتفاق سلام. واعتبر زيلينسكي من جهته أنه لا يدين لترامب باعتذار.

فشل تام

وفي أول رد فعل روسي على الحدث، قالت موسكو إن زيارة زيلينسكي لواشنطن منيت بفشل تام بعد مشادته مع الرئيس دونالد ترامب، متهمة الزعيم الأوكراني بأنه مهووس بإطالة أمد الحرب مع موسكو.

وأفادت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا في بيان، بأن الزيارة تمثل فشلاً سياسياً ودبلوماسياً تاماً لنظام كييف، متهمة زيلينسكي بأنه غير قادر على التحلي بأي شعور بالمسؤولية ويرفض السلام ويسوق الأكاذيب والخداع لتبرير استمرار الأعمال الحربية وتلقي المساعدات العسكرية والمالية من الغرب. وأضافت: «بسلوكه الفظ الفظيع أثناء تواجده في واشنطن، أكد زيلينسكي أنه أخطر تهديد للمجتمع الدولي باعتباره داعية حرب غير مسؤول».

كما اتهمت القادة الأوروبيين بالضعف السياسي والانحطاط الأخلاقي لدعمهم زيلينسكي في مواجهة الدرس الأخلاقي الذي تلقاه في واشنطن. وأكدت زاخاروفا مجدداً أن أهداف روسيا في أوكرانيا لم تتغير وهي نزع السلاح من أوكرانيا واقتلاع النازية منها، إلى جانب الاعتراف بالحقائق القائمة على الأرض.

تماسك أوروبي

بدورهم، أكد حلفاء أوكرانيا الأوروبيون الذين من المقرر أن يجتمعوا في لندن اليوم، وقوفهم إلى جانب زيلينسكي بعد المشادة الكلامية الحادة مع ترامب. وقال رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك: «لست وحدك». وقال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إنه تحدث إلى كل من الرئيسين وتعهد بتقديم دعم ثابت لكييف.

وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إنه مستعد لأن يستهل النقاش بالحديث عن حيازة أوروبا للردع النووي في المستقبل، بعدما دعا إلى ذلك المستشار الألماني المقبل، فريدريش ميرتس، الذي أكد ضرورة أن تتحرك القارة بسرعة لتستقل عن الولايات المتحدة في مجال الدفاع. كما قال رئيس الوزراء النرويجي، يوناس جار ستوره: إن حكومة بلاده ستطلب قريباً من البرلمان زيادة الدعم الاقتصادي لأوكرانيا.

وقالت وزيرة خارجية ألمانيا، أنالينا بيربوك: إن اجتماع الزعماء الأوروبيين يجب أن يتخذ قرارات بشأن حزمة تمويل شاملة لأوكرانيا. وطالبت بيربوك ألمانيا أيضاً بالإفراج عن مساعدات إضافية لأوكرانيا بقيمة ثلاثة ملايين يورو. كما اتفق صندوق النقد الدولي وأوكرانيا على الاستمرار في برنامج لمدة 4 سنوات، بقيمة إجمالية تزيد على 15 مليار يورو.
دعم ثابت
وأعرب رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، عن دعمه الثابت لأوكرانيا بعدما تحدث مع ترامب وزيلينسكي. ونقلت وكالة الأنباء البريطانية عن ناطقة باسم الحكومة قولها: «لقد تحدث رئيس الوزراء إلى الرئيس ترامب والرئيس زيلينسكي.. ستارمر يحافظ على دعمه الثابت لأوكرانيا، وهو يقوم بكل ما في وسعه لإيجاد مسار يقود إلى سلام دائم على أساس سيادة وأمن أوكرانيا».

ومن المنتظر أن يجتمع كير ستارمر مع زيلينسكي، قبل قمة أوسع للزعماء الأوروبيين في لندن اليوم الأحد. وفيما انضم ساسة التشيك إلى القادة الأوروبيين في الإعراب عن دعمهم لأوكرانيا ووقوفهم إلى جانب العالم الحر، قال وزير الخارجية اليوناني، جورج جيرابتريتيس، إن الدعم الأمريكي في صراع أوكرانيا ضروري، لكن لا يزال يتعين على أوروبا تحديث بنيتها التحتية الدفاعية.
قائد جديد
وردت الممثلة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، بقوة على الهجوم اللفظي لترامب على زيلينسكي، قائلة: إن العالم الحر يحتاج إلى قائد جديد. وكتبت كالاس، على وسائل التواصل الاجتماعي: «أوكرانيا هي أوروبا! نحن نقف إلى جانب أوكرانيا.. سنعزز دعمنا لأوكرانيا حتى تتمكن من مواصلة محاربة المعتدي.

اليوم، أصبح من الواضح أن العالم الحر يحتاج إلى قائد جديد.. الأمر متروك لنا نحن الأوروبيين للاستجابة لهذا التحدي».
وفيما أعلن رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، عن أن معركة أوكرانيا ضد روسيا هي دفاع عن الديمقراطية، واستمرار بلاده في الوقوف إلى جانب كييف، شدد رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيزي، على أن بلاده ستقف إلى جانب أوكرانيا طالما كان ذلك ضرورياً.
تضامن ديمقراطي
إلى ذلك، أصدر 14 حاكماً ديمقراطياً في الولايات المتحدة بياناً أعربوا فيه عن التضامن مع أوكرانيا. ووقع على البيان أكثر من نصف حكام الحزب الديمقراطي البالغ إجمالي عددهم 23 حاكماً. وقالوا إن الرئيس دونالد ترامب ونائبه جيه دي فانس استخدموا المكتب البيضاوي لتوبيخ زيلينسكي بسبب عدم ثقته في كلمة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

وقال الحكام في بيانهم: «يجب أن يحمي الأمريكيون قيمنا الديمقراطية القوية على الساحة العالمية بدلاً من تقويض عمل الرئيس زيلينسكي للقتال من أجل وطنه وحرية شعبه بعد تعرض وطنه للحرب من جانب روسيا».
عرض تركي
في الأثناء، قال مصدر دبلوماسي تركي، أمس: إن وزير الخارجية هاكان فيدان سيعرض مجدداً استضافة أنقرة محادثات سلام بين أوكرانيا وروسيا خلال اجتماع لزعماء أوروبيين في لندن اليوم الأحد. وأضاف المصدر، أن فيدان سيطلع القادة الأوروبيين على جهود تركيا لإحلال سلام عادل ودائم من أجل إنهاء الحرب، موضحاً أنه سيؤكد أيضاً التزام أنقرة بسلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها.

ووفقا للمصدر، من المتوقع أن يؤكد فيدان أن تركيا التي استضافت مفاوضات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا في مارس 2022، مستعدة لتولي هذا الدور في الفترة المقبلة، وسيشدد على أهمية أن يركز جميع الأطراف في المفاوضات على الأمن والاستقرار الإقليميين الدائمين، فضلاً عن الرخاء الاقتصادي.