قمة كوبنهاغن.. شكوك بشأن «الجدار المضاد للمسيّرات»

فون دير لاين تستقبل زيلينسكي في اجتماع المجموعة السياسية الأوروبية في كوبنهاغن
فون دير لاين تستقبل زيلينسكي في اجتماع المجموعة السياسية الأوروبية في كوبنهاغن

عقد قادة الاتحاد الأوروبي اجتماعاً غير رسمي في كوبنهاغن، لمناقشة تعزيز أمن القارة في مواجهة روسيا، وسط توترات جوية، ولم يتفقوا على استخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل أوكرانيا، بسبب مخاوف قانونية، إذ بدا واضحاً أن دول الاتحاد الأوروبي ليست مستعدة بعد لتأييد خطة المفوضية الأوروبية لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل قرض لأوكرانيا، كما تم تأجيل قرار بناء «جدار مضاد للطائرات المسيّرة».

وأمضى قادة الاتحاد الأوروبي اجتماعهم غير الرسمي في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، الأربعاء، في مناقشة سبل تعزيز أمن القارة، وسط تصاعد المواجهة مع روسيا، بعد توغلات في المجال الجوي الأوروبي الشهر الماضي، طالت الدنمارك وإستونيا وبولندا، ودعوات لمواجهة «حرب روسيا الهجينة» ضد الاتحاد.

وحظيت فكرة «الجدار المضاد للمسيّرات» بدعم دول الاتحاد، لكن دون حماسة من البعض الآخر، بينها ألمانيا، إذ أبدى المستشار فريدريش ميرتس «تحفظاته»، متسائلاً عن كلفة المشروع وصلاحيات الاتحاد الأوروبي في تنفيذه، وفق مصدر أوروبي. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن هذا سيكون «نظاماً مضاداً للطائرات المسيّرة يستطيع رصدها بسرعة، واعتراضها، وبالطبع تحييدها إذا لزم الأمر».

قلق أوروبي

وأبدت فرنسا وألمانيا شكوكاً بشأن إدارة المفوضية لـ«جدار المسيرات»، في حين دفعت دول الجنوب الأوروبي نحو مفهوم أوسع يشمل حماية حدودها أيضاً. وقال رئيس وزراء فنلندا، بيترى أوربو، لـ«بوليتيكو» على هامش القمة: «نحن قلقون، أنا قلق للغاية، والوقت قد حان هنا للتحرك».

وحذر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، خلال القمة، من أن التوغلات الأخيرة للطائرات المسيّرة في أوروبا تظهر أن روسيا تسعى إلى «التصعيد»، داعياً الأوروبيين للوقوف إلى جانب أوكرانيا.

واعتبر زيلينسكي أن استراتيجية موسكو هي «ببساطة: تقسيم أوروبا»، مؤكداً أن المطلوب هو «أن نفعل العكس تماماً» وذكّر بأن جنوداً أوكرانيين أرسلوا إلى الدنمارك لمساعدة كوبنهاغن، بعد رصد طائرات مسيّرة غامضة في أجوائها، قائلاً:

«إن ذلك مجرد بداية، الخطوة الأولى على طريق بناء جدار مضاد للمسيّرات لحماية كامل أوروبا»، في إشارة إلى تطوير بلاده لصناعة مسيّرات فريدة في القارة، بعد أكثر من ثلاث سنوات على بدء الغزو الروسي لبلاده.

وأتت هذه التصريحات بعد سلسلة توغلات في أجواء أوروبية، بينها نحو عشرين مسيّرة في بولندا، ما دفع بروكسل إلى اقتراح إنشاء «جدار مضاد للمسيّرات» على مستوى الاتحاد الأوروبي.

تدمير المسيرات

وفي القمة نفسها، قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون: «إن المسيّرات التي تنتهك الأجواء الأوروبية يمكن تدميرها، نقطة على السطر». ودعا الرئيس الفرنسي الأوروبيين إلى تنظيم صفوفهم «بالتنسيق الوثيق» مع حلف شمال الأطلسي «لزيادة الضغط» على الأسطول الشبحي الروسي، الذي يسمح لموسكو بتصدير النفط، بالالتفاف على العقوبات الغربية.

من جانبه، حذّر رئيس الوزراء الروماني نيكوسور دان، الذي تعرضت بلاده أيضاً لاختراقات بطائرات مسيّرة، بأن قواته «ستسقط أي مسيّرة جديدة تنتهك أجواءها».

وأعربت دول جنوب أوروبا عن قلقها من أن يتم تهميشها في مشروع «الجدار المضاد للمسيّرات»، الذي يركز بالدرجة الأولى على الدول القريبة جغرافياً من روسيا.

الأصول الروسية

ورغم أن الاجتماع الذي يسبق القمة الأوروبية الرسمية المقررة في كوبنهاغن في وقت لاحق من الشهر الجاري، كان مخصصاً لمناقشة الأمور الدفاعية، إلا أن الأمور لم تسر تماماً وفق الخطة، إذ «طغى الحديث على النتائج»، وبدا واضحاً أن دول الاتحاد الأوروبي ليست مستعدة بعد لتأييد خطة المفوضية الأوروبية لاستخدام الأصول الروسية المجمّدة لتمويل قرض لأوكرانيا.

وترغب المفوضية في منح أوكرانيا قرضاً بقيمة 140 مليار يورو، عبر مبادلة الأموال الروسية المجمدة الناتجة عن الأصول المستحقة بعقد دين صمم خصيصاً مع مؤسسة «يوروكلير»، المؤسسة المالية البلجيكية، التي تملك هذه الودائع. ويرى مسؤولو الاتحاد الأوروبي أن ذلك يعد حلاً ذكياً لتفادي مصادرتها، وهو ما قد يشكل خرقاً للقانون الدولي.

وأحد أسباب عدم التوصل لاتفاق في كوبنهاغن هو أن بعض الدول، خصوصاً بلجيكا، تحتاج إلى ضمانات بأن الخطة سليمة قانونياً، وكان رئيس الوزراء البلجيكي بارت دو فيفر الأكثر حذراً، لأن بلاده ستكون الأكثر عرضة لأي دعوى قضائية روسية.

وبعد القمة، حاولت رئيسة المفوضية، فون دير لاين، طمأنة بلجيكا والدول المتحفظة الأخرى بأن الخطة لا تتضمن مصادرة الأصول، وأن المخاطر يجب أن توزع بشكل أوسع، لكن ذلك لم يكن كافياً، على الأقل حتى الآن.

وقال رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، إن القرار الحاسم قد يتم اتخاذه في القمة المقررة في وقت لاحق من هذا الشهر.