بريطانيا تهدد: «الناتو» سيواجه الطائرات الروسية في أجواء أوروبا

هددت بريطانيا، أمس، بأنها مستعدة مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) لمواجهة الطائرات الروسية التي تنتهك أجواء أوروبا، بعد اتهامات إستونيا وبولندا لروسيا بانتهاك مجالهما الجوي، في وقت أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مبادرة تهدف لإحياء الحوار مع الولايات المتحدة حول ملفات التسلح، ونشر الأسلحة النووية، وضمان الأمن الاستراتيجي في العالم.

وقالت وزيرة الخارجية البريطانية، إيفيت كوبر، أمس، أمام مجلس الأمن، إن المملكة المتحدة وحلف «الناتو» سيواجهان الطائرات الروسية التي تنتهك أجواء أوروبا «إذا اقتضى الأمر ذلك»، وذلك بعدما اتهمت إستونيا وبولندا روسيا بانتهاك مجالهما الجوي.

وأضافت أمام جلسة لمجلس الأمن: «إذا احتجنا إلى مواجهة الطائرات التي تعمل في أجواء الناتو دون إذن، فسوف نفعل ذلك»، ووصفت دخول طائرات روسية إلى مجال الناتو الجوي بأنها «أفعال خطيرة ومتهورة»، وفق ما نقلت عنها شبكة «سكاي نيوز» البريطانية. وقالت كوبر: «في أسوأ الأحوال، هي محاولة متعمدة لتقويض سلامة أراضي الدول ذات السيادة وأمن أوروبا. وتحمل خطر الحسابات الخاطئة، وتفتح الباب أمام مواجهة مسلحة مباشرة بين الناتو وروسيا».

جاء ذلك بعد مرور أكثر من أسبوع على دخول أكثر من عشرين طائرة مسيرة، اتهمت روسيا بإرسالها، المجال الجوي البولندي، ما دفع طائرات تابعة للحلف إلى التدخل وإسقاط عدد منها.

وناقضت جلسة مجلس الأمن اتهامات إستونيا، ومن المقرر أن تعقد اليوم الثلاثاء مشاورات بموجب المادة الرابعة من ميثاق حلف الناتو بشأن تلك المسألة. وقالت وزيرة الخارجية البريطانية، موجهة حديثها إلى الدول التي قالت إن طائرات روسية دخلت أجواءها، إن «المملكة المتحدة تقف متضامنة معكم بشكل كامل في هذا الوقت ودائماً».

وأضافت موجهة كلامها إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: «أقول لك إن أفعالك المتهورة تعرضنا لخطر مواجهة مسلحة مباشرة بين الناتو وروسيا. تحالفنا دفاعي، ولكن لا تدع ذلك يخدعك، فنحن على أهبة الاستعداد لاتخاذ كل الخطوات اللازمة للدفاع عن أجواء الناتو وأراضيه».

واتهمت روسيا، أمس، إستونيا بـ«الادعاء كذباً» بأن طائرات عسكرية روسية انتهكت مجالها الجوي، مشيرة إلى أن تالين لا تمتلك أي أدلة تدعم هذه المزاعم، وتتهمها بالسعي إلى تصعيد التوترات بين الشرق والغرب. لدى سؤاله عن مزاعم إستونيا، اتهم المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، تالين بالإدلاء بتصريحات كاذبة.

وقال للصحافيين: «لم نسمع في بيان إستونيا أن لديها بيانات مراقبة موضوعية تدعم مزاعمها». وأضاف: «لهذا السبب نعتبر هذه التصريحات باطلة ولا تستند إلى أي أساس، وتمثل استمراراً لنمط متهور في تصعيد التوترات وخلق أجواء تصادمية». وأشار بيسكوف إلى أن وزارة الدفاع الروسية نفت بشكل قاطع الاتهامات الإستونية، مضيفاً أن «الطيارين الروس يعملون دوماً وفقاً للقانون الدولي أثناء تنفيذ مهامهم».

اجتماع «الناتو»

ويجتمع حلف الناتو، اليوم الثلاثاء، لمناقشة الاتهامات لروسيا بانتهاك المجال الجوي لإستونيا التي طلبت إجراء مشاورات بموجب المادة الرابعة من معاهدة الحلف، بعد الحادث الذي وصفته بأنه توغل «وقح غير مسبوق». وتنص المادة الرابعة على أن تتشاور الدول الأعضاء في حلف الأطلسي عندما يرى أي منها أن أراضي أي دولة أو استقلالها أو أمنها معرض للتهديد.

اتفاقية «نيو ستارت»

في الأثناء، أعلن بوتين، خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي الروسي، أمس، استعداده لتمديد معاهدة «نيو ستارت» للحد من الأسلحة النووية لعام إضافي إذا فعلت الولايات المتحدة الشيء نفسه. المعاهدة تحد من عدد الرؤوس النووية والصواريخ الاستراتيجية، وتنتهي في فبراير 2026. وربط الرئيس الروسي تحرك موسكو على هذا الصعيد بالتزام مقابل من جانب الولايات المتحدة، وبوقف عمليات نشر الأسلحة الأمريكية في أوروبا وفي الفضاء.

وأثار توقيت إطلاق المبادرة تكهنات عدة، وعدته تعليقات محاولة للفت الأنظار عن تفاقم الوضع على الحدود مع أوروبا، وازدياد معدلات الانتهاكات العابرة للحدود مع كل من بولندا ولاتفيا وإستونيا، فضلاً عن وصول جهود تسوية الصراع في أوكرانيا، التي أطلقتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مرحلة من الجمود، لكن وسائل إعلام حكومية روسية رأت في التحرك الروسي خطوة تهدف لـ«إنقاذ» ما تبقى من ضوابط على انتشار السلاح في العالم، ومحاولة للمحافظة على الركن الأساسي الوحيد الضامن للاستقرار الاستراتيجي.

ورأى الرئيس الروسي أن «الاستقرار الاستراتيجي في العالم يواصل التدهور بسبب تصرفات الغرب»، وأكد أن «المنظومة التي كانت تضبط التسلح وفقاً للاتفاقات بين روسيا والولايات المتحدة تعرضت للتدمير»، مؤكداً أن لدى بلاده «القدرة على مواجهة الموقف والدفاع عن مصالحها» أمام كل التطورات.

وقال: «روسيا قادرة على الرد على أي تهديد، وهي واثقة من قدرة قواتها الوطنية الرادعة»، وشدد على أن بلاده «تقوم بوضع خطط لتعزيز القدرة الدفاعية مع مراعاة الوضع العالمي، ويجري تنفيذها بالكامل وفي الوقت المناسب»، لكنه أكد في الوقت نفسه أنه «يفضِّل دائماً الحل السياسي والدبلوماسي».

ولفت إلى أن «الرفض التام لإرث معاهدة «ستارت» الجديدة سيكون خطأ فادحاً»، ويلقي بظلال على الأمن الاستراتيجي في العالم كله، لذلك قال بوتين إن «روسيا مستعدة لمواصلة الالتزام بالقيود المفروضة بموجب معاهدة «ستارت» الجديدة لمدة عام واحد بعد انتهاء مدة المعاهدة في 5 فبراير 2026».

وحمَّل بوتين الغرب مسؤولية الوضع الحالي على صعيد الأمن الاستراتيجي، وقال إنه «نتيجة للخطوات التخريبية التي اتخذها الغرب، تقوّضت أسس الحوار بين الدول النووية بشكل كبير»، ورأى أن «التحديات الأمنية الاستراتيجية تنبع من سعي الغرب إلى تحقيق التفوق».