دخلت الحرب في أوكرانيا منعطفاً جديداً عبر قصف روسي هو الأعنف منذ تفجر الصراع، استهدف كييف وأسقط 14 قتيلاً وعشرات الجرحى، الأمر الذي فجر غضباً أوروبياً عارماً واتهامات لموسكو بتخريب جهود السلام ودعوات لوقف الهجمات والانخراط في مفاوضات تقود إلى إنهاء النزاع.
قصف وضحايا
وأعلنت روسيا، أنها قصفت أهدافاً عسكرية في أوكرانيا، وذلك بعد تأكيد السلطات مقتل 14 شخصاً على الأقل في هجوم جوي واسع على كييف طال مباني سكنية. وقالت وزارة الدفاع الروسية، إن قواتها نفذت ضربة تستهدف مؤسسات للمجمع العسكري-الصناعي وقواعد جوية في أوكرانيا، مؤكدة أنها حققت أهدافها.
وقالت السلطات المحلية، إن روسيا شنت هجوماً ضخماً بالطائرات المسيرة والصواريخ على كييف، بما في ذلك ضربة نادرة في وسط المدينة، ما أسفر عن مقتل 14 شخصاً على الأقل وإصابة 48 آخرين. وأعلن سلاح الجو الأوكراني، أن روسيا شنت هجمات في أنحاء البلاد، خلال الليل، باستخدام 598 طائرة مسيرة و31 صاروخاً.
وقال وزير الداخلية الأوكراني، إيهور كليمنكو، إن من بين القتلى طفلين، متوقعاً ارتفاع الحصيلة. وأضاف كليمنكو، أن فرق الإنقاذ تعمل في الموقع لانتشال أشخاص عالقين تحت الأنقاض.
وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في منشور عبر منصة إكس بعد الهجوم، إن روسيا تختار الصواريخ الباليستية بدلاً من طاولة المفاوضات، مضيفاً: نتوقع رداً من جميع من دعوا إلى السلام في العالم، لكنهم الآن يلتزمون الصمت بدلاً من اتخاذ مواقف مبدئية.
إلى ذلك، أعلنت روسيا أنها لا تزال مهتمة بمباحثات السلام لكنها ستواصل شن ضربات على أوكرانيا. وقال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن القوات المسلحة الروسية تؤدي مهماتها وتواصل ضرب الأهداف العسكرية والمنشآت المرتبطة بها، مضيفاً: في الوقت عينه، تبقى روسيا مهتمة بمواصلة عملية التفاوض.. الهدف هو تحقيق أهدافنا بالوسائل السياسية والدبلوماسية.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، إسقاط 102 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل، معظمها في جنوب غرب البلاد. وذكر مسؤولون محليون، أن هجوماً بطائرات مسيرة أسفر عن اندلاع حريق بمصفاة أفيبسكي النفطية في منطقة كراسنودار، فيما تم الإبلاغ عن حريق ثانٍ في مصفاة نوفوكويبيشيفسك بمنطقة سامارا.
وتعرض مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في كييف، لأضرار جراء الهجمات الجوية الروسية. واتهم وزير الخارجية الأوكراني، أندريه سيبيها، روسيا، باستهداف الدبلوماسيين عمداً، وانتهاك لاتفاقية فيينا، داعياً إلى إدانة دولية للهجوم.
وأضاف سيبيها، الذي نشر أيضاً صوراً للأضرار التي لحقت بالمكاتب: نعرب عن تضامننا مع زملائنا في الاتحاد الأوروبي، ونحن على استعداد لتقديم المساعدة. بدورها، قالت المفوضة الأوروبية لشؤون التوسع، مارتا كوس: أدين بشدة هذه الهجمات التي تعد دليلاً واضحاً على أن روسيا ترفض السلام.
دعم أوروبي
وعلى الفور، أعلنت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، استدعاء مبعوث موسكو. وأفادت كالاس على منصة إكس، بأنها تحدثت إلى أفراد البعثة، وأكدت أن عزمهم على مواصلة دعم أوكرانيا يمنحنا القوة.. لا يجب أن تكون أي بعثة دبلوماسية هدفاً..
رداً على ذلك، سنستدعي المبعوث الروسي في بروكسل. وكتبت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، على منصة إكس أن موظفي البعثة سالمون، داعية روسيا إلى وقف هجماتها على البنية التحتية المدنية والانخراط في المفاوضات من أجل سلام عادل ودائم.
واعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، أن الضربات الروسية على كييف تظهر أن موسكو لن يثنيها شيء عن ترهيب أوكرانيا. وقالت فون دير لايين للصحافيين، إن الهجوم كان الأكثر حصداً للأرواح في العاصمة منذ يوليو واعتداء أيضاً على البعثة الأوروبية، مضيفة أنه يظهر أن الكرملين لن يثنيه شيء عن ترهيب أوكرانيا والقتل الأعمى للمدنيين، الرجال، النساء والأطفال، وحتى استهداف الاتحاد الأوروبي.
تنديد فرنسي وأمريكي
كما ندد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بما أسماه الترهيب والهمجية اللذين تمارسهما روسيا في حق أوكرانيا. وكتب ماكرون على منصة إكس: 629 صاروخاً وطائرة مسيّرة في ليلة واحدة على أوكرانيا: هذه هي إرادة السلام الروسية.
ترهيب وهمجية، مندداً بأشد العبارات بهجمات لا معنى لها ووحشية بشكل بالغ. من جهته، اتهم رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بتخريب الآمال بتحقيق السلام في أوكرانيا.
وقال ستارمر: بوتين يقتل الأطفال والمدنيين ويخرب الآمال بتحقيق السلام.. يجب أن يتوقف حمام الدم هذا، الضربات أدت كذلك إلى تضرر مبنى المجلس الثقافي البريطاني في العاصمة.
وندد الموفد الأمريكي الخاص إلى أوكرانيا بالضربات الروسية، معتبراً أنها تهدد الوساطة التي يقودها الرئيس دونالد ترامب.وقال كيث كيلوغس عبر منصة اكس، إن هذه الهجمات المروعة تهدد السلام الذي يسعى رئيس الولايات المتحدة لتحقيقه.
ضمانات أمنية
في الأثناء، أعلن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن كبار مفاوضيه سيتوجهون إلى الولايات المتحدة لإجراء محادثات حول الضمانات الأمنية لأوكرانيا. وقال زيلينسكي إن رئيس مكتبه الرئاسي، أندريه يرماك، ووزير الدفاع السابق، رستم عمروف، من المقرر أن يلتقيا مسؤولين أمريكيين في نيويورك اليوم الجمعة. وأكد المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف عقد اللقاء.
وأضاف زيلينسكي: كل من يعمل على مضمون الضمانات الأمنية سيشارك، في الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية، مشيراً إلى أن المهمة هي التحرك بأسرع ما يمكن، حتى تصبح هذه أيضاً أداة - أداة ضغط. يجب أن يرى الروس جدية موقف العالم وحجم العواقب إذا استمرت الحرب.