لا يزال الغموض يكتنف مصير السلام في أوكرانيا، ففيما أمطر الأوروبيون روسيا اتهامات بإحباط الجهود الأمريكية، داعين إلى ممارسة ضغوط قوية عليها، لوّحت واشنطن بأنها ستضطر لإعادة تقييم موقفها حال لم تكن موسكو جادة بشأن السلام.
واتهم وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، في اجتماع لحلف شمال الأطلسي، أمس، روسيا، بإحباط الجهود الأمريكية لإحلال السلام في أوكرانيا، داعين لممارسة ضغوط قوية عليها كي توافق على وقف إطلاق النار.
وصرح وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، بأن روسيا مدينة بالرد على الولايات المتحدة التي بذلت جهداً كبيراً في الوساطة والوصول إلى مقترح لوقف إطلاق النار. ومن المتوقع أن يتوجه رئيسا أركان الجيش الفرنسي والبريطاني، إلى كييف ليناقشا مع مسؤولين أوكرانيين الضمانات الأمنية الواجب مراعاتها في حال إقرار وقف لإطلاق النار أو اتفاق سلام، على ما أفاد بارو.
كما قال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي: «إن بوتين يواصل حالة الإرباك والمماطلة»، مضيفاً: «يقبل وقف إطلاق نار الآن، ثم يواصل قصف أوكرانيا وسكانها المدنيين وإمدادات الطاقة ..
نحن نراك يا فلاديمير بوتين، ونعرف ما تفعله». كما اتهمت باريس ولندن، روسيا، بمواصلة استهداف منشآت الطاقة في أوكرانيا. بدورها، ذكرت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، أن حديث بوتين عن المفاوضات مجرد وعود جوفاء، وأن الرئيس الروسي يلعب على عنصر الوقت بطرح مطالب جديدة باستمرار.
من جهته، قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان: «إن أي اتفاق سلام محتمل بين أوكرانيا وروسيا سيكون من الصعب قبوله، ولكنه يبقى أفضل من الخيار البديل، وهو المزيد من الموت والدمار». وفي مقابلة على هامش اجتماع لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي في بروكسل، قال فيدان: «إن تركيا تدعم مبادرة أمريكية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لكن التوصل إلى اتفاق ليس بالأمر السهل».
موقف أمريكي
في السياق، قال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، إن ترامب ربما لن يقبل بأساليب المماطلة التي يتبعها الرئيس الروسي لفترة أطول، قائلاً: «الولايات المتحدة ستعرف في غضون أسابيع وليس أشهراً، ما إذا كانت روسيا جادة بشأن السلام مع أوكرانيا». وأضاف في مؤتمر صحفي في بروكسل:
«سنعرف من ردودهم قريباً جداً ما إذا كانوا جادين في المضي قدماً في السلام الحقيقي أم أن الأمر مجرد أسلوب للمماطلة، إذا كان الأمر مجرد أسلوب للمماطلة، فإن الرئيس غير مهتم بذلك»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستضطر إلى إعادة تقييم موقفها حال لم تكن روسيا جادة بشأن السلام.
تفاؤل حذر
على صعيد متصل، ذكر الكرملين، أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لا يعتزمان التحدث هاتفياً، عقب زيارة مبعوث بوتين للاستثمار إلى واشنطن، والتي وصفها بأنها تدعو إلى تفاؤل حذر.
وعندما سُئل الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أمس، عما إذا كان بوتين وترامب سيتحدثان هاتفياً قريباً قال للصحفيين: «لا، لا توجد خطط للأيام القليلة المقبلة..
لا يوجد شيء في جدول المواعيد حالياً، مشيراً إلى أن زيارة المبعوث تثير تفاؤلاً حذراً. كما أعلن الكرملين، أن بوتين لم يتلق إشارة من الدول الأوروبية بأنهم يريدون الدخول في محادثات بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا. وقال بيسكوف: «حتى الآن لا يوجد أي إشارات».
حرب مسيّرات
ميدانياً، أدت ضربات بطائرات بلا طيار أوكرانية، إلى مقتل شخص واحد في قرية بيلايا بيريوزكا في منطقة بريانسك الحدودية، وفق ما قال الحاكم ألكسندر بوغوماز، متهماً كييف بشن ضربات مستهدفة ضد مدنيين. إلى ذلك، قال سيرجي سوبيانين، رئيس بلدية موسكو: «إن الدفاعات الجوية صدت طائرة مسيرة كانت تقترب من العاصمة الروسية».
وكتب سوبيانين على تطبيق تلغرام: «صدت وحدات الدفاع الجوي التابعة لوزارة الدفاع هجوماً بطائرة مسيرة كانت تطير باتجاه موسكو.. يعمل خبراء الطوارئ في الموقع الذي سقطت فيه الشظايا».
ونقلت وكالة الإعلام الروسية، عن القائد العسكري أبتي ألاودينوف، قوله: «إن الوضع في منطقة بيلجورود الروسية تحت السيطرة، بعد أن حاول الجيش الأوكراني اختراق الحدود قبل أسبوعين».
وأضاف ألاودينوف، أن القوات الروسية تطهر مناطق من القوات الأوكرانية التي لم تنجح في تحقيق هدفها المتمثل في انتزاع موطئ قدم لها في بيلجورود وتتكبد خسائر فادحة.
كما قتل 5 أشخاص وأصيب 32 آخرين في ضربات شنتها طائرات روسية بلا طيار في منطقة خاركيف في شرق أوكرانيا، وفق ما أعلنت السلطات. وقالت خدمات الطوارئ الأوكرانية، في بيان، إنها عثرت على جثث 4 أشخاص تحت أنقاض مبانٍ سكنية وتجارية في أحد أحياء خاركيف.
وأفادت في وقت لاحق عن انتشال جثة خامسة من المكان. كما أصيب 32 شخصاً بينهم طفل في هذه الغارات المنسوبة لهجمات بطائرات مسيرة أطلقتها روسيا، تسببت في اندلاع حرائق في المنطقة. كذلك، أصيب خمسة أشخاص في مناطق دنيبرو وزابوريجيا وكييف، وفقاً للسلطات المحلية.
انفجار سيارة
في الأثناء، قتل مسؤول أوكراني محلي في انفجار سيارته، أمس، في مدينة دنيبرو وسط شرق البلاد، وفق ما أفادت النيابة العامة التي فتحت تحقيقاً في هجوم إرهابي. وقالت النيابة العامة في بيان، إن الحادث وقع بينما كان المسؤول في سيارته مع زوجته.
وأضافت أن الرجل قتل وأصيبت زوجته ونقلت إلى المستشفى. وأضاف البيان أن عناصر تطبيق القانون يعملون في الموقع ويجري حالياً تحديد الملابسات واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحديد هوية الأشخاص المتورطين.
وأعلن حزب بروبوزيتسيا، أن القتيل هو يوري فيدكو، عضو مجلس مدينة دنيبرو. وأضاف أن الشرطة تُجري تحقيقات في عملية روسية وتنافس شخصي كدوافع محتملة. ونشرت الشرطة في منطقة دنيبروبيتروفسك صوراً لهيكل سيارة منفجرة في منطقة ضرب حولها طوق أمني قرب مجمعات سكنية.
