«قمة شنغهاي».. منصة لبناء عالم متعدد الأقطاب

لقطة جماعية للقادة المشاركين في القمة عقب وصولهم إلى مدينة تيانغين
لقطة جماعية للقادة المشاركين في القمة عقب وصولهم إلى مدينة تيانغين

تعد قمة منظمة شنغهاي، التي تعقد اليوم في مدينة تيانغين الساحلية بشمال الصين، الأكثر أهمية للمنظمة منذ إنشائها عام 2001، وتعقد هذه السنة في ظل أزمات متعددة؛ من المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين والهند، إلى حرب أوكرانيا، مروراً بالملف النووي الإيراني.

وتضم منظمة شنغهاي للتعاون 10 دول أعضاء و16 دولة بصفة مراقب أو شريك، وتمثل قرابة نصف سكان العالم و23.5 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهي تقدم على أنها قوة موازنة لحلف الناتو. وتضم بلدانها كميات كبيرة من مصادر الطاقة.

وإضافة إلى الهدف المتمثل في إقامة عالم متعدد الأقطاب، تشكل هذه القمة فرصة للصين لاستعراض نفوذها الدبلوماسي وقوتها العسكرية، مع تقديم نفسها مركز استقرار في عالم يسوده الانقسام.

وتشيد البيانات الصينية الرسمية بنموذج تعددية الأقطاب الذي تعكسه هذه المبادرة، في انتقاد مبطن للنهج الأحادي الأمريكي.

وشكل الحدث فرصة لعقد مجموعة من اللقاءات الثنائية جمعت أبرزها الرئيس الصيني شي جين بينغ بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

تمديد الإقامة

ودُعي بعض القادة، من بينهم بوتين والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، لتمديد إقامتهم حتى الأربعاء لحضور عرض عسكري ضخم في بكين احتفالاً بالذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية والانتصار على اليابان.

ولهذه المناسبة، يقوم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بزيارة نادرة خارج بلده المعزول للوقوف إلى جانب حليفه شي جين بينغ.

وبعد أسبوعين تقريباً على لقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ألاسكا، يعقد بوتين جلسة محادثات ثانية مع شي، غداً في بكين.

وقال يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي، لوسائل إعلام روسية إن بوتين بحث مع نظيره الصيني، أمس، في مدينة تيانغين الساحلية بشمال الصين، الاتصالات التي جرت في الآونة الأخيرة بين موسكو وواشنطن.

ووصل بوتين بعيداً عن الإعلام بالرغم من أنه يترأس وفداً سياسياً واقتصادياً كبيراً، بحسب وسائل الإعلام الرسمية الروسية والصينية.

ومن المرتقب أن يجتمع شي اليوم في تيانغين بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليناقش معه النزاع في أوكرانيا، على أن يلتقي نظيره الإيراني مسعود بزشكيان لبحث الملف النووي الإيراني، كذلك سيلتقي رئيس الوزراء الهندي.

نموذج جديد

وجمع الرئيس الصيني في مراسم تتسم بالحفاوة كذلك قادة الهند وإيران وتركيا وعشرين بلداً آخر في منطقة أوراسيا بمناسبة قمة شنغهاي، التي يراد منها تقديم نموذج جديد للعلاقات الدولية، في وقت تحتدم التوترات الجيوستراتيجية وتشتد وطأة الرسوم الجمركية الأمريكية.

ومنذ أول من أمس، يتقاطر رؤساء دول وحكومات من نحو عشرين بلداً، ومسؤولون من نحو عشر منظمات دولية إلى المدينة الساحلية الكبيرة التي تمثل رمزاً للتنمية الاقتصادية في الصين.

وحط رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في أول زيارة له إلى الصين منذ 2018 تنم عن التقارب الحاصل بين العملاقين الآسيويين، وكان الرئيس الصيني في استقباله.

تدابير أمنية

وتخضع القمة لتدابير أمنية وعسكرية مشددة، ونشرت مركبات مصفحة في بعض الشوارع وقطعت الحركة المرورية في أجزاء كبيرة من تيانغين، ونشرت لافتات في الشوارع بالماندرية والروسية تشيد بـ«روحية تيانغين»، و«الثقة المتبادلة» بين موسكو وبكين.

ويدعو الخبراء إلى التركيز على الصورة التي ستعكسها القمة أكثر منه على نتائجها الملموسة. وقال ديلان لوه، الأستاذ المحاضر في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، إن القمة تطرح «نموذجاً متعدد الأطراف مختلفاً عن النماذج التي يهيمن عليها الغربيون»، مشيراً إلى أن «المشاركة الواسعة تنم عن تنامي النفوذ الصيني وقدرة منظمة شنغهاي للتعاون على جذب بلدان غير غربية».

وتسود خلافات في أوساط المنظمة، فالصين والهند، وهما الدولتان الأكثر تعداداً للسكان في العالم، تتنافسان على النفوذ في جنوب آسيا، وقد خاضتا اشتباكاً حدودياً دامياً عام 2020، لكنهما تعملان حالياً على تعزيز علاقتهما، خصوصاً في ظل الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على البلدين.

وشدد شي ومودي خلال لقائهما على أهمية التعاون بين البلدين اللذين يمثلان معاً 2.8 مليار نسمة، في شراكة سماها الرئيس الصيني «رقصة التنين والفيل»، بينما أشار محللون إلى مشاركة «الدب الروسي».