تصريحات هيغسيث "الفتاكة"..هل هي شرارة الحرب العالمية الثالثة؟

أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العالم إلى حقبة الحربين العالميتين الأولى والثانية؛ تلك الحقبة التي كانت فيها وزارة الدفاع الأمريكية تسمى وزارة الحرب حتى عام 1949 عندما دمج الكونغرس الجيش والبحرية والقوات الجوية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وذلك عبر أمر تنفيذي وقّعه، الجمعة، ينص على تغيير اسم وزارة الدفاع إلى «وزارة الحرب»، لتعود بذلك إلى لقب كانت تحمله حتى ما بعد الحرب العالمية الثانية، حينما سعى المسؤولون إلى تأكيد دور البنتاغون في منع نشوب النزاعات.

دمار شامل وحرب عالمية ثالثة

وأشاد وزير الدفاع بيت هيغسيث، الذي عينه ترامب وزيراً للحرب، بهذا التغيير الذي طالما دعا إليه، وقال: «سننتقل إلى الهجوم، وليس فقط إلى الدفاع، أقصى قدر من الفتك، وليس إلى الشرعية الفاترة». وجاءت تصريحاته المتلفزة التي نشرتها وسائل إعلام أمريكية وعربية تحمل مضامين الحربين العالميتين الأولى والثانية، وكأنه يبشر بالحرب العالمية الثالثة، بقوله: «بتوجيهات الرئيس ترامب، فإن وزارة الحرب سوف تقاتل بحسم، ستقاتل لكي تنتصر، لا لكي تهزم، سنذهب إلى الهجوم، لا الاكتفاء بالدفاع، أقصى قوة فتاكة، لا شرعية فاترة، سنخرج مقاتلين، لا مجرد مدافعين، هذه وزارة الحرب سيادة الرئيس تماماً مثل أمريكا، قد عادت، شكراً لقيادتك ووضوحك، سنضع النغمة لهذا البلد: أمريكا أولاً، السلام عبر القوة برعاية وزارة الحرب، لقد عدنا».

العودة للحرب

وقال ترامب أثناء توقيعه الأمر التنفيذي في حفل أقيم في المكتب البيضاوي: «إنه تغيير بالغ الأهمية، لأنه موقف. الأمر يتعلق حقاً بالفوز». ومن شأن هذه الخطوة تكليف هيغسيث بالتوصية بالإجراءات التشريعية والتنفيذية المطلوبة لجعل الاسم الجديد دائماً.

وتمثل هذه الخطوة أحدث جهود من ترامب لإعادة صياغة صورة الجيش الأمريكي، التي شملت قراره برئاسة عرض عسكري استثنائي في وسط مدينة واشنطن العاصمة، وإعادة الأسماء الأصلية للقواعد العسكرية التي جرى تغييرها بعد احتجاجات العدالة العرقية عام 2020.

وبذلك يكون الرئيس ترامب قد أعاد لوزارة الدفاع سيرتها الأولى، حيث كانت الولايات المتحدة تمتلك «وزارة الحرب» (War Department) منذ تأسيسها في عام 1789، وكانت مسؤولة عن إدارة الجيش، بينما كانت «وزارة البحرية» (Department of the Navy) مستقلة. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وظهور العصر النووي، أدركت القيادة الأمريكية الحاجة إلى هيكل عسكري موحد وأكثر تنسيقاً لمواجهة التحديات الجديدة.

قانون الأمن القومي

وفي عام 1947، وقّع الرئيس هاري ترومان على قانون الأمن القومي (National Security Act of 1947). هذا القانون التاريخي قام بدمج القوات المسلحة الأمريكية، حيث ألغى وزارتي الحرب والبحرية، وأنشأ بدلاً منهما «المؤسسة العسكرية الوطنية» (National Military Establishment). كما أنشأ هذا القانون أيضاً القوات الجوية كفرع مستقل. وفي عام 1949، تم تعديل القانون ليتم تغيير اسم «المؤسسة العسكرية الوطنية» إلى «وزارة الدفاع» (Department of Defense) بشكل رسمي، وأصبحت وزارة موحدة تحت قيادة وزير دفاع واحد يتمتع بسلطة كاملة على جميع أفرع القوات المسلحة.

الدفاع بدلاً من الحرب

وكان اختيار اسم «الدفاع» بدلاً من «الحرب» ذا دلالة رمزية واستراتيجية، فقد كان يهدف إلى الإشارة إلى أن الغاية الأساسية للمؤسسة العسكرية الأمريكية لم تعد مقتصرة على خوض الحروب والانتصار فيها، بل أصبحت تركز على ردع العدوان ومنع الحروب من خلال قوة عسكرية موحدة وقادرة على العمل بشكل منسق على مستوى عالمي. وهذا التحول يعكس بداية عهد جديد في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث أصبح التركيز على الأمن الجماعي والدفاع الاستباقي لمواجهة التهديدات العالمية في حقبة جديدة.

تداعيات قمة منظمة شنغهاي

لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقراره المرعب، الجمعة، كأنه يعيد العالم إلى مربع الحروب الأولى، وينذر بنشوب حرب عالمية ثالثة أو على أقل تقدير إشعال حرب باردة جديدة مع أقطاب متعددة، لا سيما بعد تداعيات «قمة شنغهاي» التي اعتبرتها الإدارة الأمريكية كأنها مشهد يعيد للأذهان أجواء الحرب الباردة، حيث وجّه الرئيسان الصيني شي جين بينغ، والروسي فلاديمير بوتين، خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون، انتقادات لاذعة إلى الغرب، محمّلين إياه مسؤولية التصعيد في أوكرانيا، ومؤكدين أن العالم بحاجة إلى نظام عالمي «عادل ومتعدد الأقطاب».

انتقادات مباشرة

ولم تقتصر الرسائل التي خرجت من القمة على انتقادات مباشرة، بل حملت دلالات أعمق تشير إلى تكريس واقع جديد لتحالف شرقي آخذ في الاتساع والتأثير في الساحة الدولية، فبين دعوة الصين إلى نظام اقتصادي يقوم على التعاون بعيداً عن «الهيمنة الغربية»، وتأكيد روسيا على أن الغرب هو من دفع بأوكرانيا نحو صدام مفتوح، بدا وكأن قمة شنغهاي تتحول إلى منصة مضادة للغرب وسياساته، وهو ما أغضب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي ترى في مثل هذه الاصطفافات تهديداً مباشراً لدورها القيادي في العالم، فكانت العودة مجدداً إلى وزارة الحرب، وهي رسالة شديدة اللهجة إلى خصوم أمريكا بأن «وزارة الحرب سوف تقاتل بحسم، ستقاتل لكي تنتصر، لا لكي تهزم، سنذهب إلى الهجوم، لا الاكتفاء بالدفاع، أقصى قوة فتاكة، لا شرعية فاترة، سنخرج مقاتلين، لا مجرد مدافعين، هذه وزارة الحرب سيادة الرئيس تماماً مثل أمريكا، قد عادت، شكراً لقيادتك ووضوحك، سنضع النغمة لهذا البلد: أمريكا أولاً، السلام عبر القوة برعاية وزارة الحرب، لقد عدنا»، بحسب تصريحات وزير الحرب الجديد بيت هيغسيث، التي تناقلها العالم اليوم، فهل تكون مجرد حرب كلامية متبادلة وتصريحات مضادة بين الإدارة الأمريكية وقادة قمة منظمة شنغهاي، أم ستكون شرارة الحرب العالمية الثالثة؟