الإمارات والولايات المتحدة .. شراكة تنشد التنمية

وفد إماراتي خلال جلسة مع كبار المسؤولين بواشنطن الشهر الماضي لبحث خطط الإمارات الاستثمارية في أمريكا
وفد إماراتي خلال جلسة مع كبار المسؤولين بواشنطن الشهر الماضي لبحث خطط الإمارات الاستثمارية في أمريكا

تعتبر العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية من العلاقات الاستراتيجية والمهمة على الساحة الدولية، والتي تمتد لعدة عقود من التعاون الوثيق في مختلف المجالات.

تشمل هذه العلاقة التعاون الأمني والعسكري والاقتصادي، إلى جانب التنسيق السياسي الفعال في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية. وتعد الإمارات شريكاً رئيساً للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.

حيث تتشارك الدولتان في العديد من المبادرات الرامية إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي. وتولي الولايات المتحدة اهتماماً خاصاً لدور الإمارات في مكافحة الإرهاب، والتصدي للتحديات العسكرية التي تهدد أمن المنطقة.

كذلك فيما يتعلق بالاقتصاد، تشكل الإمارات واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في المنطقة، وتتسم العلاقات التجارية بين البلدين بالعمق والتنوع، حيث تشمل مجالات الطاقة التجارة الإلكترونية والابتكار التكنولوجي.

وتسعى الإمارات، من خلال هذه العلاقة، إلى تحقيق أهدافها التنموية وتعزيز مكانتها كمركز اقتصادي عالمي. ومن خلال هذه الزيارة، تأمل الإمارات في تعزيز الاستثمارات الأمريكية في قطاعات جديدة ومختلفة.

يشدد المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، حازم الغبرا، في تصريحات خاصة لـ «البيان» على أهمية وعمق العلاقة التي تربط دولة الإمارات العربية المتحدة بالولايات المتحدة الأمريكية، واصفاً إياها بأنها «واسعة النطاق وهامة جداً بالنسبة لواشنطن»؛ خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي يشهد فيها العالم تغييرات كبيرة، تتجاوز الشرق الأوسط إلى الساحة الدولية برمتها.

ويوضح أن «الولايات المتحدة اليوم بحاجة ماسة إلى أصدقائها وشركائها أكثر من أي وقت مضى»، منبهاً إلى أن العلاقة الإماراتية الأمريكية ليست علاقة أحادية الجانب، بل هناك حاجة متبادلة بين الطرفين لتطوير شراكة تدفع بالمنطقة والعالم نحو مرحلة أفضل»..

ومؤخراً في إطار مساعيها في هذا السياق، كان لها دور لافت في عمليات تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، من خلال وساطتها التي حظيت بإشادات دولية واسعة.

وبالعودة لحديث الغبرا، فإنه يستطرد قائلاً: «نحن أمام شراكة استراتيجية بين الإمارات والولايات المتحدة تسعى إلى تحقيق السلام في العالم، وليس فقط حل مشكلات الشرق الأوسط، وهذا أمر إيجابي ومهم للغاية».

حدث استثنائي

بدوره، يشدد المدير العام لشركة تروث للاستشارات الاقتصادية في أبوظبي، رضا مسلم، لدى حديثه لـ«البيان»، على أن زيارة ترامب إلى دولة الإمارات، تُعد حدثاً استثنائياً يعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، مردفاً:

«حينما يقوم رئيس أكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم بزيارة دولة الإمارات، ويضعها ضمن جدول زياراته، فإن ذلك يؤكد بوضوح المكانة الرفيعة لدولة الإمارات في السياسة الدولية، ومدى الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لهذه العلاقة».

ويضيف: «من المتوقع أن تتناول المباحثات بين الوفدين الإماراتي والأمريكي ملفات سياسية وعسكرية واقتصادية».

وفيما يخص الملف الاقتصادي، يلفت مسلم إلى أن «الاستثمارات الإماراتية المرتقبة في الولايات المتحدة ستسهم في دعم الاستقرار المالي والاقتصادي، خصوصاً بعد السياسات الحمائية المتشددة التي يتبعها ترامب، والتي تسببت في اضطراب الأسواق المالية نتيجة قراراته برفع الرسوم الجمركية بشكل مفاجئ».

ويختتم حديثه بالقول: «دولة الإمارات أثبتت مراراً أنها شريك موثوق على الساحة الدولية، ولديها رؤية واضحة تعزز الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، ومن المتوقع أن تستجيب الولايات المتحدة لكافة الطلبات الإماراتية، سواء في الجوانب الدفاعية أو الاقتصادية، في ظل العلاقة المتنامية بين البلدين».

مجالات تعاون واسعة

الخبير الاقتصادي الإماراتي، جمال بن سيف الجروان، وهو الأمين العام السابق لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، يقول في تصريحات خاصة لـ «البيان»: «إن دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية تتمتعان بعلاقات استراتيجية متينة تمتد لأكثر من خمسة عقود، تشمل مجالات متعددة مثل الاقتصاد والأمن والتكنولوجيا والطاقة».

ويستعرض جانباً من آفاق التعاون بين البلدين، بداية من الصناديق السيادية، مشيراً إلى امتلاك «مبادلة للاستثمار» حصص في شركات أمريكية كبرى، وتستثمر في مجالات مثل التكنولوجيا والطاقة والرعاية الصحية والخدمات المالية. كذلك جهاز أبوظبي للاستثمار، والذي يُعد من أضخم صناديق الثروة السيادية في العالم، وله استثمارات ضخمة في الأسهم الأمريكية والعقارات والسندات والبنية التحتية.

كما يُبرز في الوقت نفسه الحضور الإماراتي في «القطاع العقاري»، ذلك أن شركات إماراتية استثمرت في مشاريع تطوير عقاري وتجاري وسكني في مدن مثل نيويورك ولوس أنجلوس وواشنطن. علاوة على العلاقات في مجالات «التكنولوجيا والابتكار».

حيث استثمرت الصناديق السيادية الإماراتية في شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى وشركات ناشئة في وادي السيليكون؛ إيماناً من الدولة بمستقبل الذكاء الصناعي.

كذلك في مجال الطاقة تبرز استثمارات في شركات وخدمات متعلقة بالطاقة النظيفة والنفط والغاز، علاوة على مشاريع مشتركة في الطاقة المتجددة، مثل التعاون بين «مصدر» وشركات أمريكية.

وأيضاً في قطاع الطيران والدفاع (شراء معدات وأنظمة من شركات مثل بوينغ ولوكهيد مارتن)، وكذلك استثمارات متبادلة في قطاعات الفضاء والدفاع. وأيضاً قطاع التعليم والرعاية الصحية (شراكات مع جامعات أمريكية مرموقة، واستثمارات في المستشفيات الأمريكية وسلاسل الرعاية الصحية).

وقال: «إنه من المأمول أن تأتي بعدد من المخرجات، من بينها ضخ استثمارات أمريكية في دولة الإمارات في مجال التكنولوجيا المتقدمة والحوسبة السحابية، وضخ استثمارات إماراتية في السوق الأمريكي في مجال التكنولوجيا المتطورة، علاوة على رصد فرص تعاون استراتيجي في مجال البترول والغاز والطاقة المتجددة، وكذلك توقيع اتفاقية اقتصادية واستثمارية شاملة، مع التعاون بين البلدين في مجال الاستثمارات معاً في البلدان العربية والأفريقية والآسيوية».