أبوظبي - صبري صقر، وام
اختتم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، بالتعاون مع أكاديمية أنور
قرقاش الدبلوماسية، أمس، فعاليات منتدى هيلي السنوي بنسخته الثانية، والذي استمر على مدار يومين، تحت شعار إعادة ضبط النظام الدولي: التجارة والتكنولوجيا والحوكمة.
وجمع المنتدى نخبة من القادة والخبراء والدبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم، ليؤكد الدور المحوري لدولة الإمارات في صياغة مقاربات عملية لمواجهة التحديات العالمية المتسارعة.
وتضمنت أجندة اليوم الثاني والأخير من المنتدى، جلسة رئيسية إلى جانب عدة جلسات متزامنة تناولت المحور الثالث من المحاور الأساسية، وهو محور الجيوتكنولوجية، إذ ناقش المشاركون تأثيرات التقنيات التحويلية مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، والروبوتات، على موازين القوة العالمية والأمن الوطني والتنافسية الاقتصادية، فضلاً عن انعكاساتها على العلاقات الدولية.
وأكدت النقاشات أن التطور التكنولوجي، رغم ما يحمله من فرص، يفرض التزامات مشتركة لضمان توظيفه في خدمة التنمية والاستقرار العالمي.
وأكد رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، الدكتور محمد الكويتي، في تصريحات على هامش المنتدى، أن الإمارات اليوم دولة الذكاء الاصطناعي برؤية قيادتها الرشيدة قائلاً:
«من خلال استضافة مثل هذه المنتديات للحوار نستشرف المستقبل.. واليوم في عصر الثورات الصناعية المختلفة استطعنا أن نواكب التكنولوجيا».
وأشار الكويتي إلى أن الذكاء الاصطناعي سيغير كثيراً من السياسات، وأن الناس يمثلون خط الدفاع الأول، مشدداً على ضرورة دعم الولاء وتعزيز ثقافة الأمن السيبراني.
وأضاف محمد الكويتي في كلمته خلال إحدى جلسات المنتدى: «تمضي الإمارات برؤية قيادتها، في طريق التحول إلى دولة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، بحيث تصبح التكنولوجيا ضرورة في حياتنا اليومية، وركيزة أساسية في كل أعمالنا».
وأوضح أن الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني مبنية على ركائز عدة منها الحوكمة، عبر السياسات والإجراءات والتشريعات والإرشادات، ووفق نهج مرن يقوم على الشراكة بين القطاعين العام والخاص والأفراد، فضلاً عن التكنولوجيا والابتكار، وتنمية الكوادر والكفاءات من خلال التدريب وإعادة التأهيل وصقل المهارات وتنفيذ مهمة الحماية والدفاع.
بدوره، قال الأمين العام لمجلس التوازن للتمكين الدفاعي، الدكتور ناصر حميد النعيمي، إن التكنولوجيا لم تعد قطاعاً معزولاً بل جزء لا يتجزأ من الحياة بداية من الاتصالات والتجارة، وصولاً إلى كيفية حماية الدول.
مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي أضاف إلى المجالات التقليدية (الجو، والبحر، والأرض) مجالين آخرين هما الفضاء الخارجي والأمن السيبراني. وأكد النعيمي أن الأمن السيبراني سيغير ملامح القرن الحادي والعشرين.
أداة معززة
على صعيد متصل، أكد مدير مختبر التشريعات في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، الدكتور راشد المنصوري، أن دولة الإمارات تسعى إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في صياغة التشريعات، مشدداً على ضرورة أن يظل الذكاء الاصطناعي أداة معززة للعمل لا كياناً مفكراً مستقلاً.
وأشار المنصوري، إلى وجود وسائل لتحسين عملية صنع القرار بالاستفادة من التكنولوجيا، مؤكداً ضرورة إقرار اتفاقية دولية ملزمة تتضمن آليات تنفيذ فاعلة لدمج الذكاء الاصطناعي أكثر في منظومات الحرب والأمن.
في السياق، قال مدير عام المؤسسة الاتحادية للشباب بدولة الإمارات، خالد النعيمي، إن أثر التكنولوجيا يزداد في شتى القطاعات يوماً بعد آخر، وستمتد تأثيرات الذكاء الاصطناعي إلى أجيال المستقبل، مشدداً على ضرورة ألّا يمس هذا التحول القيم والثقافة.
كيفية تعامل
ولفت مدير مركز الدراسات المستقبلية
بجامعة دبي، الدكتور سعيد الظاهري، إلى أن المشكلة لا تكمن فيما تحدثه تقنيات الذكاء الاصطناعي من زعزعة واضطراب، بل في كيفية التعامل مع هذا التحدي بمسؤولية وحكمة.
كما قال الرئيس التنفيذي لشركة Y71 ومؤسس برنامج AQM+، أحمد الشامسي، إن الذكاء الاصطناعي أحدث أثراً بالغاً في المجتمع، إلا أن التركيز يجب أن يظل منصباً على الإنسان الذي بات عليه أن يتكيف بوعي مع هذا التغيير.
وأشارت وحيدة الحضرمي، مستشار الصناعات الإبداعية، إلى أن الذكاء الاصطناعي بات زميل عمل لا مفر من التعاون معه، بغض النظر عن طبيعة المشاعر تجاهه.
وأوضح جيمس مورس، رئيس
أكاديمية ربدان، أن الأمن في عصر التحولات الجيوتكنولوجية لم يعد يقف عند حدود الدول بل أصبح مرهوناً بحماية الإنسان وصيانة القيم والأفكار، مشيراً إلى أن التهديدات تتسلل من ميادين الأمن السيبراني ومراكز البيانات وسلاسل الإمداد.
ترسيخ مكانة
وأكدت الدكتورة هدى الخزيمي، نائب العميد المشارك لترجمة البحوث والابتكار، بجامعة نيويورك (الإمارات)، أن الإمارات رسخت مكانتها دولة رائدة في مجال البحث والتطوير، وتضخ استثمارات في صندوق سوفت بنك، وتعمل على بناء قدرات تخدم الأمن الوطني والأولويات الدولية.
وأضافت أن الإمارات تسهم في تحفيز اقتصادات 80 دولة حول العالم، وتسعى إلى تطوير تقنياتها الخاصة، وتتصدر المشهد في مجالي الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا الحوسبة، وتقدم العون للدول التي تفتقر إلى القدرة على تطوير التقنيات في أوروبا الوسطى وأفريقيا.