8 أدوار لمجالس أولياء الأمور تدعم جودة التعليم

غرس القيم الوطنية والسلوكية الإيجابية لدى الأبناء
غرس القيم الوطنية والسلوكية الإيجابية لدى الأبناء

دبي - رحاب حلاوة، جميلة إسماعيل

أكد تربويون أن مجالس أولياء الأمور تقوم بثمانية أدوار رئيسية تبرز أهميتها داخل المنظومة التعليمية، فهي أولاً تؤدي دوراً تربوياً يتمثل في دعم جودة التعليم ومتابعة تحصيل الطلبة وتقديم مبادرات تطويرية تسهم في رفع الأداء الأكاديمي.

وثانياً تقوم بدور اجتماعي يربط المدرسة بالأسرة والمجتمع المحلي، ويعزز من الشراكات المجتمعية الفاعلة، أما ثالث الأدوار فيتمثل في الدور القيمي من خلال غرس القيم الوطنية والسلوكية الإيجابية لدى الأبناء، بما يرسخ الانتماء ويعزز الهوية.

وأضاف التربويون إن المجالس تضطلع أيضاً بدور داعم للطلبة عبر متابعة قضايا المتأخرين دراسياً وأصحاب الهمم وتقديم مقترحات لدمجهم بفاعلية، في حين يظهر الدور الخامس في الجانب الاستشاري من خلال إبداء الرأي في السياسات والبرامج التعليمية المطروحة. وأوضحوا أن الدور السادس يرتبط بالمجال التنظيمي عبر المساهمة في التخطيط للأنشطة والفعاليات التي تدعم شخصية الطالب وتبني مهاراته.

أما الدور السابع فيتجلى في التوعية، سواء من خلال مبادرات تتعلق بالصحة النفسية والتغذية السليمة أو في توعية الأسر بالمخاطر الرقمية، وأخيراً، فإن الدور المستقبلي يبرز في طرح رؤى مواكبة لقضايا العصر مثل الاستدامة والذكاء الاصطناعي والتربية الرقمية، بما يجعل المجالس شريكاً استراتيجياً في صياغة مستقبل التعليم.

وذكر التربويون أن المجالس عادت بقوة لتشكل ركيزة أساسية في المنظومة التعليمية، فهي لم تعد مجرد إطار تشاوري تقليدي، بل تحولت إلى مساحة حيوية تجمع بين أولياء الأمور والإدارة المدرسية والمعلمين، لتبادل الآراء والمقترحات وصياغة مبادرات تسهم في دعم الطالب أكاديمياً ونفسياً واجتماعياً.

وتتعدد المسميات والهدف واحد من مسمى يحمل اسم مجالس أولياء الأمور إلى آخر يحمل «الأمهات» إلى «مجالس الأمناء»، حيث يختلف المسمى من مدرسة خاصة إلى حكومية إلى نطاق الإمارة، وجميعها تهدف إلى العمل على تهيئة المناخ التربوي المناسب لتوثيق العلاقة ما بين البيت والمدرسة بما يؤدي إلى مزيد من التعاون بين الطرفين ولا تفعل تلك المجالس إلا بتكاتف أولياء الأمور، ومنحهم صلاحيات أكثر.

وفي هذا الإطار، كشفت وزارة التربية والتعليم عن أن عدد مجالس أولياء الأمور في مختلف مناطق الدولة بلغ 520 مجلساً، تضم في عضويتها 6,140 ولي أمر يشاركون في مناقشة القضايا التربوية وتعزيز الشراكة بين المدرسة والأسرة، بما يرسخ من حضور أولياء الأمور في دعم العملية التعليمية وتوجيه مساراتها.

وأكدت الوزارة أن مجالس أولياء الأمور تمثل شريكاً أساسياً في تطوير المنظومة التربوية وتعزيز جودة المخرجات التعليمية، موضحة أن هذه المجالس لا تقتصر على كونها منصات تشاورية بين المدرسة والأسرة، بل تحولت إلى أداة فاعلة تسهم في صياغة توجهات وسياسات التعليم على مستوى الدولة.

وأوضحت الوزارة أنها خلال العام الدراسي الماضي عقدت سلسلة من اللقاءات المباشرة مع أعضاء هذه المجالس في مختلف المناطق التعليمية، وحرصت على الاستماع إلى ملاحظاتهم ومقترحاتهم المتعلقة بآليات التدريس، وطرق تقييم الطلبة، إلى جانب البرامج والأنشطة الموجهة لتعزيز القيم الوطنية والسلوكية لدى الأبناء.

وأضافت الوزارة إن عدداً من المقترحات التي تقدم بها أولياء الأمور حظيت بمتابعة دقيقة وتم الأخذ بها عند وضع خطط العام الدراسي الحالي، سواء من خلال تطوير المبادرات المساندة للطلبة، أو عبر تعزيز الشراكة المجتمعية في دعم البرامج التعليمية.

وشددت على أن إشراك أولياء الأمور في مناقشة القضايا التربوية يعكس قناعة راسخة بأهمية دورهم في دعم المدرسة، وترسيخ التكامل بين البيت والمؤسسة التعليمية، مؤكدة أن الوزارة ماضية في توسيع نطاق هذه المجالس بما يتيح استقطاب مزيد من الأصوات والآراء التي تثري العملية التعليمية وتوجه مساراتها نحو تحقيق أهدافها الوطنية المستقبلية.

ومن جهتها، قالت الدكتورة غدير أبو شمط مديرة مدرسة الخليج الدولية، إن مجلس الأمناء يلعب دوراً إرشادياً في وضع مختلف الخطط التطويرية والمهنية الإدارية والتعليمية والمرتبطة بتحقيق أولويات المدرسة وأهداف تعلم الطلبة التي قطعتها المدارس كوعود لأولياء الأمور، موضحة أنه يعد مجلساً استشارياً إشرافياً يعمل على ضمان جودة التعليم ويمثل بنية مجتمع المدرسة.

وأوضحت أن هناك منهجية لاختيار الأفراد (أعضاء مجلس الأمناء)، بحيث يتم تشكيل مجلس الأمناء بالتزكية والاختيار بين أفراد المجتمع وأولياء الأمور وخاصة لا بد من أن يمتلك الأفراد مهارات خاصة في المجالات كالتعليم والقانون والقيادة، ويتم الاختيار من أفراد مهتمين بالتعليم من خارج سلك التعليم كرجال الأعمال.

وأضافت إن مجلس الأمناء يسهم في دعم عمليات التخطيط المختلفة، حيث تقدم المدارس تقارير مفصلة وشاملة عن أدائها للمجلس ضمن استعدادها للتقييم الذاتي الذي تطلبه هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، مفيدة بأن هذه المجالس لها دور حقيقي وليست ديكوراً كما يراها البعض.

وأكد الخبير التربوي الدكتور عبداللطيف السيابي أن مجالس أولياء الأمور التي تنظم على مستوى المدرسة لا ينبغي أن تُختزل في تنظيم الفعاليات الاجتماعية أو المشاركة في الأنشطة اللاصفية فقط، فهي في جوهرها كيان استشاري يواكب السياسات التعليمية ويسهم في توجيهها نحو ما يخدم الطالب والأسرة.

وأوضح أن اختصار دور المجالس في المناسبات والأنشطة يحرم العملية التعليمية من طاقات كبيرة وخبرات متراكمة لدى أولياء الأمور يمكن توظيفها في صياغة مبادرات استراتيجية تتعلق بالتقويم الأكاديمي أو تحسين جودة التعليم أو حتى تطوير المناهج المساندة.

ولفت السيابي إلى أن التفعيل الحقيقي لهذه المجالس يتطلب أن تتحول إلى شريك في وضع الحلول للتحديات اليومية داخل المدارس، مثل قضايا الانضباط، أو دعم الطلبة المتأخرين دراسياً، أو تعزيز بيئة التعليم الدامج لأصحاب الهمم. وأوضح أن منح المجالس صلاحيات أوسع لمناقشة خطط التعليم والتقييم، ومتابعة تنفيذها مع الإدارة المدرسية، سيجعلها أداة فاعلة تتجاوز الطابع الشكلي، وتتحول إلى قوة مؤثرة في رفع مستوى الأداء التعليمي بشكل شامل ومستدام.

وأكدت شادية حسين، عضو منتسب في مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات في إمارة الشارقة، أن المجالس أصبحت اليوم إحدى الركائز الحيوية لتعزيز التواصل البنّاء بين البيت والمدرسة.

مشيرة إلى أن الهدف الجوهري منها يتمثل في تمكين أولياء الأمور من المشاركة الفاعلة في العملية التعليمية والتربوية لأبنائهم، بما يتماشى مع التوجهات الحديثة لدائرة شؤون الضواحي والقرى المشرفة على هذه المجالس.

وأضافت إن المجلس يعمل وفق رؤية واضحة تقوم على بناء مجتمع تعليمي داعم، تُشكّل فيه الأسرة والمدرسة والمجتمع المحلي منظومة متكاملة لرعاية الطالب.

وأوضحت أن هذه الرؤية تنبثق عنها رسالة جوهرها تفعيل دور ولي الأمر في الجوانب التربوية والسلوكية والتعليمية للطلبة، عبر مبادرات عملية تتكامل مع الأهداف الوطنية في التعليم.

وبينت أن المجلس يسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، أبرزها تعزيز قنوات التواصل بين المدرسة وأولياء الأمور، والمساهمة في المبادرات التربوية والأنشطة الطلابية، إلى جانب متابعة القضايا التعليمية والسلوكية مع الجهات المختصة.

كما يركز المجلس على تكريم ودعم الطلبة المتفوقين والمبدعين، وتنظيم ورش تثقيفية وتوعوية، فضلاً عن تقييم الأداء المدرسي من منظور أولياء الأمور وتقديم مقترحات التحسين.

شروط

من جانبه، أكد الدكتور إيهاب ماهر مدير مدرسة العلا أن المدرسة فتحت الباب أمام أولياء الأمور للترشح لعضوية مجلس أولياء الأمور، وذلك استناداً إلى توجيهات وزارة التربية والتعليم الرامية إلى تفعيل دور هذه المجالس في دعم العملية التعليمية وتطوير بيئة المدرسة. وأوضح أن فتح باب الترشيحات يأتي لضمان إشراك أولياء الأمور بصورة مباشرة في القضايا التربوية، ونقل مقترحاتهم وملاحظاتهم، مشيراً إلى أن آخر موعد لاستقبال طلبات الترشيح سيكون يوم الجمعة المقبل.

وأشار إلى أن عضوية المجلس تخضع لعدد من الشروط والمعايير التي تضمن اختيار أعضاء فاعلين قادرين على تمثيل أولياء الأمور بأفضل صورة، موضحاً أن هذه الشروط تتضمن حصول ولي الأمر على مؤهل جامعي، وامتلاكه خبرات تربوية أو مجتمعية، إلى جانب تمتعه بعلاقات اجتماعية إيجابية، وتقديمه إسهامات ومقترحات بنّاءة تخدم المسيرة التعليمية.

وأضاف إن المجلس يشكل منصة حقيقية لتعزيز الشراكة بين الأسرة والمدرسة، والمساهمة في رصد التحديات التربوية وطرح الحلول العملية لها، فضلاً عن دعمه للبرامج التعليمية والمبادرات الوطنية التي ترسخ قيم الانتماء والولاء لدى الطلبة.

وفي هذا الإطار، قالت الدكتورة نعيمة عبداللطيف قاسم، تربوية، والمدير الإداري لمؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية: «إن دعم إدارات المدارس لدور مجالس أولياء الأمور سيعزز من نشاطها ومبادراتها النوعية التي تصب في مصلحة العملية التربوية والتعليمية، فغياب المجالس يجعل التواصل مع المدرسة روتينياً، بمعنى أهمية الشراكة بين البيت والمدرسة للارتقاء بالمنظومة التعليمية والوصول بها للغايات والتطلعات والطموحات المنشودة منها».

وأوضحت لطيفة أحمد الحوسني، مدير مدارس في أبوظبي، أن تشكيل مجالس أولياء الأمور في المدارس يعزز الثقة والصلة ما بين الأطراف المعنية بالعملية التربوية والتعليمية، فلها تأثيرات إيجابية في تفعيل العلاقة وبشكل فعال بين ولي الأمر والمدرسة وذلك في العديد من الجوانب، أبرزها تسليط الضوء على المشكلات السلوكية والتعليمية للأبناء والاجتهاد لعلاجها.

وتفعيل الأنشطة والبرامج المدرسية، وتشجيع الطلاب على المشاركة فيها. وأضافت الحوسني: «لمجالس أولياء الأمور أدوار مهمة تتمثل في تقديم الأفكار والملاحظات وحتى المقترحات المفيدة التي تكشف عن حاجات المجتمع المدرسي، وتسلط الضوء في الوقت ذاته على حاجات فئة الطلاب مما يفيد المدرسة في العمل على تحقيقها».

وأكد عدد من أولياء الأمور أن المجالس تحفل بأعضاء واعين، وهم على يقين تام بدورهم في دعم العملية التربوية، وفتح قنوات الاتصال والتعاون بين المجلس والمدرسة لتحقيق مصلحة الطالب، إلى جانب الحاجة الضرورية لتفعيل دور مجلس أولياء أمور الطلبة داخل المدارس.

وقالت هبة الفطيسي: «لمجالس أولياء الأمور أدوار مهمة تتمثل في تنظيم الأنشطة والبرامج التوعوية والملتقيات والندوات التي تستهدف الميدان التربوي وهناك تحديات تواجه مجالس أولياء الأمور تتمثل في خروج أعضاء المجلس وعدم الاستمرارية في العمل بسبب ارتباط الأغلبية بمشاغل كثيرة، وبذلك يزيد الضغط على أشخاص معينين».

ولفتت الفطيسي إلى أن المدارس قد تعدت تشكيل مجالس أولياء الأمور بشكلها النمطي، وحرصت كل الحرص على تفعيل دورها بما يثري العملية التعليمية.

وأوضحت سمية الكثيري أن هناك مجالس لها دور فعال وكبير في تحقيق الأهداف المنشودة، وأخرى صورية لا تقوم بواجباتها ولا تحقق أهدافها، حيث إن الهدف من تشكيل مجالس أولياء الأمور في المدارس هو الكادر الطلابي،.

وتكاتف الجهود لخلق جيل مثقف متفهم لأدواره في خدمة مجتمعه ووطنه. وأشارت الكثيري إلى أنه من خلال لقاءات أعضاء وعضوات مجلس أولياء الأمور بالكادر الإداري المشرف على المجالس في المدارس تتولد الأفكار والمقترحات التي من شأنها أن تصب في مصلحة الطلاب أولاً.