توقّع خبراء دوليون في اليوم الأول من «منتدى دبي للمستقبل 2025»، أن تكون الآفاق المستقبلية للمجتمعات والأنظمة والصحة العالمية مجهولة ما لم يتعزز الوصول المفتوح إلى المعرفة الإنسانية والتقنيات الذكية، التي تلعب دوراً حاسماً في تصميم المستقبل وصناعة فرصه بشكل متوازن يشمل أثره الإيجابي جميع الفئات والقطاعات والأجيال.
جاء ذلك خلال جلسات تخصصية شارك فيها المتحدثون، وناقشت المحاور الرئيسة الخمسة التي يبحثها منتدى دبي للمستقبل هذا العام وهي نظرة متعمقة في المستقبل، استكشاف المجهول، مستقبل المجتمعات، مستقبل الصحة، مستقبل الأنظمة.
قياس الاستعداد
وضمن محور نظرة متعمقة في المستقبل، ناقشت جلسة حوارية رئيسية كيفية تقييم الجاهزية للمستقبل وأدواتها، بمشاركة الدكتور رينيه روربك، رئيس كرسي الاستشراف والابتكار والتحول في كلية EDHEC للأعمال في فرنسا، والدكتور هزاع خلفان النعيمي، مساعد الأمين العام لقطاع التميز والخدمات الحكومية بالأمانة العامة للمجلس التنفيذي لإمارة دبي، والدكتورة هبة شحادة، قائدة فريق الاستشراف بمؤسسة دبي للمستقبل.
وأكد المتحدثون أن لا فائدة فعلية ترجى من الاستشراف ما لم يقترن بآليات وأدوات قياس عملية ومعيارية ومعتمدة لتقييم مستويات الاستعداد لتحديات وفرص المستقبل، وربط السياسات والاستراتيجيات المستقبلية بذلك الاستشراف.
وأكد الدكتور هزاع النعيمي أهمية بناء الثقة بين الجميع من جهات حكومية ومتعاملين وشركاء في مختلف القطاعات كأساس لتحقيق التميّز والريادة في الخدمات الحكومية التي تشكل الأساس الفعلي لتصميم مستقبل يمكّن الأفراد والمجتمعات ويحقق الاستباقية والمرونة والرقمنة وتكامل الخدمات والتجارب الحكومية المبتكرة.
وعن أهمية مؤشرات الجاهزية للمستقبل في دبي قال الدكتور النعيمي: «دبي تحقق جاهزية مستقبلية محورها الإنسان من خلال التركيز على بناء القدرات، وترسيخ ثقافة الاستعداد لفرص المستقبل، وتعزيز المهارات القيادية لتحويل تلك الفرص إلى واقع على الأرض بالتكامل بين الإبداع البشري والتقدم التكنولوجي، مع التقييم المستمر للأداء ومراجعته بالتعاون بين الجميع».
بدوره، اعتبر روربك أن التحدي اليوم لم يعد امتلاك البيانات والرؤى من قبل المؤسسات؛ بل أصبح يكمن في بناء فهم مشترك للمستقبل، والقدرة على المساهمة الفاعلة في عملية صنع القرار في المستقبل.
استكشاف بلا حدود
وفي جلسة بعنوان «كيف تلهمنا دروس الماضي لتصميم مستقبل أفضل؟» ضمن محور استكشاف المجهول بالمنتدى، اعتبرت الدكتورة سليمة إكرام، أستاذة علم المصريات بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، في الجلسة التي أدارها الدكتور آرون مانيام من «جامعة أوكسفورد»، أن صدى أنماط الماضي الحضارية الناجحة يتردد عبر مختلف الحقب الزمنية، مضيفةً: «لا بد لنا من تقدير قصتنا الإنسانية المشتركة، والموازنة بين الابتكار والحكمة، مع استخدام الذكاء الاصطناعي بحذر، لتحويل دروس الماضي إلى أدوات لتصميم مستقبل قائم على التعاون والانسجام والنمو المستدام».
من جهته، أكد ريتشارد ويز، رئيس نادي المستكشفين العالمي، في جلسة بعنوان «استكشاف الغد: هل للاستكشاف حدود؟»، أن الفضول المعرفي والإنساني تجاه المستقبل لا حد له منذ فجر البشرية، وأنه المورد الأهم في رحلة الحضارة الإنسانية نحو التقدم المستمر.
تخيّل وتخطيط
وضمن محور مستقبل المجتمعات، وفي جلسة مخصصة للمواهب الشابة ضمن برنامج زمالة المستشرفين الشباب التابع لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف»، عرضت الشابة بياتريس ويلسون، عضو البرنامج، أهمية تمكين الأجيال الصاعدة بمهارات وأدوات استشراف المستقبل من خلال مبادرات بناء القدرات المدعومة من القطاعين الحكومي والخاص والمنظمات الأممية والمؤسسات الدولية.
وفي جلسة أخرى في نفس المحور، دعا سنام كوفي أغبودجينو، مؤسسة مبادرة «وولاب» لمراكز التكنولوجيا في توغو، وتريسي وورلي، مؤسِسة «راديكال فيوتشرز»، إلى تضمين الاستشراف المبني على البيانات والمعلومات والتقنيات الذكية في تصميم سياسات واستراتيجيات مستقبل القارة الأفريقية ومجتمعات العالم ككل.
بدوره، توقّع الدكتور فالنتين فولكوف، مؤسس «إكسبانسيو» أن تقود التقنيات غير المرئية مستقبل الرعاية الصحية في مدن ومجتمعات الغد.
رعاية صحية
وفي جلسة بعنوان «كيف ستقود التكنولوجيا غير المرئية مستقبل الرعاية الصحية»، ضمن محور مستقبل الصحة، قال فولكوف إن التعايش مع التقنيات الذكية والمستقلة سيصبح واقعاً في مستقبل الرعاية الصحية، مشيراً إلى أن تقنية المراقبة البصرية باستخدام الموجات القريبة تتيح متابعة فورية لمؤشرات صحية متعددة، تشمل جفاف العين، ودرجة الحرارة، ومعدل ضربات القلب، وضغط العين الداخلي، ما يعزز القدرة على التشخيص المبكر وتحسين جودة الرعاية الصحية.
من جهته، أوضح رومان أكسلرود من الشركة نفسها أن الجيل القادم من تقنيات مراقبة الصحة يتطلب قدرات عالية في الحوسبة. وضمن محور مستقبل الصحة أيضاً، أكدت الدكتورة إلودي فريمان أستاذة الحفاظ على الطبيعة في جامعة براون، والدكتور أندرو جاردنر، المدير المساعد لإدارة الحفاظ على التنوع الحيوي بجمعية الإمارات للطبيعة، أن الرعاية الصحية المستقبلية سوف تستوحي المزيد من الممارسات الصحية الذكية من البيئة الطبيعية المحيطة بنا بالاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي على تحليل بياناتها الضخمة بسرعات هائلة.
تحوّل مستدام
وضمن محور مستقبل الأنظمة، وفي جلسة بعنوان «صعود روّاد الأعمال المائية»، أكد محمد شلباية، رئيس مجلس إدارة شركة «بيبسيكو» لقطاع المشروبات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على أهمية الاستثمار العالمي والزخم المُتزايد حول حلول المياه التي يقودها الشباب، داعياً إلى تمكين رواد الأعمال من الأجيال الشابة من المساهمة في إحداث تحوّل مستدام يقلب تحدي شح المياه إلى فرص لبناء مستقبل مرن يحقق الأمن المائي.
بدورهما، دعا كلٌ من أندرو ستينز، الأمين العام المساعد للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، وأناتولا أرابا، مؤسِسة مختبر «ري إيماجن ستوري لاب»، في جلسة بعنوان «هل أنظمة الملكية الفكرية الحالية جاهزة للمستقبل؟» إلى تطوير نظام الملكية الفكرية الحالي بسرعة كافية تواكب توسع الابتكار بمعدلات غير مسبوقة، لتمكين المبتكرين في بيئة جديدة تتيح الإبداع، في أي مكان وفي أي وقت.
