دبي- سعيد الوشاحي- تصوير عثمان ذياب
كشفت إدارة المفقودات والمعثورات في شرطة دبي، خلال جولة ميدانية رافقتها فيها «البيان»، عن تعاملها مع نحو مليونين و800 ألف معثور خلال السنوات الخمس الماضية، شملت ساعات ثمينة، ومجوهرات باهظة، وأجهزة إلكترونية متطورة، بالإضافة إلى جوازات سفر، وبطاقات هوية، وبطاقات صراف آلي.
وأكدت الإدارة أن بعض المفقودات أعيدت إلى أصحابها في زمن قياسي، لم يتجاوز خمس دقائق، بينما فوجئ آخرون باتصال الشرطة بهم، لإبلاغهم بفقد ممتلكاتهم قبل أن يشعروا هم أنفسهم بذلك.
وخلال الجولة، قالت الملازم ريم الحوسني رئيس قسم الاتصال ومتابعة الشكاوى بالإدارة، إن شرطة دبي تعتمد نظاماً ذكياً منذ عام 2020، أحدث تحولاً جذرياً في آلية العمل، حيث اختصر الإجراءات من 7 خطوات إلى خطوة واحدة فقط، وهو ما ساهم في تسريع وتيرة الإنجاز بشكل كبير، لافتة إلى أن النظام يتيح تسجيل المعثورات والمفقودات إلكترونياً، والتعامل مع البلاغات بسرعة، وهو ما أسهم في إعادة مفقودات إلى أشخاص كانوا في رحلات «ترانزيت»، قبل مغادرتهم للدولة، والتعرف إلى معثورات آخرين بعد مغادرتهم مطار دبي، حيث تم التواصل معهم، وإرسال ممتلكاتهم إلى بلدانهم عبر خدمة البريد.
احترافية العمل
وخلال الجولة، استعرضت الحوسني عدداً من الحالات التي تعكس احترافية العمل ودقته، بينها العثور على حاسوب محمول «لابتوب» لسيدة أسترالية، فقدته في قاعة «الترانزيت» بمطار دبي، وكان يحوي بيانات حساسة، تتعلق بعملها، ما سبب لها صدمة كبيرة، لكن فرحتها كانت لا توصف، حين تلقت اتصالاً من شرطة دبي حول العثور على الجهاز، وإرساله إليها في موطنها.
وأضافت إن الإدارة استعانت بالقدرات الشرطية لإعادة ساعة يد تفوق قيمتها مليون درهم إلى صاحبتها، التي لم تبلغ عن فقدانها، اعتقاداً بأنها فقدتها في مناسبة خاصة، وخشيت أن يساء الظن بأحد الحضور، غير أن شرطة دبي، بفضل ممكناتها الشرطية، تمكنت من تحديد هويتها والتواصل معها، لتكتشف أن الساعة ضاعت منها في أحد الأماكن العامة، وتم تسليمها لها في أجواء غامرة بالدهشة والامتنان.
كما روت قصة سيدة كازخستانية فقدت سوارة مجوهرات بقيمة 420 ألف درهم، وكانت عاجزة عن تذكر مكان فقدانها، بعد سفرها لعدة دول، وعبّرت عن دهشتها حين تلقت اتصالاً من شرطة دبي، يخبرها بالعثور عليها، لتسارع إلى زيارة الإدارة بنفسها، وتقديم الشكر للفريق.
مزادات علنية
وأشارت الحوسني إلى أن الإدارة تستقبل يومياً آلاف المعثورات، وقد يصل الرقم في بعض الأحيان إلى 12 ألف معثور في يوم واحد، يتم فرزها وتصنيفها حسب النوع والأهمية والقيمة، لافتة إلى أن الجزء الأكبر من المفقودات، تسلم لأصحابها خلال دقائق وساعات قليلة، فيما تحفظ البقية في مستودعات الإدارة، لحين التعرف إلى أصحابها، وفي حال تعذر الاستدلال عليهم، تحفظ المعثورات لمدة عام كامل، وبعدها تطرح في مزادات علنية، أو تتلف وفقاً للقانون، مع الاحتفاظ بقيمتها المالية لمدة تصل إلى 15 عاماً، ما يتيح لأصحابها المطالبة بها متى ما قدموا ما يثبت ملكيتهم لها.
ورصدت «البيان» خلال الجولة، استقبال مئات المعثورات المتنوعة، التي أحضرها ممثلو فنادق في الإمارة، والتي تم تسجيلها مسبقاً في النظام الإلكتروني، ثم جرى مطابقتها وفرزها وتصنيفها بدقة، تمهيداً للبحث عن أصحابها، أو حفظها في المخازن، إذ عاين فريق العمل عدداً من الساعات الفاخرة، والهواتف المحمولة والحقائب الشخصية التي يتم التعامل معها وفق بروتوكولات صارمة، لضمان الحفاظ عليها.
تتبع المعثورات
وأكدت رئيس قسم الاتصال ومتابعة الشكاوى، أن الإدارة تتلقى اتصالات واستفسارات يومية من داخل الدولة وخارجها، وتقوم بإرسال المعثورات إلى أصحابها في بلدانهم عبر البريد، مشيرة إلى أنه تم مؤخراً إعادة ممتلكات إلى أشخاص في أمريكا، وأستراليا، وبريطانيا، وهو ما يعكس الثقة العالمية في شرطة دبي، وقدرتها على تقديم خدمات استثنائية.
وأضافت أن الإدارة توفر خيارات متعددة لأصحاب المفقودات، منها الحضور شخصياً إلى مراكز الشرطة، أو طلب خدمة التوصيل، مع إتاحة خاصية تتبع المعثورات إلكترونياً.
وأشارت إلى أن شرطة دبي خصصت مستودعات كبيرة لاستقبال وحفظ المعثورات التي تسلم عبر مختلف مراكز الشرطة في الإمارة، أو إلى إدارة المفقودات، كما خصصت قسماً خاصاً لفحص وتقييم المجوهرات النادرة والأحجار الكريمة والساعات، باستخدام أجهزة متطورة، بالتعاون مع شركات متخصصة، حيث يجري إصدار تقارير وصفية دقيقة لكل قطعة، قبل أن تعرض للبيع، إذا استنفدت المدة القانونية.
وذكرت أن الإدارة تعمل في إطار شبكة واسعة من التعاون مع أكثر من 2500 جهة حكومية وخاصة داخل دبي، تشمل مطارات وفنادق ومراكز تسوق ومؤسسات خدمية، جميعها مرتبطة بالنظام الذكي لتسجيل المفقودات والمعثورات، ما يتيح الاستجابة السريعة لأي بلاغ، مشيرة إلى أن منظومة العمل المتبعة، أسهمت في رفع نسب إنجاز المعاملات بشكل غير مسبوق، ورسخت مكانة دبي مدينة ذكية وآمنة.
الذكاء الاصطناعي
وأشارت المتحدثة إلى أن الزيادة المتراكمة في أعداد الزوار والسياح إلى الإمارة، تفرض تحديات متنامية في التعامل مع المفقودات، ما يستدعي الاعتماد بشكل أكبر على الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة، داعية الجمهور إلى الاستفادة من الخدمة الذكية للمفقودات عبر تطبيقها الإلكتروني، والتي تتيح البحث والاستفسار عن المواد التي عثر عليها وسلمت للشرطة، وتشمل الأجهزة الإلكترونية، الوثائق الرسمية، المجوهرات، والمواد الثمينة، حيث يستطيع المتعامل تحديد المفقود، والتوجه مباشرة إلى مركز الشرطة لاستلامه، بعد إبراز ما يثبت ملكيته.
وأكدت الحوسني أن جهود شرطة دبي في إدارة المفقودات والمعثورات، تأتي انطلاقاً من حرصها على إسعاد المتعاملين من مقيمين وزوار وسياح، وضمان بقاء ممتلكاتهم «في الحفظ والصون»، بفضل أنظمة ذكية وكوادر بشرية مدربة، ما يعزز من شعور الأمن والطمأنينة، ويجسد توجهات القيادة في جعل دبي المدينة الأكثر أماناً في العالم.





