اختتمت النسخة الثانية من «برنامج البودكاست العربي» أعمال أسبوعها الثالث، الذي تضمن سلسلة من المحاضرات والجلسات النقاشية المهمة التي قادها نخبة من أبرز صناع المحتوى الصوتي والمرئي، مع التركيز على مجموعة من الموضوعات المتنوعة والمهمة التي تناولت أسس ومقومات التميز في عالم البودكاست، مع اتساع دائرة متابعيه في العالم العربي، وزيادة مستوى الاهتمام به، بوصفه أحد الأشكال الإعلامية الجديدة التي تحظى باهتمام المتابعين على نطاق واسع في مختلف بلدان المنطقة.
ويأتي تنظيم البرنامج في إطار رؤية دبي الطموحة لبناء مستقبل إعلامي متطور يقوم على الابتكار والإبداع، ويرسخ دور الإمارة مركزاً ريادياً في تطوير الإعلام وتحفيز صناعة المحتوى الرقمي في المنطقة، حيث يوفّر نادي دبي للصحافة من خلال هذا البرنامج منصة حيوية لتبادل الخبرات، وتطوير مهارات الشباب العربي، وتمكينهم من أدوات الإعلام الحديث، وفي مقدمتها البودكاست، الذي بات يشكل أحد أبرز أشكال الإعلام الجديد وأكثرها تأثيراً وانتشاراً.
وأكدت مريم الملا، مدير نادي دبي للصحافة بالإنابة، الجهة المنظمة للبرنامج، أن الاهتمام بتزويد صناع المحتوى بأفكار ملهمة حول هذا المجال يأتي استكمالاً لدور النادي ومبادراته الرامية إلى النهوض بقطاع الإعلام وتأكيد فرص ومقومات التميز لكل أشكاله، في حين تتصدر الأنماط الإعلامية الجديدة اهتمام النادي، حرصاً على أن تكون جهوده مثمرة في تمكين جيل جديد من الإعلاميين المؤهلين لريادة مسيرة التطوير الإعلامي، ليس فقط على الصعيد المحلي، ولكن على المستوى العربي بصورة عامة.
وقالت: «نحرص في نادي دبي للصحافة على مواكبة التحولات المتسارعة في المشهد الإعلامي العالمي، ومن هنا جاء برنامج البودكاست العربي كمنصة متكاملة تهدف إلى تطوير قدرات صناع المحتوى الصوتي في العالم العربي، من خلال التدريب العملي والنقاشات المتخصصة، وفتح آفاق جديدة أمام المواهب الإعلامية العربية لصناعة محتوى ينافس عالمياً ويعكس هويتنا الثقافية والإبداعية».
وأضافت: «يتكامل برنامج البودكاست العربي في أهدافه ومحتواه مع مختلف مبادرات النادي التي يسعى من خلالها إلى تجسيد رؤية دبي المستقبلية للإعلام ودوره الحيوي في دعم مستهدفات التنمية المستدامة بكل مساراتها الاقتصادية والاجتماعية.
وتبقى الغاية من البرنامج صقل مهارات صناع محتوى على قدر كبير من التميز بما يخدم الإعلام العربي ويمده بطاقات مبدعة وخلّاقة تثري مضمونه وتعزز رسالته.
نسعى إلى تخريج صناع محتوى صوتي يمتلكون الرؤية والمهارة، ويعكسون روح الابتكار التي تتميز بها دبي بوصفها منصة عالمية للإبداع الإعلامي».
وتضمن الأسبوع الثالث من البرنامج ورش عمل تفاعلية قدمها عدد من الخبراء في المجال، تناولت الجوانب التقنية والإبداعية لإنتاج البودكاست، مثل كتابة النصوص الصوتية، وأساليب رواية القصة، وإدارة الحوار، والإنتاج والتوزيع عبر المنصات المختلفة.
كما تطرق البرنامج إلى آليات بناء الهوية الصوتية والسمعية للمحتوى، التي تميز البودكاست الناجح، إضافة إلى جلسات نقاشية سلطت الضوء على تجارب ناجحة في عالم البودكاست من مختلف أنحاء العالم العربي.
وسيلة فعالة
وأوضحت محفوظة عبدالله، مسؤولة تطوير المواهب الإعلامية بنادي دبي للصحافة، أن البودكاست لم يعد مجرد صيغة إعلامية بديلة، بل أصبح وسيلة فعالة للتأثير الإيجابي وبناء المجتمعات الحوارية حول موضوعات متخصصة ومجالات متنوعة، وقالت: «دائرة جمهور البودكاست في العالم العربي آخذة في الاتساع، وهناك اهتمام متزايد بإنتاج محتوى رقمي عالي الجودة يواكب تطلعات المتابعين من مختلف الفئات العمرية والاهتمامات.
وعبر هذا البرنامج، نركز على متطلبات التميز في هذا المجال، مع توفير الأدوات العملية والتوجيه للمواهب الساعية للنجاح».
ويعكس تنظيم برنامج البودكاست العربي حرص نادي دبي للصحافة على تعزيز مكانة دبي محوراً إعلامياً إقليمياً وعالمياً، ومختبراً مفتوحاً لأفكار الإعلام المستقبلية، حيث يتواصل العمل على دعم الأجيال الجديدة من الإعلاميين والمحتوى المؤثر الذي يخدم المجتمع ويوصل صوته للعالم.
وقد منح البرنامج للمشاركين مهلة ضمن أسبوعه الثاني، لكي ينفذ كل منهم تطبيقاً عملياً لمشروع بودكاست يبرز من خلاله مدى الاستفادة من المحتوى المقدم، ويجسد ما تعلموه في الوحدات السابقة، حيث تمت مراجعة تلك المشاريع من قبل لجنة متخصصة، وذلك لتقييم كل منها، ومن ثم تحديد التأسيس على ضوء نتائج التقييم للمرحلة الثانية المتقدمة من البرنامج.
جلسات تطبيقية
وقدم البرنامج في مرحلته الثانية وخلال أسبوعه الثالث مجموعة من الجلسات العملية، أتاحت للمشاركين الاستفادة من نخبة من الخبرات المتميزة في مجال البودكاست، حيث كانت البداية مع جلسة بعنوان: «رحلتي مع المايك: 5 سنوات من الشغف والبودكاست»، قدمها عبدالله النعيمي، صاحب بودكاست «كرسي الاثنين»، حول نغمة الصوت الصحيحة، وتخطيط المحتوى، في حين استعرض الإعلامي محمد سالم، من شبكة الإذاعة العربية، خلال جلسة بعنوان: «صناعة الهوية الصوتية» تعريف الهوية الصوتية لمقدم البودكاست والخطوات العملية لتأسيسها.
وقدمت المنتجة والمذيعة دانة أبو لبن، مقدمة بودكاست «أحاديث بتشبهنا»، جلسة بعنوان: «فن الحوار: أسرار التأثير في الجمهور»، ودارت حول فن طرح الأسئلة وكيفية بناء سيناريو مبدع للحوار وسبل الحفاظ على جمهور مستدام، أما جلسة «كيف تبني فكرة بودكاستك خطوة بخطوة»، فتحدثت خلالها مقدمة البرامج والخبيرة الإعلامية دجى بن فرج، من مؤسسة دبي للإعلام، عن كيفية تحويل الأفكار الإبداعية إلى مشروعات بودكاست ناجحة، أما جلسة «فن ومهارات إجراء المقابلات» فقد تحدثت فيها الإعلامية مايا حجيج، المذيعة في اقتصاد الشرق مع بلومبرغ، ومقدمة بودكاست «قهوة وخبرية»، حول كيفية تحديد فكرة البودكاست وبناء هوية البرنامج وأهم مهارات إجراء المقابلات.
وشملت جلسات الأسبوع الثالث جلسة لمقدم بودكاست «ورق» محمد فارس، بعنوان: «اليوتيوب كمنصة للبودكاست»، استعرض فيها متطلبات تجهيز القناة والإنتاج بالصوت والصورة، وتحسين فرص انتشار البودكاست من خلال العناية بالعناوين والأوصاف والخوارزميات، وتحليل البيانات لتطوير محتوى تفاعلي.
وخلال جلسة: «كيف تصنع محتوى لا يُفوّت من البودكاست؟»، التي قدمتها دنيا أبي ناصيف، مديرة البرامج الإقليمية والتعليم في METAPSAKZ، حول دور المنصة العالمية في اكتشاف المحتوى الصوتي، ومقومات بناء مقاطع جذابة، واستراتيجيات النمو على «تيك توك» من خلال أدوات إبداعية.
كذلك قدّم بدر العوضي، الشريك المؤسس ومقدم بودكاست «ذا دايركشن»، جلسة بعنوان: «كيف يصبح الصوت محتوى»، تناول فيها تاريخ صناعة البودكاست وأهميته كوسيلة إعلامية حديثة.
واختتم «برنامج البودكاست العربي» أسبوعه الثالث بجلسة عُقدت في مقر شركة «ميديا كاست»، بعنوان: «أساسيات استوديو البودكاست: التسجيل، التحرير، والنشر»، تحدث فيها مهندس الصوت في «ميديا كاست» محمود محمد، حول كيفية اختيار المعدات الاحترافية والبيئة النموذجية للتسجيل الصوتي، وتقنيات المونتاج، مع تقديم مجموعة من التطبيقات العملية.
ويعد البودكاست أحد أبرز أشكال الإعلام الرقمي التي شهدت نمواً متسارعاً في السنوات الأخيرة، مدفوعاً بتغير سلوك الجمهور واعتمادهم على المحتوى عند الطلب.
وتشير تقارير متخصصة إلى أن جمهور البودكاست في العالم العربي يتزايد بوتيرة ملحوظة، خاصة بين فئة الشباب، في ظل توفر المنصات الرقمية وانتشار الهواتف الذكية.
وقد أسهم هذا التوجه في خلق بيئة إعلامية جديدة تتيح للأصوات المستقلة الوصول إلى الجمهور دون الحاجة إلى مؤسسات تقليدية.
