«أسبوع مستقبل المدن» يبحث تحولات الحوكمة الحضرية وإعادة تعريف «الجاهزية» والاستدامة

انطلقت أمس فعاليات «أسبوع مستقبل المدن» الذي يُنظمه ويستضيفه متحف المستقبل بالشراكة مع بلدية دبي، بمشاركة واسعة من قادة الفكر والمسؤولين والخبراء وصناع القرار من داخل الدولة ومختلف أنحاء العالم، لبحث تحولات الحوكمة الحضرية واستشراف ابتكارات تعيد تعريف جاهزية المدن واستدامتها في عصر التحول الرقمي والمناخي.

ويُعقد «أسبوع مستقبل المدن» الذي يختتم أعماله اليوم، تحت شعار «إعادة تعريف مستقبل المدن والمجتمعات.. معاً نبتكر مدن المستقبل»، بمشاركة 40 متحدثاً من مختلف دول العالم، ليشكل منصة عالمية للحوار العملي واستشراف الحلول الحضرية المبتكرة.

وتتضمن فعاليات الأسبوع جلسات حوارية متخصصة واجتماعات وورشاً متقدمة ومعارض تفاعلية تُبرز مكانة دبي مركزاً عالمياً لابتكار مفاهيم التخطيط الحضري الذكي وصياغة المدن المستقبلية.

وأكدت معالي آمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة، خلال مشاركتها كلمة رئيسية ضمن فعاليات «الأسبوع» أن الإمارات تطور نموذجاً عالمياً للاستدامة الحضرية يرتكز على حوكمة الابتكار وتسخير التكنولوجيا لتعزيز جودة حياة المجتمعات، وقالت: «تنتهج قيادة دولة الإمارات مساراً للتنمية يتمحور حول الإنسان، وهو ما يشكل الركيزة الأساسية لاستراتيجياتنا ومشاريعنا الوطنية».

وأضافت معاليها: «نعمل على تصميم مستقبلٍ يكون فيه الابتكار جسراً يربطنا بالأنظمة البيئية التي تقوم عليها حياتنا.

ويتجسد هذا الالتزام في تخطيطنا الحضري، حيث تسهم معايير البناء الأخضر والبنية التحتية الموفرة للطاقة في تعزيز الراحة والصحة والسلامة في منازلنا وأماكن عملنا، ودعم جهود التخفيف من آثار تغيّر المناخ والتكيّف معها من أجل مستقبلنا المشترك. وعلى مدى عقود عدة، اعتمدت اقتصادات العالم على استهلاك الموارد لتحقيق النمو، وندرك اليوم أنه لا يمكننا مواصلة هذا النهج، كما ندرك أنه يمكننا الازدهار من دون الإضرار بالبيئة».

منصة استشرافية

وبدوره، قال المهندس مروان أحمد بن غليطة مدير عام بلدية دبي في كلمته الافتتاحية: «يقدم أسبوع مستقبل المدن منصة لاستشراف مستقبل الحوكمة الحضرية والإدارة الذكية للمدن وكيفية تعزيز التكامل الحكومي لتحويل التحديات إلى فرص تنموية تدعم ملامح نموذج دبي كمدينة للمستقبل، لا سيما في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم، والتي تدفعنا إلى تبني نهج استباقي لاستشراف المستقبل والتكيف معه، مستمدين هذا المسار من رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بأن المستقبل لا يُنتظر بل هو ملك لمن يتخيله ويصممه ويبنيه وينفذه اليوم».

وأكد مروان بن غليطة أن التكامل الحكومي ركيزة محورية لتحقيق رؤية دبي بأن تكون أفضل مدينة للعيش والعمل والزيارة في العالم، وترسيخ تجربتها المدينة الأجمل والأكثر جاذبية ورفاهية للإنسان.

وأضاف: «من خلال هذا الحدث، نؤكد في بلدية دبي التزامنا الراسخ بتعزيز النماذج المرنة للحوكمة، وتطوير ممارسات بلدية مستقبلية ترتكز على الابتكار والاستدامة، لبناء مستقبل يركز على تحولات أساسية أبرزها كيف ننتقل من المدن الذكية نحو المدن التنبؤية، وكيف نصمم جَودة الحياة للإنسان الذي هو محور كل الخطط التنموية والمشاريع التي توفر تجربة حضرية متكاملة تهدف إلى تعزيز رفاهية وسعادة وجَودة حياة سكان دبي.

مدن مرنة

من جهته، قال خلفان جمعة بلهول، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل: «يجسد هذا الحدث الذي ينظمه متحف المستقبل بالشراكة مع بلدية دبي أهمية تبادل الخبرات والمعرفة لبناء مدن أكثر مرونة واستعداداً للتحوّلات المقبلة، في ظل التحديات والفرص غير المسبوقة في التكنولوجيا والحوكمة والمناخ والمجتمع، ما يجعل من الاستشراف والتجريب أدوات أساسية لتصميم حلول قابلة للتطبيق على أرض الواقع».

وأضاف: «نعمل بالشراكة مع بلدية دبي على توحيد جهود الخبراء وقادة الفكر من مختلف أنحاء العالم لابتكار نماذج حضرية أكثر تكاملاً وإنسانية، ونطمح أن تكون مخرجات هذا الحدث نقطة انطلاق لمشروعات وشراكات جديدة تُسهم في تطوير مدن قادرة على التكيّف والنمو، بما يُرسّخ مكانة دبي منصةً ومختبراً عالمياً لصياغة مستقبل الحوكمة الحضرية المستدامة».

تعزيز الجاهزية

وانطلقت أعمال اليوم الأول تحت عنوان «الأنظمة الحضرية والحوكمة والابتكار»، مركزةً على كيفية تعزيز جاهزية المدن للمستقبل عبر تقوية المرونة المؤسسية والعمل كنُظم قابلة للتكيف والاستجابة. وركّز المشاركون على أهمية تعزيز الحوكمة «وذكاء القرارات» والتخطيط الاستباقي لمستقبل مختلف القطاعات.

محاور متنوعة

وغطت النقاشات محاور رئيسية، من بينها الجاهزية للمستقبل، والبنية التحتية الرقمية والنُظم الذكية، والتكامل بين البيانات المفتوحة والذكاء الاصطناعي والتحليل التنبّؤي في دعم صنع القرار المحلي، مع إبراز أهمية توظيف النماذج التجريبية في الحوكمة لتعزيز جودة الحياة وكفاءة الخدمات.

كما قدّم خبراء التخطيط الحضري ومديرو البرامج الحضرية أوراق عمل ركّزت على حلول رفع المرونة المؤسسية وتقييم جاهزية الخدمات الحضرية، وأطر ذكاء القرار لتسريع الاستجابة الحضرية العابرة للقطاعات، والتكامل بين البنية الرقمية والحوكمة المحلية لتعزيز كفاءة التشغيل الحضري، ونماذج التصميم التشاركي ومقاربات إشراك المجتمع والقطاع الخاص في صياغة الفضاءات العامة، ودراسات حالة من دبي تُبرز توجهات المدن المستقبلية ومشاريع جارية في الاستدامة والتقنيات الحضرية.

متحدثون بارزون

وتضمنت قائمة المتحدثين المشاركين في جلسات اليوم الأول عبدالعزيز الجزيري نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، وأحمد بُوخش مؤسس وكبير المهندسين المعماريين في «آركي أيدنتيتي» للاستشارات المعمارية، وكريستوس باساس، مدير شركة «زها حديد» للهندسة المعمارية، والدكتورة الأميرة ريم الهاشمي، المديرة العامة لشركة «مدار -39»، وإل-سام بارك، الشريك في شركة «فوستر وشركاه»، ومروان عبدالعزيز جناحي، النائب الأول لرئيس مجموعة «تيكوم». واختُتمت الجلسات بكلمة كارلو راتّي، مدير التخطيط في «مختبر سينسبل سيتي» التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

اليوم الثاني

وتتواصل فعاليات أسبوع مستقبل المدن في يومها الثاني اليوم تحت عنوان «المدن الرقمية ومستقبل المجتمعات»، بهدف تسليط الضوء على دور الأنظمة الرقمية والتصميم المبتكر والشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص في تشكيل مجتمعات حضرية أكثر ترابطاً وشمولاً ومرونة، عبر عدد من الكلمات الرئيسية وحلقات النقاش والعروض التقديمية.