تطرق تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إلى خطر وشيك يهدد مدينة إسطنبول التركية، لافتاً إلى أنّ شيئاً مرعب يحدث في أعماق بحر مرمرة.
وذكر التقرير أن صدعاً جيولوجياً يقع أسفل هذا المسطح المائي الداخلي، الذي يربط البحر الأسود ببحر إيجه، لفت انتباه العلماء. وعلى مدى العقدين الماضيين، شهدت المنطقة زلازل متزايدة القوة، تتحرك تدريجياً نحو الشرق.
ووفقاً للتقرير الذي استند إلى دراسة علمية نُشرت في مجلة Science، فإن سلسلة من الزلازل المتوسطة التي شهدها صدع مرمرة الرئيسي خلال العقدين الماضيين تُظهر نمطاً مقلقاً يتمثل في انتقال النشاط الزلزالي تدريجياً نحو الشرق، أي باتجاه إسطنبول التي يقطنها نحو 16 مليون نسمة.
وأوضح الباحثون أن أحدث هذه الزلازل وقعت في أبريل الماضي، وبلغت قوتها 6.2 درجات، وهو الأقوى ضمن تسلسل زلزالي بدأ عام 2011.
ويرى معدّو الدراسة أن استمرار هذا النمط قد يؤدي إلى كسر جزء «مقفَل» من الصدع بطول يتراوح بين 9 و13 ميلاً، ما قد يحدث زلزالاً بقوة 7 درجات أو أكثر.
وقال ستيفن هيكس، عالم الزلازل في كلية لندن الجامعية، إن «إسطنبول باتت في مرمى الخطر»، مشيراً إلى أن الجزء الهادئ من الصدع الواقع جنوب غربي المدينة لم يشهد تمزقاً كبيراً منذ زلزال عام 1766 الذي بلغت قوته 7.1 درجات.
من جهتها، أكدت باتريسيا مارتينيث-غارسون، عالمة الزلازل في مركز GFZ هيلمهولتز لعلوم الأرض في ألمانيا وأحد مؤلفي الدراسة، أن «الزلازل لا يمكن التنبؤ بها»، لكنها شددت على أهمية فهم الآليات التي قد تقود إلى حدوثها، داعية إلى التركيز على إجراءات التخفيف من المخاطر وتعزيز أنظمة الرصد المبكر.
ورغم أن بعض العلماء أبدوا حذراً إزاء الاعتماد على عدد محدود من الزلازل لرسم نمط واضح، فإنهم أجمعوا على أن الإجهاد التكتوني يتراكم بشكل خطير على هذا الصدع.
وقالت جوديث هوبارد، عالمة الزلازل في جامعة كورنيل، إن «زلزالاً مدمراً في منطقة إسطنبول هو مسألة وقت»، محذّرة من أن اتجاه التمزق قد يكون نحو الشرق، أي باتجاه المدينة.
وأشار الخبراء إلى أن حجم الكارثة المحتملة لا يتوقف على قوة الزلزال فحسب، بل يرتبط أيضاً بعوامل بشرية، من بينها التوسع العمراني غير المنظم، وضعف تطبيق معايير البناء، والتشييد على تربة غير مستقرة، وهي عوامل تجعل إسطنبول عرضة لخسائر جسيمة في حال وقوع زلزال كبير.
وتأتي هذه التحذيرات في بلد لا يزال يعاني من تداعيات زلزال فبراير 2023 المدمر، الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، وأسفر عن مقتل أكثر من 55 ألف شخص، ما أعاد إلى الواجهة المخاوف من تكرار سيناريو كارثي في قلب العاصمة الاقتصادية لتركيا.