غزة.. هل يعم السلام بـ «مجلس السلام»؟

تزداد المعطيات المتقاطعة حول مستقبل قطاع غزة بعد الحرب، والتي تؤشر على فسحة تكاد تكون موقوتة، ما لم تتبلور على إثرها تسوية سياسية نهائية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإن أصابها وهج «نزع السلاح» لدرجة تجعلها قد لا تنجو من كابوس انفجار قادم.

المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار أصابها ضمور كبير، وخروقات عدة، بينما بدت المرحلة الثانية أسيرة لمقتضيات قد تعيد الأمور في قطاع غزة إلى المربع الأول، ما يعني وفق مراقبين، أن شبح الحرب ابتعد، لكن من دون أن يتبدد.

في قطاع غزة، ينتظر النازحون مفاجأة سياسية، تقلب كل التقديرات المتشائمة، ربطاً بمآلات المرحلتين الأولى والثانية، فيما الأوساط السياسية العربية والدولية، أخذت تقلع لإعادة الاعتبار لاتفاق وقف إطلاق النار، في حين انشغلت الإدارة الأمريكية بإعادة رسم خريطة غزة بعد الحرب، بجهد سياسي ركيزته الأساسية مجلس السلام.

لكن هذه الجهود، لم تسقط من قراءات المراقبين، فرضية تصعيد عسكري، في ضوء إغراق المرحلة الأولى من الخطة الأمريكية بجولات توتر وخروقات لوقف إطلاق النار، لدرجة بدت هذه الخروقات وكأنها «الاسم الحركي» للحرب.

في تل أبيب، يعتبرون نزع سلاح حركة «حماس»، ليس عائقاً فقط أمام الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، وإنما أمام أي تسوية سياسية شاملة، وعليه، فلم يكن مستبعداً إسرائيلياً، استمرار التلويح باللجوء إلى القوة العسكرية، رغم دعوات واشنطن، لتغليب لغة الدبلوماسية، ومنع الانزلاق نحو تصعيد كبير.

«لسنا في وضعية سلام حتى بعد مرور شهرين على وقف الحرب على قطاع غزة، بالمفهوم الذي يعني فقط وقف الإبادة والتهجير، والجهود السياسية لم تحجب سحب التصعيد، ولا حرب الاستنزاف، التي تحاول إسرائيل فرضها» هكذا علق الكاتب والمحلل السياسي رائد عبدالله، معتبراً أن إسرائيل لم تلتزم باتفاق التهدئة.

واستذكر في حديث لـ«البيان» عقبات صعبة واجهت تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار في غزة، وحالت دون الدخول في الثانية، مرجحاً أن تلجأ إسرائيل لإطالة أمد المرحلة الأولى، بما يمنحها السيطرة على نصف مساحة القطاع، لأطول فترة ممكنة.

وإزاء مطالبات عربية وإسلامية باستبعاد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، عن أي دور في إدارة قطاع غزة ضمن مجلس السلام، نظراً لسيرته الذاتية السلبية في المنطقة العربية، وخصوصاً لجهة تأييد الغزو الأمريكي للعراق 2003، سيظل مجلس السلام عائماً، بل وفق مراقبين، ربما تختزله زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إلى واشنطن، أواخر ديسمبر الجاري، وفي الآن ذاته، ستظل الوعود الأمريكية بإحلال السلام في قطاع غزة، تتعاقب دون تطبيق أي منها على الأرض.

وفي الصدد، ترى الكاتب والباحثة السياسية سنية الحسيني، أن مجلس السلام، الذي تضمنه القرار الأممي رقم 2803 لا يمثل هيئة دولية أو شخصية قانونية، وإنما تشكل بقرار أمريكي فردي، معتبرة أنه لا يعكس إدارة انتقالية مفوضة ومحايدة، بحسبانه يعكس مصالح أمريكا وأهدافها، بل وجوده يخلق منطقة قانونية رمادية، مضيفة: «مجلس السلام يستمد مكانته وقوته من مكانة وقوة الإدارة الأمريكية، ويضعف فرص الفلسطينيين في إدارة شؤون قطاع غزة ورسم مستقبله».

وليس أبناء غزة وحدهم، الشهود على استمرار الحرب وإن بصور وأشكال مختلفة، بل تشهد على ذلك عديد المنظمات الأممية والعالمية، فتتعاقب الأدلة على نهج إسرائيلي في إطالة الحروب، فهل يحل السلام، بمجلس السلام؟