ألمح متحدثون أمريكيون، في تصريحاتهم الأخيرة، إلى قلق ينتابهم من تأخير الدخول في المرحلة الثانية من خطة الرئيس دونالد ترامب، والتي أفضت إلى وقف الحرب على غزة، محذرين من أن هذا التأخير ربما يدفع نحو تفجير الأوضاع من جديد، ويزيد من احتمال مواجهة قادمة، وإن بصورة مختلفة عن الحرب التقليدية، التي استمرت عامين.
المتحدثون أعربوا عن قلقهم من استمرار حالة الجمود السياسي التي أعقبت إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وبالتالي غياب القدرة على تنفيذ بنود الاتفاق، ما يتطلب إجراءات مغايرة عن تلك التي رافقت المرحلة الأولى، وتخللها خروق عدة.
وفق ما رشح لـ«البيان» من مصادر واسعة الاطّلاع، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سيعلن منتصف ديسمبر الجاري، تفاصيل المرحلة الثانية، وتركيبة مجلس السلام، والقوات الدولية التي ستتواجد في قطاع غزة، واللجنة التي ستدير شؤون القطاع.
واستناداً إلى المصادر شديدة الخصوصية، فإن اختيار الشخصيات التي ستمثل اللجنة الفلسطينية، وتفاصيل القوة الدولية، باتت في مراحلها النهائية، إذ سيتكون مجلس السلام المرتقب من 10 أشخاص، برئاسة ترامب، على أن تتبع له إدارة دولية يرأسها الثلاثي توني بلير، كوشنير، وويتكوف، في حين اللجنة الفلسطينية ستضم نحو 15 شخصية.
من وجهة نظر مراقبين، فإن الإدارة الأمريكية لديها القدرة على فرض المرحلة الثانية، من خلال الضغط على الطرفين «حماس» وإسرائيل، وتالياً استكمال مراحل الاتفاق، ولاحقاً فتح قناة سياسية، تقود إلى الحل النهائي والشامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وبالاستناد إلى النخب السياسية، فأي حديث عن الدخول في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، يجب أن يسبقه إجراءات عملية أمام كل ما من شأنه أن يخرق الاتفاق، ويدفع باتجاه التوتر والتصعيد، مع استكمال تنفيذ بنود المرحلة الأولى، وخصوصاً لجهة فتح المعابر وإدخال المساعدات.
فيرى الكاتب والمحلل السياسي رجب أبو سرية، أنه بمجرد إعلان موافقة طرفي الحرب على الخطة الأمريكية التي قدمها الرئيس ترامب في شرم الشيخ، فلم يعد الأمر بين يدي «حماس» وإسرائيل، إذ وقف الحرب تطلب أولاً فرض وقف القتال عليهما، وإن لم تحقق التهدئة، كل ما كان يطلبه أو يشترطه الطرفان.
ويشير أبو سرية إلى مضي نحو شهرين على اتفاق وقف إطلاق النار، من دون أن تتوقف الحرب بشكل نهائي، وبرأيه لم يتم الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق، لأن إسرائيل أجبرت على الخطة الأمريكية، وقبلت بها بطموح أن تنجح في عدم وقف الحرب، موضحاً: «إسرائيل بدأت تستجيب لمقترح ترامب، مع تسخين جبهات أخرى في الضفة الغربية ولبنان وسوريا، للإبقاء على نار الحرب الإقليمية مشتعلة، ولكي يضمن بنيامين نتنياهو بقاء ائتلافه في الحكم».
ولم تكن هذه المرة الأولى، ووفق معطيات على الأرض، فمن شبه المؤكد أنها لن تكون الأخيرة، التي يعبّر فيها مسؤولون أمريكيون عن مخاوفهم من عدم الدخول في المرحلة الثانية من اتفاق غزة، بحسبان هذا يضر بمساعي واشنطن السياسية وسمعتها الدبلوماسية.
وعدّ مراقبون، الحراك الأمريكي الأخير، لولوج المرحلة الثانية من اتفاق غزة، بأنه مهم وضروري، على أن ترفق المساعي السياسية بخطوات عملية، لكي تؤتي ثمارها، وتعود بالفوائد على أهل غزة، الذين لا ينفكون عن مطالبة واشنطن بإثبات قدرتها على فرض الاتفاق.
