ما بين لغتي التصعيد واستكمال اتفاق وقف إطلاق النار، ثمة حراك سياسي ينشط لكسر الجمود حول المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية التي أفضت إلى وقف الحرب على قطاع غزة، وهدفه الأساس تثبيت التهدئة.
وما بين صخب الحرب التي ما زال صداها يتردد في أرجاء القطاع، وباتت محكومة بسؤال ملح ومشروع: متى يتوارى شبح الحرب بشكل نهائي؟ ثمة إشارات مقلقة جاءت من الدوحة، بأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار باتت مقلقة، ما يعني أن مسرح مواجهة قادمة بات جاهزاً.
وجلي أن القرار الأمريكي الذي أقره مجلس الأمن الدولي ينطوي على احتمالات خطيرة، في حال قامت القوات الدولية بنزع السلاح من أيدي عناصر حركة حماس، من دون أن توقف الخروقات الإسرائيلية المستمرة لاتفاق وقف النار.
في الأيام الأخيرة، تململت مبادرات عربية ودولية، لبث الروح في شرايين المرحلة الثانية، التي بدت متيبسة، وكان سبقها اتصالات سياسية لوفد من حركة حماس مع رئيس جهاز المخابرات العامة المصري، اللواء حسن رشاد، ومما توافر من معلومات لـ«البيان»، فإن الفكرة لاستضافة وفد الحركة في القاهرة هدفت لتذليل العقبات أمام خطوات جادة لاستكمال المرحلة الأولى والتي لم تنته بعد، والشروع في مراحل الخطة الأمريكية الأخرى.
الحركة أوضحت أنها تريد وقفاً تاماً للحرب بكل صورها وأشكالها، وإدخال كامل المساعدات الإنسانية، وتنفيذ كل ما نص عليه الاتفاق، وإسرائيل من جانبها تقول إن حركة حماس لم تستكمل ما عليها، وحسب مراقبين، فهناك حقيقة واحدة تؤكدها الحالة الراهنة في هدنة غزة، وهي أن المرحلة الثانية يجب أن تتبلور في إطار جديد، وصيغ تستند إلى تغيير جذري في التنفيذ، بما يلبي طموحات أهل غزة، ويمنحهم الحق في الأمن والأمان، ووقف الغارات التي ما زالت تهز مضاجعهم.
ووفق المحلل السياسي، محمـد دراغمة، فإن المرحلة الثانية ستكون الأعقد، لكونها تنطوي على ملفات صعبة، يبرز في مقدمتها تسليم السلاح، والانسحاب الإسرائيلي من غزة، موضحاً أن إسرائيل لا تريد أن تنسحب، وحماس لا تريد أن تلقي السلاح. ويمضي دراغمة إلى القول: السؤال الذي يطرح بقوة: أين أمريكا من خروقات الجانبين؟ الجانب الأمريكي ترك الأمر لغرفة عمليات القاهرة، التي ما زالت تغرق في تفاصيل كثيرة حول الخروقات ومن تحرك على الخط الأصفر، من التزم ومن خرق، لكن ثمة ما يؤشر إلى تغيير قادم يترقبه الغزيون، وينتظر أن يلقي بظلاله على المرحلة الثانية.
وفيما دبت الحياة في الأروقة السياسية، توطئة لمرحلة جديدة، ينتظر أن يتبعها حل لكل القضايا العالقة في هدنة غزة، باعتبارها مفتاح تثبيت اتفاق وقف الحرب، يرى غزيون أن هامش المناورة السياسية أخذ يضيق، والصورة تبدو ضبابية بشأن المرحلة الثانية.
وفي نظرة فاحصة، يرى الكاتب والمحلل السياسي، رائد عبدالله، أن ثمة حلولاً يمكن التوصل إليها من خلال قرارات جراحية تحمل معها العلاج، وهذا يحتاج لتنازلات مؤلمة، بعيداً عن ردود الفعل المدمرة.
وبرأيه تكتسي المرحلة الثانية أهمية كبرى، حيث تبحث الأطراف المعنية عن حل للخروج من عنق زجاجة الجمود السياسي، وتعزيز فرص التسوية السياسية، موضحاً أن المنطقة على أعتاب مرحلة صعبة، عنوانها الترقب والبحث عن الاستقرار.. فهل يتولد من ثنايا الاتصالات السياسية ما يعطي مساحة أكبر لمرحلة ثانية من الخطة الأمريكية، كل ما تنطوي عليه من وجهة نظر مراقبين، يبدو عصياً على الحل؟