خطة أميركية لتقسيم غزة إلى منطقتين

إعادة الإعمار تشمل القسم الإسرائيلي إلى حين نزع سلاح حماس

تبحث الولايات المتحدة وإسرائيل خطة لتقسيم قطاع غزة إلى منطقتين منفصلتين، واحدة تحت السيطرة الإسرائيلية وأخرى تحت سيطرة حماس، مع تنفيذ عمليات إعادة الإعمار فقط في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل، كحل مؤقت إلى حين نزع سلاح الحركة وإخراجها من الحكم.

وبحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، قدم نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس وصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر ملامح هذه الخطة خلال مؤتمر صحفي في إسرائيل، حيث وصلا للضغط على الطرفين من أجل الالتزام بوقف إطلاق النار الحالي، والذي بموجبه سحبت إسرائيل قواتها إلى حدود تتيح لها السيطرة على نحو 53% من مساحة القطاع.

قال فانس إن هناك «منطقتين في غزة: واحدة آمنة نسبياً، وأخرى شديدة الخطورة»، مضيفاً أن الهدف هو توسيع الرقعة الآمنة تدريجياً. وأوضح كوشنر أنه «لن تُخصَّص أي أموال لإعادة إعمار المناطق التي تظل تحت سيطرة حماس»، بل سيجري التركيز على «بناء الجانب الآمن» ليصبح نموذجاً لـ«غزة جديدة» توفر للفلسطينيين مكاناً للعيش والعمل.

اعتراض عربي على التقسيم

بحسب الصحيفة، أثارت هذه الخطة قلق الوسطاء العرب، الذين أكدوا أن الأميركيين والإسرائيليين طرحوها خلال محادثات السلام. وترى الحكومات العربية أن تقسيم غزة قد يؤدي إلى فرض منطقة سيطرة إسرائيلية دائمة داخل القطاع، وترفض المشاركة في أي ترتيبات أمنية على هذا الأساس.

دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر، ورُسمت «خطوط صفراء» على الخريطة توضح مناطق سيطرة الجيش الإسرائيلي، وهي مناطق محاذية للحدود وتشكل حزاماً يلتف حول الجزء المتبقي من سيطرة حماس.

معضلة نزع السلاح

تهدف الخطة في جوهرها إلى تجاوز معضلة نزع سلاح حماس وإقامة سلطة بديلة لإدارة القطاع وتأمين البيئة اللازمة لمشاريع إعادة الإعمار. وتتضمن رؤية ترامب تشكيل هيئة من «التكنوقراط» لإدارة القطاع، إلى جانب قوة أمنية دولية، غير أن التفاصيل لا تزال قيد النقاش.

ترى العديد من الدول العربية أن السلطة الوطنية الفلسطينية هي الجهة التي ينبغي أن تتولى الإشراف على القطاع، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يعارض منحها أي دور.

كوشنر يقود المبادرة

قال مسؤولون في البيت الأبيض إن كوشنر هو العقل المحرك وراء خطة التقسيم، بالتعاون مع المبعوث الخاص ستيف ويتكوف، وقد حصلت الخطة على دعم ترامب وفانس. لكن الخطة لا تزال تواجه تساؤلات كبيرة، مثل كيفية إدارة الحياة اليومية للفلسطينيين في المنطقة الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي، وكيفية منع عناصر حماس من التسلل إليها، إذ يجري طرح برنامج تدقيق وفحص أمني تديره السلطات الإسرائيلية.

الأهداف الإسرائيلية

حظيت الخطة بدعم بعض المحللين الإسرائيليين، إذ يرون أنها قد تضعف حماس سياسياً وتتيح لإسرائيل التمدد التدريجي على حساب مناطق سيطرة الحركة، مع تعزيز «منطقة عازلة» لحماية التجمعات الإسرائيلية المحاذية للقطاع والتي تعرضت لهجوم في 7 أكتوبر 2023.

قال عوفر غوترمان، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن «الخطة قابلة للتنفيذ ومثالية من وجهة نظر إسرائيلية».

وأضاف أمير عفيفي، وهو مسؤول أمني إسرائيلي سابق، أن المبادرة تستلهم خططاً سابقة لإنشاء «جزر خالية من حماس» داخل القطاع، لكنها أكثر طموحاً هذه المرة. ورغم أن تلك الخطط السابقة فشلت أو قوبلت بانتقادات، إلا أن عفيفي يرى أن إسرائيل قد تسعى لتوسيع منطقتها إذا لم تتنحَّ حماس.

المخاوف الفلسطينية

قالت الباحثة تهاني مصطفى، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن الفلسطينيين يخشون منذ بداية الحرب أن تعيد إسرائيل إنتاج نموذج الضفة الغربية في غزة، عبر فرض سيطرة أمنية كاملة ودفع السكان إلى جيوب صغيرة ومعزولة.

وأضافت: «لطالما مثلت غزة آخر رقعة جغرافية متصلة يمكن أن تشكّل نواة لدولة فلسطينية. مثل هذه الخطة قد تُحوّل هذه المخاوف إلى واقع».

المطلب الأميركي الإسرائيلي لنزع سلاح حماس من دون ضمانات ملموسة لعملية سلام يجعل، بحسب مصطفى، «النتيجة النهائية حالة جمود سياسي» يصعب الخروج منها.