دخلت شاحنات المساعدات إلى غزة، أمس، واستأنفت إسرائيل الاستعدادات لفتح معبر رفح بعد حل خلاف يتعلق بإعادة جثث الرهائن الذين لقوا حتفهم والذي هدد بعرقلة اتفاق وقف إطلاق النار. وأظهرت مقاطع مصورة أول مجموعة من الشاحنات تتحرك من الجانب المصري من الحدود إلى معبر رفح فجر الأربعاء، وكان بعضها يحمل الوقود وأخرى محملة بالمساعدات.
وأفادت وسائل إعلام مصرية، بدخول 200 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، أمس. وذكرت قناة القاهرة الإخبارية، أن مئات الشاحنات ضمن قافلة المساعدات الإنسانية تنتظر الدخول إلى قطاع غزة عبر منفذي كرم أبو سالم والعوجة، المعنيَّين بدخول المساعدات إلى القطاع المحاصر، لتخضع لآلية التدقيق والمراجعة من قبل السلطات الإسرائيلية.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أمس، أن إسرائيل قررت المضي قدماً في فتح معبر رفح بين غزة ومصر والسماح بنقل المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وذلك بعد إعادة جثث أربع رهائن. وأضافت إن إسرائيل ألغت إجراءات كانت تعتزم اتخاذها ضد حركة حماس تشمل عدم فتح معبر رفح وخفض عدد شاحنات المساعدات التي تدخل القطاع إلى النصف.
وجرى التعرف إلى هوية ثلاثة من الجثامين الأربعة الذين سلمتهم حماس مساء الثلاثاء في غزة، وأعلن الجيش الإسرائيلي، أن الجثمان الرابع لا يعود لرهينة إسرائيلي. وقال الجيش في بيان: بعد استكمال الفحوص في معهد الطب العدلي تبين أن الجثة الرابعة التي سلمتها حماس إلى إسرائيل أمس لا تتطابق مع أي من المختطفين الإسرائيليين، مطالباً حماس ببذل كافة الجهود لإعادة جثث جميع الرهائن الذين لقوا حتفهم.
وخلصت تحاليل الطب الشرعي، إلى أن ثلاثة جثامين تعود لأورييل باروخ، وإيتان ليفي، وتمير نمرودي، وهو جندي قُتل خلال احتجازه بداية الحرب بحسب الجيش الإسرائيلي بعد خطفه حياً من القاعدة التابعة لمديرية التنسيق والارتباط لقطاع غزة.
وأكد منتدى عائلات الرهائن، أن الجندي الذي وقع رهينة بيد حماس في سن 18 عاماً في القاعدة الواقعة على تخوم القطاع قرب معبر إيريز، قُتل في غارات نفذها الجيش الإسرائيلي على القطاع. ونشرت عائلات الرهائن الثلاث، رسائل على الشبكات الاجتماعية، إثر التعرف إلى رفات ذويهم.
وقال مصدر في حماس أن الجثة الرابعة «تعود لجندي إسرائيلي أُسر في عملية نفذتها كتائب القسام في مخيم جباليا في مايو 2024». وقال المصدر، إن عملية أسر الجندي وسحب جثمانه إلى أحد الأنفاق «تمت في اشتباك مباشر مع قوة إسرائيلية حاولت التوغل في المنطقة آنذاك».
بدوره، قال مسؤول أمني إسرائيلي: «يستمر دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم وغيره من المعابر بعد التفتيش الأمني الإسرائيلي. وذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن المساعدات التي جرى إدخالها أمس تشمل المواد الغذائية والإمدادات الطبية والوقود وغاز الطهي ومعدات لإصلاح البنية التحتية الحيوية».
وقال مصدران لرويترز، إن من المتوقع معاودة فتح معبر رفح للسماح بعبور الأشخاص اليوم الخميس مع عودة بعثة مراقبة تابعة للاتحاد الأوروبي للمعبر. ولم يحدد المصدران القيود التي ربما تُطبق على الراغبين في السفر. ولم يرد الجيش الإسرائيلي ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على طلب للتعليق.
جاهزية
على صعيد متصل، أعلنت السلطة الفلسطينية، جاهزيتها لتشغيل معبر رفح بين مصر وغزة من الجانب الفلسطيني، وعبرت في الوقت نفسه عن مخاوف بشأن من سيتحمل تكاليف إعادة إعمار القطاع. وقال محمد إشتية، المبعوث الخاص لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس: نحن الآن جاهزون للعمل من جديد، وقد أبلغنا جميع الأطراف باستعدادنا لتشغيل معبر رفح.
وأكد إشتية أن الاتفاق مع بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية لدعم السلطة الفلسطينية في إدارة معبر رفح بفاعلية لا يزال سارياً. وقال إشتية لصحفيين في جنيف خلال زيارة إلى سويسرا حيث التقى وزير خارجيتها إينياتسيو كاسيس: لسنا بحاجة إلى اتفاق جديد.. فهناك اتفاق بالفعل، وأعتقد أنه الآن في طور الترتيبات النهائية لوضعه موضع التنفيذ، معرباً عن قلقه إزاء كلفة إعادة إعمار غزة.
استلام رفات
في الأثناء، أعلنت وزارة الصحة في غزة، استلام رفات 45 فلسطينياً أعادتها إسرائيل بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين. وقالت الوزارة في بيان، إنها استلمت 45 جثماناً لقتلى تم الإفراج عنهم من قبل إسرائيل وبواسطة منظمة الصليب الأحمر، ليرتفع بذلك إجمالي عدد جثامين القتلى المستلمة إلى 90 جثماناً.
وأكدت الوزارة أن طواقمها الطبية تواصل التعامل مع الجثامين وفق الإجراءات الطبية والبروتوكولات المعتمدة، تمهيداً لاستكمال عمليات الفحص والتوثيق والتسليم للأُسر. وأكد مسؤولون في مستشفى ناصر، وصحفي من وكالة أسوشيتد برس في الموقع، وصول ثلاث سيارات تحمل الجثامين.
قتلى
ميدانياً، قُتل فلسطينيان في قصف إسرائيلي، أمس، استهدف حي الشجاعية شرقي مدينة غزة. ووفق وكالة الأنباء الفلسطينية، نُقل جثماناهما إلى مستشفى المعمداني، في وقتٍ دارت أنباء عن وجود عدد آخر من القتلى في المكان ذاته. وأشارت إلى اعتقال القوات الإسرائيلية تسعة فلسطينيين أثناء تفقدهم منازلهم في بلدة الفخاري شرقي خان يونس جنوبي القطاع، كما اعتقلت 15 آخرين في بلدة النصر شمال شرقي رفح.
انتهاكات
كما أعلن مركز حقوقي فلسطيني، أن القوات الإسرائيلية ارتكبت 36 انتهاكاً لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وقال مركز غزة لحقوق الإنسان، في بيان، إن فريقه الميداني وثق تنفيذ قوات الاحتلال 36 عملية قصف جوي ومدفعي وإطلاق نار منذ وقف إطلاق النار ظهر الجمعة الماضية. وأفاد المركز بأنه وثق قصف طائرات مسيرة إسرائيلية في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، وغارة مماثلة على بلدة الفخاري شرقي خانيونس، وأيضاً في جباليا ورفح.
وأشار إلى أن بقية الانتهاكات تمثلت في إطلاق نار وإطلاق قذائف مدفعية تركز أغلبها في شرقي القطاع وشماليه، واستهدفت الذين يحاولون تفقد منازلهم ومناطقهم السكنية. وبيّن المركز الحقوقي أن جميع الاستهدافات الإسرائيلية جاءت دون أي مبرر، وليس لها أي ضرورة عسكرية، ما يدلل على أنها تعكس محاولة إسرائيل إبقاء حالة الخوف والتوجس ومعادلة القتل والقصف تحت ذرائع مختلفة.
