العالم يدين اعتراض إسرائيل «أسطول الصمود»

زورق حربي إسرائيلي يقتاد سفينة من أسطول الصمود إلى ميناء أسدود بعد اعتراضها في عرض البحر
زورق حربي إسرائيلي يقتاد سفينة من أسطول الصمود إلى ميناء أسدود بعد اعتراضها في عرض البحر

لم تتردد إسرائيل أو يرمش لها جفن، كما اعتادت عند كل تعدٍ، في اعتراض أسطول الصمود، والذي كان مقصده قطاع غزة، وغايته إيصال المساعدات لسكان القطاع المحاصر، بينما ثار العالم في وجه تصعيدها، عبر إدانات غاضبة من عواصم عدة، بل وصل الأمر إلى استدعاء سفراء وطرد دبلوماسيين إسرائيليين.

واعترضت زوارق وسفن حربية إسرائيلية سبيل 40 قارباً مدنياً، تُقِل مساعدات ونشطاء أجانب، من بينهم الناشطة السويدية في مجال المناخ، غريتا تونبرج، أثناء توجهها إلى قطاع غزة، ما أثار إدانات واحتجاجات على مستوى العالم.

وأظهرت لقطات من كاميرات تنقل بثاً مباشراً من القوارب، جنوداً إسرائيليين بخوذات ونظارات رؤية ليلية، وهم يصعدون على ظهر القوارب، فيما تجمع الركاب بعضهم بجانب بعض، وهم يرتدون سترات النجاة وأيديهم مرفوعة.

وأظهر مقطع فيديو من وزارة الخارجية الإسرائيلية تونبرج، أبرز المشاركين في الأسطول، وهي تجلس على سطح قارب محاطة بجنود. ووفقاً لنظام تتبع لأسطول الصمود العالمي، وموقع الأسطول الإلكتروني على الإنترنت، تم إدراج 40 قارباً على أنه تم اعتراضه، أو يفترض اعتراضه.

ويعتقد أن قاربين آخرين يبحران، لكن أحدهما بدا ثابتاً. ومن المتوقع نقل القوارب التي تم اعتراضها ومن عليها إلى ميناء أسدود الإسرائيلي في البداية.

وقال شاهد، إنه شاهد وصول أحد القوارب للميناء. واتهمت النائبة الأوروبية الفرنسية، ريما حسن، المشاركة في الأسطول، إسرائيل، بتوقيف مئات الأشخاص بصورة غير قانونية وتعسفاً.

وبدأت النائبة الأوروبية بثاً مباشراً على إنستغرام، بعدما شهدت صعود عناصر البحرية الإسرائيلية إلى أحد القوارب، قبل أن ترمي هاتفها في المياه، بينما كانت البحرية تصعد إلى المركب الذي كانت على متنه.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية، عبر منصة «إكس» إنه سيتم ترحيل الناشطين إلى أوروبا، مضيفة أن أي قارب يقترب، فسيتم منعه من محاولة كسر الحصار.

بدورها، قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إن اعتراض إسرائيل سبيل قوارب المساعدات، يوسع نطاق حصارها غير القانوني للقطاع. وصرح الناطق باسم المفوضية، ثمين الخيطان:

يتعين على إسرائيل ضمان وصول إمدادات الأدوية والأغذية للسكان إلى الحد الكامل للوسائل المتاحة، أو ضمان وتسهيل برامج إغاثة إنسانية محايدة، لإيصال المساعدات بسرعة، ودون قيود، داعياً إسرائيل إلى احترام حقوق من احتجزتهم، ومنها الحق في الطعن على قانونية احتجازهم.

من جهتها، أدانت دولة قطر بشدة، اعتراض إسرائيل لأسطول الصمود العالمي، وعدّته انتهاكاً سافراً للقوانين الدولية، وتهديداً لحرية الملاحة والأمن البحري.

وشددت وزارة الخارجية، في بيان، على ضرورة ضمان سلامة جميع المشاركين في الأسطول، والإفراج عنهم فوراً، ودعت في الوقت ذاته إلى فتح تحقيق عاجل في الحادث، ومحاسبة المسؤولين عنه أمام العدالة.

وجددت الوزارة، دعوة دولة قطر للمجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية، والتصدي بحزم لانتهاكات إسرائيل المتواصلة للقانون الإنساني الدولي، وضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام، ودون عوائق، إلى كافة مناطق قطاع غزة.

إلى ذلك، ندد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، باعتراض إسرائيل أسطول الصمود، معتبراً أنه تصرف يدل مرة أخرى على وحشية إسرائيل. وقال أردوغان: هذا الهجوم للحكومة الإسرائيلية على مدنيين يبحرون في المياه الدولية، يظهر مرة أخرى الجنون الذي يحاول من خلاله قادتها إخفاء جرائمهم ضد الإنسانية في غزة، ويكشف مرة جديدة وحشية إسرائيل.

وجاء في بيان صادر عن النيابة العامة في إسطنبول، أن السلطات القضائية ستحقق في اعتقال 24 تركياً، بعد الهجوم على أسطول الصمود، مشيراً إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وأن السلطات ستحقق في حجز حرية واختطاف أو احتجاز وسائل نقل، والنهب، وإلحاق الأضرار المادية والتعذيب.

جريمة وانتهاك

على صعيد متصل، دعا رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامابوسا، إسرائيل، إلى الإفراج الفوري عن مواطني جنوب أفريقيا، وغيرهم ممن كانوا على متن أسطول الصمود العالمي، ومنهم حفيد نيلسون مانديلا، قائلاً إن اعتراض إسرائيل لسفن المساعدات المتجهة إلى غزة، يعد جريمة جسيمة، وانتهاكاً للقانون الدولي.

وقال رامابوسا في بيان، إن اعتراض أسطول الصمود العالمي جريمة جسيمة أخرى، ترتكبها إسرائيل ضد التضامن والمشاعر العالمية الهادفة إلى تخفيف المعاناة في غزة، وتعزيز السلام في المنطقة، موضحاً أن اعتراض القوات الإسرائيلية للأسطول في المياه الدولية، ينتهك أمراً قضائياً صادراً عن محكمة العدل الدولية، يقضي بالسماح بتدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق.

وأعربت وزارة الخارجية البريطانية، عن قلقها البالغ إزاء اعتراض إسرائيل للأسطول، مضيفة أنها أوضحت لإسرائيل ضرورة حل الوضع بشكل آمن. وقالت الوزارة في بيان:

نشعر بقلق بالغ، إزاء وضع أسطول الصمود، ونحن على اتصال بعائلات عدد من البريطانيين المشاركين فيه.. يجب تسليم المساعدات التي يحملها الأسطول إلى المنظمات الإنسانية على الأرض، لإيصالها بأمان إلى غزة.

استدعاء سفراء

في السياق، استدعت إسبانيا القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية في مدريد، إذ قال وزير الخارجية، خوسيه مانويل ألباريس: استدعيت القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية في مدريد، لافتاً إلى أن 65 إسبانياً كانوا على متن الأسطول.

وعلى غرار إسبانيا، أعلن وزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفو، أنه استدعى سفيرة إسرائيل، معتبراً أمام البرلمان البلجيكي، أن الطريقة التي اعترضوا فيها ومكان الاعتراض في المياه الدولية، أمر غير مقبول، ولهذا استدعيت السفيرة.

تحذير وتظاهرات

وفي فرنسا، قال وزير الخارجية، جان-نويل بارو، إن بلاده تدعو السلطات الإسرائيلية إلى ضمان سلامة المشاركين، وأن تكفل لهم حق الحماية القنصلية، وتسمح بعودتهم إلى فرنسا في أقرب وقت. وفي إيطاليا، تجمع مئات المتظاهرين في روما ونابولي، للاحتجاج على اعتراض الأسطول.

وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية، إن برلين حضت إسرائيل على ضمان سلامة كل من هم على متن قوارب أسطول الصمود العالمي، مضيفاً: نتواصل مع الحكومة الإسرائيلية، ودعوناها للوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، والتصرف بشكل متناسب مع الموقف، دعونا أيضاً إلى ضمان حماية كل من هم على متن القوارب. وذكر أن السفارة الألمانية في إسرائيل، تحاول التواصل مع الألمان المشاركين في الأسطول.

إدانات ودعوات

وأدان رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، بشدة، الهجوم على أسطول الصمود العالمي. وأعرب شريف عن قلقه بشأن المعتقلين، قائلاً: نأمل وندعو من أجل سلامة جميع الذين اعتقلتهم القوات الإسرائيلية بصورة غير قانونية، وندعو إلى إطلاق سراحهم فوراً.. لقد كانت جريمتهم هي نقل مساعدات للشعب الفلسطيني البائس.. يجب أن تنتهي هذه الوحشية.. يجب أن يتم منح فرصة للسلام، ويجب أن تصل المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.

وقال رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم، إن فريقه يعمل مع أصحاب المصالح، بما في ذلك قنوات دبلوماسية، لضمان إطلاق سراح النشطاء على متن أسطول الصمود العالمي.

وأدانت وزارة الخارجية، الأفعال العدوانية من جانب القوات الإسرائيلية ضد الأسطول، داعية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الطاقم، بما في ذلك 12 ماليزياً، وتوصيل المساعدات الإنسانية لغزة دون عوائق.

طرد دبلوماسيين

في الأثناء، أعلن الرئيس الكولومبي، غوستافو بيترو، أنه أمر بطرد كل أفراد البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية المتبقين في البلاد، على خلفية اعتراض أسطول الصمود. وقال بيترو، إن إسرائيل احتجزت امرأتين كولومبيتين، أثناء إبحارهما في المياه الدولية، مطالباً إياها بإطلاق سراحهما فوراً.

وشدد بيترو، في بيان، على رفضه أي عمل يمس بالسلامة الجسدية للمواطنين الكولومبيين في الخارج، أو حريتهم، أو بحقوق الإنسان، كاشفاً عن قراره إلغاء اتفاقية التجارة الحرّة مع إسرائيل على الفور. كما دانت البرازيل اعتراض الأسطول، إذ قالت وزارة الخارجية، في بيان، إن البرازيل تدين العمل العسكري الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية، والذي ينتهك حقوق متظاهرين سلميين، ويعرّض سلامتهم الجسدية للخطر. وأضاف البيان: مسؤولية سلامة الموقوفين، تقع الآن على إسرائيل.