غزة.. آمال تسوية وتقاذف حمم!

الكل ينتظر الحل الضائع بين الميدان الملتهب في طول قطاع غزة وعرضه والمسودات والمقترحات القادمة من واشنطن، في ظل مخاوف فلسطينية من أن تكون أسوأ الكوابيس على الأبواب. هكذا بدا المشهد في غزة.. ومنها، مع روائح الدخان والبارود، فاحت الآمال بوقف الحرب، واستيلاد حل يوقف الكارثة الإنسانية، التي تفاقمت بوتيرة متسارعة، لكن سرعان ما لفحتها مبادرة سياسية من البيت الأبيض، ومقترح تريد واشنطن تمريره، متوعدة حركة حماس القبول أو الحرب الطاحنة.

في غزة، التي لم تعد شاشات الفضائيات تتسع لصور المجازر والأهوال القادمة منها، ينتظر السكان على الجمر حلاً سياسياً يوقف الحرب الدامية، ويتمسكون بأهداب الأمل، كأنهم يريدون الإمساك، ولو بطرف خيط، في مسار إنهاء مأساتهم.

من قمة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، حملت الخطة الترهيب والوعيد لحركة حماس، في حال عدم الجنوح للحل، الذي قبل به نتانياهو، معتبراً أنه يحقق أهم أهدافه بتحرير الرهائن، وتجريد حماس من سلاحها، ولم يعد ينقصه سوى موافقة الحركة، وإلا فرصاصة الرحمة جاهزة، كما يتوعد.

وفي مقابل الضخ الأمريكي لأجواء التفاؤل، يبرز استشعار حركة حماس بإمكانية التراجع في استراتيجية رفض المقترح الأمريكي، لأن الـ «لا» ينتظرها سرب من الصواريخ والمسيرات والمقاتلات، ستنهمر على النازحين الجوعى في غزة.

انتهت الحرب، وحركة حماس ستوافق على الخطة الأمريكية، بحسبانها تحقق لها هدفين أساسيين: وقف الحرب، والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، هكذا علق المحلل السياسي محمـد دراغمة، موضحاً أن الحركة ستكون مستعدة لتجرع الكؤوس المرة، ومنها الابتعاد عن الحكم في غزة، وقبول الإشراف الدولي، والتخلص من السلاح الهجومي، وإبعاد عدد رمزي من قادتها إلى الخارج.

ويرى دراغمة أن قبول الدول العربية والإسلامية الثماني للخطة الأمريكية، يشكل مسوغاً للحركة، كي تقول نقبل ما يقبل به العرب والمسلمون، مشدداً على أن نتنياهو قبل الخطة، ويعتبر أنه حقق هدف الحرب في إبعاد الحركة عن الحكم، وتجريدها من السلاح، وفرض ترتيبات أمنية دائمة، تمنع نشوء قوى مسلحة ومعامل عسكرية وتدريبات وحفر أنفاق.

سببان

وتابع: أمريكا فرضت الخطة على إسرائيل لسببين، الأول أن الحرب لم تعد تحقق لإسرائيل أي هدف، بل تسبب لها المزيد من العزلة، والثاني، بعد تعرضها لضغوط من الدول العربية والإسلامية الثماني المؤثرة، التي اجتمعت مع الرئيس ترامب، وقدمت له طلباً واحداً، وهو وقف الحرب. ومما رشح لـ «البيان»، فإن حركة حماس تقبل بالخطة الأمريكية، في حال إيضاح وتعديل نقاط عدة، أهمها وضوح الوقف التام للحرب، مع ضمانات بعدم عودة الغارات، وتحديد جدول زمني واضح للانسحاب الإسرائيلي، والتفريق بين السلاحين الهجومي والدفاعي.

مطالب

وتطالب حماس بأن تكون الإدارة الفلسطينية هي المسؤولة عن إعادة بناء غزة، وليس فقط المجلس الدولي من يقرر السياسات، وأن يكون إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين وفق جدول الانسحاب، لتفادي توقف الانسحاب بعد إطلاق سراحهم، تحت ذرائع مختلفة، مطالبة في ذات الوقت بدور أساسي للسلطة الفلسطينية في العملية التفاوضية القادمة، لأن الأمر يتعلق بمستقبل القضية، من وجهة نظرها. ووفق مراقبين، لن تستطيع حركة حماس رفض الخطة الأمريكية، لكنها ستطالب بوضوح تام لنقاطها، خاصة ما يتعلق بوقف الحرب، والانسحاب الإسرائيلي، وتعديل نقاط أخرى، مثل الحكم والسلاح. واللافت، أن هذه التطورات ترافقت مع اشتعال كبير في الميدان، إذ لم تحجب أجواء التفاؤل في واشنطن، الغارات التي استمرت بحق النازحين والمدنيين العزل، وهذا ضغط إضافي على حماس، وفق مراقبين.