الأوروبيون يفشلون في اتخاذ موقف ضد تل أبيب بشأن غزة

تصاعد الدخان إثر غارة جوية إسرائيلية بحي الشيخ رضوان في مدينة غزة
تصاعد الدخان إثر غارة جوية إسرائيلية بحي الشيخ رضوان في مدينة غزة

تفرقت كلمة الأوروبيين بشأن غزة بين من يرون ضرورة فرض عقوبات على إسرائيل، ومن يرفضون اتخاذ أي إجراء ضد تل أبيب في الوقت الراهن، وبينما شددت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على استحالة تنفيذ عملية إجلاء جماعية لسكان القطاع بشكل آمن، أميط اللثام عن توجه إسرائيلي لإبطاء أو وقف وصول المساعدات الإنسانية قريباً.

وانقسم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أمس، بشدة حول الحرب في قطاع غزة، إذ دعا البعض إلى ممارسة التكتل ضغوطاً اقتصادية قوية على إسرائيل، بينما أوضح آخرون أنهم غير مستعدين للذهاب إلى هذا الحد.

وقالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، لدى وصولها لحضور اجتماع مع الوزراء في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن: إننا منقسمون حول هذه القضية.. إذا لم يكن لدينا صوت موحد حول هذا الموضوع، فلن يكون لنا صوت على الساحة العالمية، لذلك فإنها بالتأكيد معضلة كبيرة.

وأضافت كالاس، أنها ليست متفائلة كثيراً بأن الوزراء يمكن أن يتفقوا حتى على اقتراح وصفته بأنه متساهل لأنه أقل صرامة من الخيارات الأخرى والذي يقضي بالحد من وصول إسرائيل إلى برنامج لتمويل الأبحاث تابع للاتحاد الأوروبي.

وأعلن وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، خلال الاجتماع أن برلين لن توافق في الوقت الراهن على مقترح المفوضية الأوروبية بفرض عقوبات على إسرائيل على خلفية الوضع الإنساني الكارثي في ​​قطاع غزة.

وقال فاديفول: إن التعليق المقترح للتعاون مع إسرائيل في إطار برنامج تمويل الأبحاث هورايزون يوروب، هو إجراء لن يكون له على الأرجح أي تأثير على عملية صنع القرار السياسي، أو على العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، موضحاً أن ألمانيا لذلك غير مقتنعة تماماً بهذه المقترحات.

مضيفاً: بدلاً من ذلك، تفرض قيوداً على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، أعتقد أن هذا إجراء محدد الهدف، وهو بالغ الأهمية والضرورة، هذا الإجراء يمس تحديداً التدخل العسكري، والتعاون العلمي مفيد.

في المقابل، قال وزير الخارجية الأيرلندي، سايمون هاريس: إذا لم يتصرف الاتحاد الأوروبي بشكل جماعي الآن ويفرض عقوبات على إسرائيل، فمتى سيفعل؟ ما الذي يمكن أن يتطلبه الأمر أكثر من ذلك؟ إن الأطفال يتضورون جوعاً.

وقال وزير الخارجية الدنماركي، لارس لوكه راسموسن، إن إسرائيل تقوض حالياً حل الدولتين من خلال إجراءاتها في غزة. وأضاف للصحفيين عقب اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في كوبنهاجن: إسرائيل تقوض حالياً حل الدولتين.

ترحيب خليجي

إلى ذلك، رحب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم محمد البديوي، بالبيان الصادر أول من أمس عن وزراء خارجية آيسلندا وإيرلندا ولوكسمبورغ والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا، الذي أدان الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وإعلان القوات الإسرائيلية عن وجود دائم في مدينة غزة.

وشدد الأمين العام، في بيان، على ضرورة أن يضطلع المجتمع الدولي بجميع دوله ومؤسساته، بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية لوقف الانتهاكات الخطيرة والوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لافتاً إلى أن هذه الانتهاكات تؤكد خرق القوات الإسرائيلية جميع القوانين والمعاهدات الدولية والأممية التي أقرها المجتمع الدولي للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

وجدد البديوي، التأكيد على الموقف الثابت والدائم لمجلس التعاون في التصدي لهذه الانتهاكات، ووقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة وسائر الأراضي الفلسطينية.

على صعيد متصل، شددت مصر على ضرورة اتخاذ الأوروبيين خطوات محددة وفعالة لدفع إسرائيل نحو التجاوب مع المقترح المطروح لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وعرض وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي مع نظيرته اللاتفية، بايبا برازي، جهود مصر الحثيثة الرامية إلى إنهاء المعاناة في غزة وضمان نفاذ المساعدات، لافتاً إلى التدهور الحاد في الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة، والمجاعة التي يواجهها أكثر من مليوني فلسطيني، مؤكداً أهمية اضطلاع المجتمع الدولي، بمسؤولياته لوقف الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين، ودفعها للتوقف عن التوسع في عملياتها العسكرية، والتوقف فوراً عن استخدام التجويع كسلاح، وأشار عبد العاطي، إلى آليات الاتحاد الأوروبي التي يمكن تفعيلها.

استحالة إجلاء

في الأثناء، نددت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميريانا سبولياريتش، بخطط إسرائيل لإخلاء مدينة غزة من سكانها تمهيداً للسيطرة العسكرية عليها، مؤكدة أنه من المستحيل تنفيذ عملية إجلاء جماعية بصورة آمنة.

وقالت سبولياريتش في بيان: من المستحيل تنفيذ إجلاء جماعي لسكان مدينة غزة بطريقة آمنة وكريمة في ظل الظروف الحالية، واصفة خطط الإجلاء بأنها ليست غير قابلة للتنفيذ فحسب بل لا يمكن فهمها.

وأضافت: عملية إجلاء كهذه ستؤدي إلى حركة انتقال سكان هائلة لا يمكن لأي منطقة في قطاع غزة استيعابها، نظراً إلى حجم الدمار اللاحق بالمنشآت المدنية والنقص الحاد في الأغذية والمياه والملاجئ والرعاية الطبية.

وجددت سبولياريتش الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات على نطاق واسع إلى القطاع الفلسطيني، مطالبة حماس بتحرير الرهائن المتبقين.

وحذرت من أن أي تصعيد إضافي للنزاع لن يؤدي سوى إلى مزيد من القتلى والدمار والنزوح.

وقف مساعدات

وذكر مسؤول أن إسرائيل ستبطئ أو توقف قريباً وصول المساعدات الإنسانية إلى أجزاء من شمال غزة.

وقال المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: إن إسرائيل ستوقف عمليات الإنزال الجوي على مدينة غزة في الأيام المقبلة وستقلص وصول شاحنات المساعدات إلى الجزء الشمالي من القطاع، فيما تستعد لإجلاء مئات الآلاف من السكان إلى الجنوب.

وفيات جوع

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، أمس، تسجيل 10 حالات وفاة جديدة، بينهم 3 أطفال بسبب المجاعة وسوء التغذية في القطاع خلال الـ 24 ساعة الماضية.

وقالت الوزارة في بيان: يرتفع بذلك عدد ضحايا المجاعة إلى 332 وفاة من بينهم 124 طفلاً.

كما قتل 33 فلسطينياً وأصيب آخرون، منذ فجر أمس، في غارات إسرائيلية مستمرة على قطاع غزة. وأفادت وكالة الصحافة الفلسطينية، بمقتل 12 فلسطينياً وإصابة آخرين، جراء استهداف طائرات إسرائيلية تجمعاً لخيام النازحين بحي النصر غربي مدينة غزة.

وأضافت أن 4 فلسطينيين قتلوا وأصيب آخرون في قصف إسرائيلي على حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة.

وأفاد مستشفى العودة بوصول جثث 3 قتلى باستهداف إسرائيل منزل بمخيم النصيرات وسط القطاع.