هدنة غزة دونها أشواك وشكوك

فتى يجلس وسط الدمار في القطاع
فتى يجلس وسط الدمار في القطاع

في غمرة الحديث عن اجتياح كبير لقطاع غزة، وتعثر مفاوضات وقف إطلاق النار، وتراجع عمليات الإغاثة للجوعى والمحاصرين، يتعاظم العجز عن مجاراة آلة الحرب، رغم الجهود التي يبذلها الوسطاء ورعاة العملية السياسية.

الخطوة الإسرائيلية تجلى عنوانها في زيادة الضغط العسكري، بينما يسابق الوسطاء الزمن، من خلال تقديم مقترحات جديدة لوقف الحرب، والانسحاب الإسرائيلي من غزة، مقابل تبادل الأسرى الإسرائيليين مع عدد يجري الاتفاق بشأنه من الأسرى الفلسطينيين، بينما يتم نزع السلاح من حركة حماس ووضعه تحت إشراف الوسطاء، مع إبعاد عدد من قادة الجناح العسكري للحركة، وإقامة لجنة إدارية مهنية، بإسناد جهاز شرطي، والشروع بإعادة إعمار ما دمرته الحرب.

المعطيات آنفة الذكر، تضع غزة بين «الحرب واللا حرب» لكن الدولاب الدموي في القطاع، لا يزال يفتك بالمدنيين، بل ويزداد شراسة، موقعاً المزيد من الضحايا، تارة بفعل القصف والتدمير، وأخرى بحرب التجويع والتعطيش.

من الدوحة والقاهرة، انتقلت عدسات وأقلام الصحافيين سريعاً، إلى غزة وتل أبيب، مع تهديدات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو بتوسيع الحرب، التي تسارعت دون منح «وقت إضافي» للوسطاء للمراكمة على التقدم الذي تحقق أواخر يوليو الماضي، لدرجة بدت الصفقة في حينه في متناول اليد، بعد أن تضاءلت فجوات الخلاف، واقترب الاتفاق كثيراً من التوقيع.

برأي الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، تتأرجح المعطيات بين إبرام صفقة أو الاتجاه نحو التصعيد العسكري، وعلى الفلسطينيين الاستعداد لكل الاحتمالات، موضحاً: «صحيح أن نتانياهو يميل نحو التصعيد وتوسيع رقعة الحرب، لكنه يخشى من ارتدادات هذا الخيار، أكان على مستوى معارضة الجيش الإسرائيلي، الذي يدرك أن أي اجتياح جديد سوف يستنزف المزيد من الوقت لتحقيق الأهداف، أو على مستوى تصاعد العزلة الدولية والغضب على إسرائيل، وتزايد احتمالات فرض عقوبات عليها».

بينما نبّه الباحث المختص في الشأن السياسي محمـد التميمي إلى أن المعلومات في الدوحة وواشنطن، تفيد بحراك دبلوماسي جديد، لكنه موصول بمطبات وعراقيل إسرائيلية، الأمر الذي ينطوي عليه مخاوف من أن تفشل الجهود السياسية قبل أن تستأنف، مضيفاً: «هنالك شكوك من النخب السياسية من إمكانية نجاح هذه المساعي».

وفيما يبحث الوسطاء مقترحات جديدة لإنهاء الحرب، لا تزال آلة القتل تفتك بالغزيين الباحثين عن قوت أسرهم وأطفالهم، وتتربص بهم الدوائر، ولا تتردد في الإجهاز عليهم والنيل منهم، فهل ينجح الوسطاء في لجم الحرب وإطفاء الحريق؟.. أم أن إسرائيل تضمر إصراراً على المضي في مخطط الاجتياح الكبير، لدرجة أصبحت تنظر لأي مبادرة سياسية على أنها «خرق» لأهدافها، أو خطر في طور التشكّل لمخططاتها؟

الجواب عند الجيش الإسرائيلي، الذي بدأ بوضع الخطط للسيطرة على غزة، من خلال تجنيد 6 فرق، قوامها 250 ألف جندي، وصيانة الآليات الثقيلة، والتحضير لإجبار السكان الفلسطينيين على النزوح جنوباً نحو رفح، وعليه ستظل اختراقات الجهود السياسية من وجهة نظر مراقبين، شبه مستحيلة، أو ممكنة بمعجزة.