أعلن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي الموافقة على خطة جديدة تهدف إلى السيطرة الكاملة على مدينة غزة. هذه الخطة التي أعلن عنها رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو تأتي بعد أكثر من عامين من الحرب المستمرة والدمار الهائل الذي لحق بقطاع غزة.
ووافق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي ليل الخميس الجمعة على خطة طرحها رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو هدفها "السيطرة" على مدينة غزة في شمال القطاع المحاصر الذي يعاني أزمة انسانية حادة ودمارا هائلا بعد 22 شهرا من الحرب.
وأفاد مكتب رئيس الوزراء بأن الجيش الإسرائيلي "يستعدّ للسيطرة على مدينة غزة مع توزيع مساعدات إنسانية على السكّان المدنيين خارج مناطق القتال".
وأضاف في بيان أنّ "مجلس الوزراء الأمني أقرّ، في تصويت بالأغلبية، خمسة مبادئ لإنهاء الحرب هي: نزع سلاح حماس؛ إعادة جميع الأسرى - أحياء وأمواتا؛ نزع سلاح قطاع غزة؛ السيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة؛ إقامة إدارة مدنية بديلة لا تتبع لا لحماس ولا للسلطة الفلسطينية".
وأكّد أنّ "أغلبية ساحقة من وزراء الحكومة اعتبروا أنّ الخطة البديلة" التي عُرضت على الكابينت للنظر فيها "لن تهزم حماس ولن تعيد الأسرى"، من دون مزيد من التفاصيل.
ويحتل الجيش الإسرائيلي حاليا أو ينفذ عمليات برية في حوالى 75 في المئة من مساحة غزة، ويقود معظم عملياته من نقاط ثابتة في القطاع أو انطلاقا من مواقعه على امتداد الحدود. وينفذ الجيش قصفا جويا ومدفعيا متواصلا في مختلف أنحاء القطاع بشكل يومي.
وألحقت الحرب التي اندلعت عقب هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، دمارا هائلا في مختلف أنحاء القطاع، ودفعت سكانه الذين يناهز عددهم 2,4 مليون شخص، الى النزوح مرة واحدة على الأقل، بحسب الأمم المتحدة التي تحذّر في الآونة الأخيرة، كما العديد من المنظمات الانسانية، من خطر المجاعة في القطاع.
"لن يكون نزهة"
وأتى القرار الإسرائيلي بعد ساعات من تأكيد نتانياهو عزمه السيطرة على القطاع من دون "حكمه".
وقال رئيس الوزراء لشبكة فوكس نيوز الأميركية ردا على سؤال عما إذا كانت بلاده تنوي السيطرة على كامل القطاع "نعتزم ذلك"، مضيفا "لا نريد الاحتفاظ (بغزة). نريد إقامة منطقة أمنية لكننا لا نريد حكمها".
ورأت حركة "حماس " أنّ ما طرحه نتانياهو "من مخططات لتوسيع العدوان على غزة يؤكّد أنه يسعى فعليا للتخلّص من أسراه والتضحية بهم، من أجل مصالحه الشخصية وأجنداته الأيديولوجية المتطرّفة".
واعتبرت أن "هذه التصريحات تمثّل انقلاباً صريحاً على مسار المفاوضات" مشددة على أن "أي توسيع للعدوان على شعبنا لن يكون نزهة، بل سيكون ثمنه باهظا ومكلفا على الاحتلال وجيشه".
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية نقلت في الأيام الماضية عن مسؤولين مقربين من رئيس الوزراء، عزمه على توسيع نطاق العملية العسكرية لتشمل مناطق مكتظة يُعتقد بوجود الرهائن فيها مثل مدينة غزة ومخيمات اللاجئين في المناطق الوسطى، في عملية ستستغرق أشهرا وستتطلب استدعاء قوات احتياط.
وأشارت التقارير الى أن احتلال كامل مساحة القطاع كان يلقى رفض رئيس أركان الجيش إيال زامير الذي قال إن ذلك هو كمن "يسير بقدميه نحو فخ"، وعرض في اجتماع حضره نتانياهو خيارات أخرى.
لكن وزير الدفاع يسرائيل كاتس أكد أن الجيش ملزم تنفيذ أي قرارات تتخذها الحكومة في ما يتعلق بقطاع غزة.
"كارثة انسانية أكبر"
تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطا متزايدة لإنهاء الحرب مع تزايد القلق دوليا من الأزمة الإنسانية الحادة في القطاع، والغضب في أوساط الإسرائيليين بشأن مصير الرهائن المتبقين.
ومن أصل 251 رهينة احتجزوا خلال هجوم السابع من أكتوبر 2023، ما زال 49 داخل القطاع، بينهم 27 تقول إسرائيل إنهم لقوا حتفهم.
وأبحرت الخميس قوارب تقل عائلات الرهائن قبالة غزة للمطالبة بالإفراج عنهم، وفق صحافي في فرانس برس.
أما أهالي غزة، فعبّروا عن مخاوفهم من الحديث عن توسيع إسرائيل لعمليتها.
وناشدت النازحة أمل حمادة العالم التحرك "قبل أن نُمحى عن الوجود". وقالت الشابة البالغة 20 عاما لفرانس برس الخميس "إذا بدأت عملية برية جديدة فستكون كارثة إنسانية أكبر".
وأكدت حمادة، وهي نازحة من مدينة غزة دير البلح (وسط) "لم تعد لدينا طاقة للهروب أو النزوح أو حتى الصراخ".
في غضون ذلك، تواصلت الضربات الإسرائيلية موقعة عشرات القتلى.
وأكد المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لفرانس برس الخميس مقتل 35 شخصا على الأقل منذ الفجر بينهم ثمانية من منتظري المساعدات.
وارتفعت حدة الانتقادات الدولية لإسرائيل في الأسابيع الأخيرة نتيجة تواصل معاناة أكثر من مليوني فلسطيني في غزة، بعد تحذيرات الأمم المتحدة من مجاعة بدأت تتكشف في القطاع.
99 وفاة بسبب سوء التغذية
وأعلنت منظمة الصحة العالمية الخميس أن 99 شخصا لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية في قطاع غزة منذ بداية العام بينهم 29 طفلا دون الخامسة.
ورجح المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس "أن تكون هذه الأرقام أقل من العدد الفعلي".
وأطبقت إسرائيل في الثاني من مارس الماضي حصارها المفروض على القطاع، ومنعت دخول أي مساعدات أو سلع تجارية، ما تسبب بأزمة إنسانية.

