تشهد الرياض، اليوم، لقاءً عربياً ثمانياً بمشاركة دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى مصر والأردن، لبحث تداعيات حرب غزة، والخطط المطروحة بشأنها، وسط حالة من التفاؤل بشأن ما يمكن أن تخرج به، في ظل إجماع رافض لتهجير الفلسطينيين، وفي ظل تمسك واضح من أهل غزة بالبقاء فوق منازلهم المدمرة.
وبعد الجدل الذي أثارته دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير أهل غزة إلى مصر والأردن ودول أخرى، سيقدم العرب للولايات المتحدة وللعالم مشروعاً يعالج «اليوم التالي لحرب غزة» والقضية الفلسطينية. وسبق أن تحدثت مصر عن إنجازها ورقة عمل بشأن إعادة إعمار غزة، ومستقبل السلطة الحاكمة فيها.
ولم تعلن مصر بعد رسمياً تفاصيل خطتها. لكنّ دبلوماسياً مصرياً سابقاً تحدّث عن خطة من «ثلاث مراحل تنفّذ على فترة من ثلاث إلى خمس سنوات»، كما تحدثت تقارير عن عقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار مع بقاء أهل غزة على الأرض.
أما التقديرات المالية لكُلَف التعمير والإسكان فإنها تتجاوز 53 مليار دولار، بينها أكثر من 20 ملياراً خلال الأعوام الثلاثة الأولى.
الإنعاش المبكر
وأوضح السفير محمد حجازي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية بالقاهرة، أنّ «المرحلة الأولى هي مرحلة الإنعاش المبكر وتستمر ستة أشهر». وتشمل هذه المرحلة «إدخال معدات ثقيلة لإزالة الركام، ويتمّ تحديد ثلاث مناطق آمنة داخل القطاع يمكن نقل الفلسطينيين إليها».
وسيتم توفير منازل متنقلة مع استمرار تدفّق المساعدات الإنسانية خلال هذه المرحلة، بحسب حجازي، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري. وأضاف: «المرحلة الثانية (...) تتطلّب عقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار التي ستحصل مع بقاء السكان على الأرض».
كذلك، تتضمن «إعادة تدوير الأنقاض لاستخدامها كجزء من خرسانة البناء، وتشمل البدء في أعمال البنية التحتية... ثم بناء الوحدات السكنية، وتوفير الخدمات التعليمية والصحية».
وتتضمن المرحلة الثالثة من الخطة المصرية، وفق حجازي، «إطلاق مسار سياسي لتنفيذ حل الدولتين وحتى يكون هناك ضوء في نهاية النفق وحافز للتهدئة المستدامة».
وتعالج الخطة المصرية مسألة شائكة للغاية ألا وهي الإشراف بعد الحرب على قطاع غزة. وتلحظ الخطة المصرية تشكيل «إدارة فلسطينية غير منحازة لأي فصيل... (تضمّ) خبراء وتتبع سياسياً وقانونياً السلطة الوطنية الفلسطينية».
في المقابل، أفاد مصدر سعودي بأنّ المملكة العربية السعودية ترى أنّ «السلطة الفلسطينية» يجب أنّ تكون الجهة المسؤولة عن القطاع.
خطة للقبول
ويأتي هذا النقاش في وقت أوقفت واشنطن مساهمتها المالية في تشغيل قوات الأمن الفلسطينية، ما يضيف تعقيدات جديدة على المشهد الفلسطيني، لأن الأمر يتعلق بسلطة أنجبها اتفاق أوسلو وليس بهذا الفصيل أو ذاك.
وثمة تساؤل إن كان اللقاء العربي في الرياض سيفضي إلى اقتراح يحظى بموافقة واشنطن التي لا تستطيع أن تدير ظهرها للموقف العربي، في نهاية المطاف.
وتنقل وكالة فرانس برس عن الخبير في السياسة الخارجية السعودية بجامعة برمنغهام الإنجليزية عمر كريم «من المؤكد أن هذا اللقاء العربي سوف يكون الأكثر أهمية في ما يتصل بالعالم العربي الأوسع وقضية فلسطين منذ عقود»، حيث تعيد محاولات تهجير الفلسطينيين إليهم ذكريات نكبة عام 1948.
وأفاد مصدر سعودي بأنّ القادة العرب سيناقشون «خطة إعادة إعمار مضادة لخطة ترامب بشأن غزة». ونقلت «فرانس برس» عن مصدرين دبلوماسيين أنّ لقاء الرياض سيعقد خلف أبواب مغلقة. وأوضح مصدر أنّ «معظم قادة الدول المشاركة سيحضرون القمة، لكن بعضهم سيوفد ممثلين».
