انسحاب «شاس».. هل يضع حكومة نتانياهو في «الإنعاش»؟

بنيامين نتانياهو في «الكنيست» بجوار يسرائيل كاتس وإيتمار بن غفير
بنيامين نتانياهو في «الكنيست» بجوار يسرائيل كاتس وإيتمار بن غفير

في تطور لافت يُنذر بتصدّع ائتلاف بنيامين نتانياهو، أعلن وزراء حزب «شاس» المتشدد في إسرائيل استقالتهم من الحكومة أمس، احتجاجاً على فشلها في تمرير قانون يعفي المتدينين من الخدمة العسكرية، لكنهم أكدوا مواصلة دعم الائتلاف الحاكم.

وجاءت هذه الخطوة بعد يومين من انسحاب حزب «يهدوت هتوراة» للسبب ذاته. وأدى انسحاب «يهدوت هتوراة» إلى بقاء ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو مع 60 مقعداً في البرلمان المؤلف من 120 مقعداً، الأمر الذي أفقده الغالبية البرلمانية وأضعف قدرته على تمرير القوانين.

وفي حال قرر حزب شاس الانسحاب من الائتلاف، يبقى نتانياهو على رأس حكومة مدعومة من 49 مقعداً فقط. وأعلن «شاس» أنه لن يدعم أي تصويت بحجب الثقة لإسقاط الحكومة.

ويأتي انسحاب «شاس» بعد يومين فقط من خطوة مماثلة أقدم عليها حزب «يهدوت هتوراة» احتجاجاً على قرار المحكمة العليا إلغاء الإعفاء التقليدي لطلاب المدارس الدينية (الحريديم) من الخدمة العسكرية الإلزامية.

ومع خروج الحزبين، اللذين يمثلان القاعدة الدينية الصلبة لليمين، بات نتانياهو محاصراً سياسياً في واحدة من أكثر اللحظات هشاشة خلال مسيرته السياسية الممتدة.

منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023، تمكّن نتانياهو من الحفاظ على تماسك حكومته رغم الانقسامات الداخلية واتهامات داخلية له بالمسؤولية عن الإخفاقات العسكرية.

لكن ملف تجنيد الحريديم ظلّ قنبلة موقوتة انفجرت مؤخراً بعد أن ألزمت المحكمة العليا الحكومة بإدماج طلاب المدارس الدينية في الجيش، وهو ما رفضته الأحزاب الدينية بشدة.

قرار انسحاب «شاس» من الحكومة، مع عدم التصويت بحجب الثقة عنها، يعني مؤقتاً على الأقل، أن نتانياهو ما زال يحظى بأغلبية ضئيلة في الكنيست، (61 مقعداً من أصل 120)، لكن هذا القرار قد يصبح تهديداً بتفكك الائتلاف بالكامل، مع تزايد الحديث عن استقالات فردية محتملة من حزب «الليكود» نفسه.

ويجري نتانياهو اتصالات حثيثة مع زعيم «شاس» أرييه درعي، ومع قيادات «يهودوت هتوراة»، أملاً في التوصل إلى «صيغة تأجيل» تُبقي الحكومة على قيد الحياة، ولو بالتنفس الاصطناعي.

لكن حتى لو تم التوصل إلى تفاهم جزئي، فإن صورة الحكومة باتت مهزوزة إلى حد كبير، وبات استمرارها مرهوناً باتفاقات ظرفية تحت سقف الاستقرار السياسي.

هجوم مضاد

في المقابل، ترى المعارضة في هذه التطورات فرصة ذهبية لإسقاط حكومة نتانياهو، حيث سارع زعيم المعارضة بيني غانتس إلى الدعوة لجلسة طارئة في «الكنيست» لطرح الثقة بالحكومة، مطالباً بانتخابات مبكرة.

وتشير التقديرات الأولية إلى أن قوى المعارضة قد تتمكن من كسب بعض الأصوات من داخل الليكود نفسه، خاصة من التيار الذي يرى في استمرار الحكومة الحالية عبئًا على الحزب وسمعته.

لكن لا تزال الخيارات مفتوحة أمام نتانياهو الذي أجاد لعبة التوازنات الداخلية، ما جعله الأكثر بقاء في رئاسة الحكومة بإسرائيل منذ إنشائها قبل أكثر سبعين سنة. وقد يلجأ إلى تشكيل حكومة أقلية تستند إلى دعم غير رسمي من الخارج، أو يسعى لإعادة دمج الحريديم عبر تسويات دقيقة.

لكن المؤكد أن حكومة نتانياهو تعيش في غرفة «الإنعاش السياسي»، وأن انسحاب «شاس» يمثل الحدّ الفاصل بين أغلبية مريحة وواقع سياسي فيه كل السيناريوهات ممكنة، من التمديد المؤقت إلى انتخابات مبكرة قد تُفضي إلى مشهد سياسي جديد.